واصلت الولاياتالمتحدةوفرنسا، رأسا الحربة في الدعوة إلى توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، الاتصالات المكثفة داخليا وخارجيا لشرح مبررات موقفيهما، في حين كررت موسكو موقفها المطالب ب"أدلة مقنعة" على استخدام الكيميائي، وأكدت دمشق أنها ليست في وارد تغيير موقفها تحت وطأة التهديد بضربة. من استوكهولم قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم، إن "مصداقية" المجتمع الدولي على المحك بشأن سوريا، وإنه "لا يمكن أن يبقى صامتا" بعد الهجوم باستخدام أسلحة كيميائية الذي يتهم النظام السوري بشنه الشهر الماضي على مناطق في ريف دمشق. وصرح أوباما في مؤتمر صحفي عقده في ستوكهولم مع رئيس الوزراء السويدي فريديريك ريفليدت "لقد ناقشت بالطبع العنف الفظيع الذي يعاني منه السوريون على أيدي نظام الأسد، والذي يتضمن اللجوء المرعب إلى الأسلحة الكيميائية قبل نحو أسبوعين". وأضاف الرئيس الأميركي "رئيس الوزراء وأنا متفقان على أنه في مواجهة مثل هذه الهمجية لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتا". وأوضح أن "الإخفاق في الرد على هذا الهجوم لن يؤدي سوى إلى زيادة خطر وقوع مزيد من الهجمات، وكذلك زيادة احتمال استخدام دول أخرى لهذه الأسلحة". وبدعوة من رئيس الوزراء السويدي سيتناول أوباما العشاء مع الرئيس الفنلندي ورؤساء حكومات النروج والدنمارك وأيسلندا، وسيكون هذا اللقاء أيضا مناسبة لطرح الموضوع السوري. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فطالب ب"أدلة مقنعة" باستخدام محتمل للأسلحة الكيميائية في سوريا، لكنه اعتمد نبرة أكثر مهادنة بإزاء الغرب عشية استضافته قمة مجموعة العشرين. فقد شدد في تصريح صحفي على أنه في حال ثبوت الجهة التي تقف خلف الهجوم الكيميائي، فإن موسكو ستتحرك "باكبر حزم ممكن". إلا أنه أكد بالمقابل أن موافقة الكونغرس على الضربة المحتملة تعني أنه "يسمح بعدوان، لأن كل ما يحدث خارج إطار مجلس الأمن الدولي هو عدوان إلا إذا كان حالة دفاع عن النفس". وفي باريس دافع رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك أيرولت، اليوم، أمام البرلمان الفرنسي عن ضرورة القيام بعمل عسكري دولي ضد سوريا، يمهد لحل سياسي يتضمن رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة. وقال أيرولت خلال نقاش من دون تصويت حول الأزمة السورية في الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس الشيوخ، أن هجوم الحادي والعشرين من أغسطس قرب دمشق "يشكل أوسع استخدام للسلاح الكيميائي وأفظعه في بداية هذا القرن". وتابع أيرولت "نعم، الحل للأزمة السورية سيكون سياسيا وليس عسكريا. ولكن علينا مواجهة الواقع: إذا لم نضع حدا لمثل هذه التصرفات من النظام، لن يكون هناك حل سياسي". وتابع "نعم، نحن نريد رحيله (الرئيس السوري) في إطار حل سياسي". ووسط هذه الدعوات المتصاعدة من الغرب لشن حملة عسكرية على سوريا أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن سوريا لن تغير موقفها تحت وطأة التلويح الغربي بشن ضربة عسكرية ضدها وأن أدى ذلك "إلى حرب عالمية ثالثة". وقال المقداد "لن تغير الحكومة السورية موقفها ولو شنت حرب عالمية ثالثة. لا يمكن لأي سوري التنازل عن سيادة واستقلال سوريا". وأضاف المقداد أن "الولاياتالمتحدة تقوم الآن بحشد حلفائها للعدوان على سوريا واعتقد بالمقابل أن من حق سوريا أن تحشد حلفاءها ليقوموا بدعمها بمختلف أشكال الدعم" من دون أن يحدد كيف سيكون هذا الدعم. وأوضح "إن إيران وروسيا وجنوب إفريقيا والصين ودولا عربية كثيرة رفضت هذا العدوان وهي على استعداد لأن تقوم ضد هذه الحرب التي ستعلنها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها، بما في ذلك فرنسا، على سوريا". واعتبر أن موقف فرنسا "مخجل" وأن باريس "تخضع" للولايات المتحدة. ودعا رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اليوم، الولاياتالمتحدة إلى التحرك ضد النظام السوري، مبديا تخوفه من "هجمات جديدة بالأسلحة الكيميائية يشنها النظام" السوري إذا لم يكن هناك رد فعل. وقال كاميرون أمام البرلمان إن الرئيس الأميركي باراك أوباما "وضع خطا أحمر شديد الوضوح هو أنه في حال هجوم واسع النطاق بالأسلحة الكيميائية يجب القيام بشيء ما". وأضاف "اليوم نعلم بأن النظام (السوري) استخدم أسلحة كيميائية 14 مرة على الأقل في الماضي". وأفاد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "سي إس إي" لحساب شبكة "بي اف ام تي في" بأن نحو ثلاثة أرباع الفرنسيين (74 %) يريدون إجراء تصويت في البرلمان على اي مشاركة فرنسية في عملية عسكرية محتملة على سوريا. وناشد رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام البرلمانيين الفرنسيين رفض أي "عمل إجرامي متهور" بحق سوريا، في إشارة إلى ضربة عسكرية غربية محتملة ضد بلاده ردا على هجوم مفترض بالأسلحة الكيميائية قرب دمشق. ووصل أوباما اليوم إلى ستوكهولم، المحطة الأولى من زيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى أوروبا، سيسعى خلالها لضم المزيد من الشركاء إلى سياسته حيال سوريا. وسيلتقي نظيريه الفرنسي والصيني ورئيس الوزراء الياباني ومن غير المرتقب أن يعقد لقاء ثنائيا مع بوتين. وبهدف إقناع المترددين في الكونغرس تمت صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الشيوخ الأميركي يحصر مدة التدخل المحتمل بستين يوما مع احتمال تمديده إلى 90 يوما، ويمنع الرئيس من نشر جنود بهدف "القيام بأعمال قتالية". وقد تصوت لجنة في مجلس الشيوخ على النص الجديد مساء اليوم. وأفاد تقرير أصدره اليوم "التحالف حول الأسلحة الانشطارية" الذي يضم 350 منظمة من المجتمع المدني في أكثر من 90 بلدا، أن الحكومة السورية تعمد إلى "استخدام كثيف" للأسلحة الانشطارية منذ منتصف 2012.