أثناء فترة التكليف تجد نفسك فجأة وأنت طبيب حديث التخرج مسئولاً عن وحدة صحية بكل ما فيها من موظفين وتمورجية وممرضين وصيدلية وتنظيم أسرة ومعمل وميزانية وتذاكر وأجهزة وضبط وربط وتسجيل مواليد ووفيات وتسنين.. إلخ، باختصار أنت رئيس جمهورية هذه الوحدة الصحية التى هى بالطبع لا تنتمى للوحدة ولا هى صحية! وبرغم أنك تتحكم فى ملاليم هزيلة وخرابة مهجورة لكنك فى النهاية أمام مسئولية جسيمة وخطيرة وأكبر من قدراتك التى خرجت بها من الدار للنار، ولكى تكون على مستوى المسئولية كان لا بد أن تشخط وتنطر حتى تظهر فى صورة الدكتور الدكر، الكل كان حلالاً فيه الشخط ومباحاً فيه النطر إلا شخصاً واحداً اسمه بيومى!، تمرجى لا يفعل شيئاً فى حياته إلا الجلوس على كرسى أمام الوحدة وشرب الجوزة والخناق مع المرضى وفرض الإتاوات عليهم والبلطجة على خلق الله، وعندما حاولت ردعه ثار وكأن عفريتاً قد تلبّسه وأخذ يحطم فى محتويات الوحدة الصحية، وعندما كتبت شكوى للمديرية حفظوا الشكوى، وعندما أخذنى الفضول وسألت حفاظاً على ماء وجهى أمام الموظفين وما تبقى لى من أشلاء كرامه قال لى الجميع من أصغر عامل حتى وكيل الوزارة: «ما تاخدش على بيومى أصل ده معاه شهادة معاملة أطفال، يعمل اللى هو عايزه وما يقدرش حد يحاسبه، إوعى تقرب منه وافتكر دايماً إن معاه شهادة معاملة أطفال»!! ومع الوقت ومرور الزمن اكتشفت أن بيومى ليس موجوداً فى الوحدة الصحية فقط ولكنه فى كل الوحدات الصحية وفى المديرية وفى الوزارة نفسها، بل هناك بيومى قابع ساكن فى كل مؤسسة مصرية يفعل ما يشاء من موبقات وجرائم وتجاوزات محتمياً بمظلة شهادة معاملة الأطفال التى اكتشفت فيما بعد أنها شهادة وهمية وأن هذا المصطلح غير موجود فى الطب النفسى أساساً! الإخوان هم بيومى هذا العصر! وحال الإخوان فى المجتمع المصرى مثل حال بيومى فى الوحدة الصحية، يدمرون ويحرقون ويخربون ويسحلون ويخونون ويذبحون ويعتصمون ويشاغبون ومغفور لهم لأنهم ببساطة معاهم شهادة معاملة مؤمنين وأنهم بتوع ربنا وغيرهم بتاتيع الشيطان! معاهم شهادة أنهم الإسلام وما عداهم الكفر والضلال، معاهم شهادة معاملة فرقة ناجية! وعلينا نحن الشعب المصرى الكافر الذى لم يصل بعد لنور الهداية الإخوانية وجنة الشفاعة البلتاجية العريانية البديعية أن يحتمل صابراً، بل عليه أن يتصالح مع هذا الوضع البيومى الإخوانى ويجرى مهرولاً يبوس القدم ويبدى الندم على غلطته فى حق هذه الجماعة الربانية التى مرسيها المنتظر إمام نبينا فى الصلاة يهبط له جبريل فى رابعة وتهتز لعزله الكعبة والسموات السبع! دعاة التصالح يقولون فى الصحف والفضائيات كما كان يقول لى عمال الوحدة الصحية: إوعوا تقربوا من الإخوان دول مبروكين ومعاهم شهادة معاملة إخوان، ويظل كل منهم يكرر تلك النغمة لدرجة أنك قد تتوقع أن من كتب ضدهم جملة ناقدة أو عبارة ناقمة ذات يوم سيستيقظ وهو يصرخ: لقد شُلّت يدى! وعندما تعييهم الحيل ويخذلهم ويخجلهم الإخوان بأفعالهم الإجرامية وبأدمغتهم المتحجرة وبعدم الرغبة أصلاً فى أى مصالحة أو تقديم تنازلات يخرج عليك دعاة المصالحة بآخر ما فى جعبة وقبّعة الحاوى الاستراتيجى الأمريكانى وهو سؤال يظنونه مفحماً: «وحنعمل إيه فيهم، دول برضه عدد وقوة؟»، وكأن المفروض والطبيعى أن نرضخ للبلطجى لأنه يمتلك عضلات مفتولة وصبية مجرمين وعصابة منظمة لا قلب لها! هل الحل هو تلبية طلبات ذلك البلطجى والهرولة إليه حيث مقر عصابته ومغارة أسلحته والبكاء أسفل قدميه طالبين السماح يا أهل السماح؟ رحم الله بيومى الذى عاش بيننا مهدداً إيانا بشهادة معاملة الأطفال الوهمية، ولكن هل سيرحمنا الله ممن يتاجرون باسمه ويدّعون أنهم يحملون شهادة معاملة أنصاف آلهة صادرة من السماء؟!