أصبحت المنافسة بين سيدات القصور الحاكمة فى العالم خلال السنوات الأخيرة على أشدها مع التطور الهائل لوسائل الإعلام الاجتماعية، لا سيما مثل "فيسبوك" و"تويتر"، ليشتد التنافس الخفى شيئا فشيئا سعيا لصورة إعلامية براقة لعائلة الحاكم ككل، أو سعيا للتنافس بين سيدات تغيرت حياتهن تماما بعد أن كن بعيدات عن الضوء وربما يمررن بأوقات صعبة فى حياتهن على غرار سيدة الولاياتالمتحدة الأولى ميشيل أوباما إلى نجوم تسلط عليهن الأضواء يوميا، ويهتم الجميع بنقل كل صغيرة وكبيرة فى حياتهن. أصبح المظهر العام والاهتمام به تحت أى ظرف أولوية لا يمكن الاستغناء عنها، وهنا بدأت تعقد المقارنات بين أناقة كل واحدة منهن والأخرى ليظهر من وراء الكواليس مصممى أزياء يتقاضون الملايين ويصعدون إلى سماء الشهرة بسبب تصميمهم لأزياء سيدات قصور السياسة فى العالم، فمن هم هؤلاء المصممون؟ وكيف يتم اختيارهم؟ وما دورهم فى الصورة العامة لهؤلاء السيدات؟ يسمع العالم طوال الوقت عن أناقة كارلا ساركوزى لكنه لا يعلم أن عرشها كسيدة بارزة على الساحة السياسية العالمية بجوار زوجها الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى تراجع كثيرا منذ ظهور زوجة رئيس الوزراء البريطانى ثامانتا كاميرون، التى تعد واحدة من قلائل سيدات قصور الحكم فى العالم اللاتى يهتممن بعالم الموضة بشكل كبير، حيث تحضر بشكل شخصى مناسبات الموضة المختلفة وتقوم برعاية أبرز مصممى الأزياء الشباب فى بريطانيا، كما افتتحت مؤخرًا أسبوع الموضة فى لندن واحدًا من أهم أحداث الموضة عبر العام على الإطلاق. صعدت ثامنتا بنجم مصمم شاب إلى عنان السماء، ليصبح واحدًا من رموز الموضة الإنجليزية الذين يشار إليهم بالبنان، وهو المصمم أوسمان يوسف زادة، الذى حصل على جائزة أليكساندر ماكوين فى تصميم الأزياء ليدخل بعدها تحت رعاية السيدة الأولى، التى ارتدت ملابس قمة فى الأناقة صممها بنفسه لتزداد شهرته يوما بعد الآخر بسبب صناعة أكدت الصحافة البريطانية أنها تدر نحو 37 مليار جنيه إسترلينى على بريطانيا سنويا. لم يكن هذا كل شىء، فقد عملت ثامنتا على إظهار نفسها كنجمة الموضة الأولى فى بلادها حيث نصبت العام الماضى سفيرة لأكاديمية الموضة البريطانية لتصبح راعية رسمية للموضة البريطانية وهو ما جاء فى بعض الأحيان بنتائج عكسية حيث فتحت محررة مجلة "فوج" أليكساندرا شولمان النار عليها، مشيرا إلى أن على زوجة رئيس الوزراء تفسير التغيير الكامل فى حياتها من سيدة ترتدى ملابس بسيطة فى الغالب رياضية أنيقة إلى سيدة ترتدى فساتين يصل ثمنها إلى آلاف الجنيهات الإسترلينية، متسائلة ما إذا كانت الحكومة البريطانية برئاسة زوجها تدفع ما ترتديه ثامانتا من ملابس باهظة الثمن لكى تحافظ على صورتها أمام العالم كسيدة أولى أكثر أناقة من غيرها؟ سبق ظهور زوجة رئيس الوزراء البريطانى الحالى ديفيد كاميرون انبهار الجمهور البريطانى العادى بزوجة الرئيس الفرنسى السابق كارلا ساركوزى، وهو ما أكده استطلاع أجرته صحيفة "جارديان" البريطانية قبل أعوام، والذى أظهر أن كثيرًا من البريطانيين يتمنون سيدة أولى فى أناقة كارلا وشخصيتها. لم تبحث كارلا عن من تدعمه بين خطوط الموضة الفرنسية، فالسيدة الأولى السابقة كانت أبرز من يرتدى أزياء "كريستيان ديور"، بل هى أفضل من ارتدته على الإطلاق خلال السنوات الماضية، وليس ديور فقط هو من يتباهى بارتداء كارلا أفضل ما أبدعه مصمميه، فكارلا تألقت فى العديد من الموديلات المبهرة لشانيل وسانت لوران لتكون داعمة قوية لأقوى بيوت الأزياء وأعرقها فى فرنسا والعالم. أما ميشيل أوباما الأكثر شعبية فى العالم فهى نموذج واضح لدعم مصممى الأزياء فى الولاياتالمتحدة وبقوة, فمنذ دخولها إلى البيت الأبيض مع بدايات عام 2008 فرضت نفسها كشخصية عالمية أنيقة تدعم زوجها رئيس أقوى دولة فى العالم. تختار ميشيل دائما ألوانًا مناسبة لها تظهر الجانب القوى فى شخصيتها، كما عرف عن ميشيل ميلها إلى بيوت أزياء بعينها مثل "فيرا وانج" و"توم فورد" و"رالف لورين" و"نعيم خان" إلى جانب اختيارها فى بعض الأحيان تصميمات لمصممين شباب بهدف دعمهم مثل "نارسيكو رودريجز" و"إيزابيل توليدو" و"جاسون وو". يبرز في البلاد العرية نموذجان بارزان على الساحة هما الملكة رانيا العبد الله زوجة العاهل الأردني، وأسماء الأسد زوجة الرئيس السورى بشار الأسد الذى يواجه الآن عاصفة قد تطيح بحكمه الديكتاتورى قريبا بعد أن ثار عليه شعبه، وهو ما أثر سلبا على واحدة من أكثر الوجوه العامة المحبوبة فى قصور الحكم، ليس فقط فى العالم العربى بل العالم أجمع. لقبت مجلة فوج أسماء الأسد فى تحقيق سابق عنها قبل الثورة السورية بوردة الصحراء، "فهى الفتاة بريطانية المنشأ التى تعلمت فى لندن المتفتحة المعروفة بأناقتها وذوقها الرفيع جعلها رمزا للموضة, وتعرف أسماء بارتدائها أزياء من "كريستيان لوبوتين"، وهو ما كان يجعلها الوجة المشرق لنظام ديكتاتورى كان الكثير يصرف الطرف عن هذا النظام بوجود أسماء، إلا أن تلك الصورة انقلبت مائة وثمانين درجة بعد ممارسات نظام زوجها القمعية العنيفة تجاه الاحتجاجات. وتحولت السيدة الأنيقة بين ليلة وضحاها إلى زوجة الديكتاتور، بخاصة بعد الرسالة التى أرسلتها أسماء إلى "تايمز" اللندنية، والتى أشارت فيها إلى دعمها لزوجها, ظهرت أسماء الأسد ثلاث مرات بعد الاحتجاجات بجوار بشار فى رسالة دعم ضمنى له وخلال هذا الظهور لا تستطيع أن تقول أن أناقتها تراجعت، لكنها أصبحت أكثر عملية فى طريقة ملابسها وكأن الظروف التى تمر بها البلاد والضغط على نظام حكم زوجها أثرا عليها كثيرا. أصبحت أسماء تميل للملابس الداكنة التى لا تتميز بأى تفاصيل، فقط رداء أنيق هادئ يعكس حالة الصمت التى تعيش فيها ضد انتهاكات نظام زوجها الوحشية تجاه الشعب السورى كما قال أحد الكتاب البريطانيين. الملكه رانيا العبد الله هي النموذج الاكثر بعدًا عن حاله التناقض، حيث تساهم في الكثير من المشروعات الحقيقية بمجتمعها، ويشير المصمم المصري هشام أبو العلا إلى أن "الملكه رانيا نموذج مثالي للمرأة العربية في طريقة ملبسها التي تتسم بالذوق الرفيع والعصرية"، مضيفا أن المصمم الإيطالي الكبير جورج أرماني هو واحد من أبرز من يصمم أزياء الملكه رانيا. ويضيف أبو العلا أن "زوجه جمال مبارك خديجه الجمال كانت إحدى أبرز زبائني قبل أن ترتبط بجمال، فاتجهت للشراء من بيوت أزياء خارج مصر لا سيما اللبناني إيلي صعب"، مشيرًا إلى أنها نموذج للأناقه بكل المقاييس، لكنها تنتمي لنفس فكر زوجه بشار الأسد التي تصر علي دعم زوجها مهما كان يفعل، وفي نفس الوقت تعيش بفكرها المتطور العصري في تناقض واضح.