يسعى الرئيس السوري بشار الأسد إلى تقديم صورة الزعيم الهادئ والمستعد لمواجهة التحدي الأكبر منذ تسلمه السلطة قبل 14 عاما، مع تزايد الاستعدادات الغربية لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، من شأن حصولها أن يعزز موقع المعارضة في النزاع المستمر منذ أكثر من عامين. وقال رجل أعمال سوري على اتصال بأوساط قيادية في البلاد، إن "كل شيء هادئ في قصر الرئاسة، والعمل يسلك مساره الطبيعي. لا أثر لعصبية أو توتر. كذلك الأمر بالنسبة لقيادة الجيش، الذي سيقاتل حتى النهاية"، مضيفا: "يواصل الرئيس عمله بشكل طبيعي ويجتمع بمستشاريه، ولا تبدو عليه آثار التعب أو التوتر أو الضغط". وأكد الأسد (47 عاما) الذي ورث الحكم عن والده بعد وفاة شقيقه باسل، مرات عديدة منذ بدء النزاع، تصميمه على المواجهة والبقاء في منصبه، على الأقل حتى انتهاء ولايته عام 2014. وقال دبلوماسي أوروبي يتنقل غالبا بين بيروتودمشق، إن "الرئيس يؤكد لمحدثيه براءته من الاتهامات الموجهة إليه"، في إشارة إلى تأكيد المعارضة السورية ودول غربية مسؤولية النظام عن هجوم بالأسلحة الكيماوية، تقول إنه استهدف مناطق في ريف دمشق في 21 أغسطس. وأضاف: "بالنسبة له، التهديدات بضربات تنفذها دول غربية دليل على أن الأمر يتعلق بمؤامرة دولية بالتنسيق مع إسرائيل"، مشيرا إلى أن الأسد "سيلعب على الوتر الوطني والتعبوي عبر التشديد على العدوان الغربي على العالم العربي، وتقديم نفسه كضحية". ولم يتردد الأسد، طبيب العيون الذي تخصص وعمل لبعض الوقت في بريطانيا، وبرز في أول عهده كرجل منفتح يسعى لتحديث المؤسسات، في مواجهة ما بدأ كحركة احتجاج سلمية مطالبة بإسقاط النظام في منتصف مارس 2011، بالقمع والقتل، ما تسبب بعد أشهر في عسكرة الانتفاضة وتحولها إلى نزاع دامٍ حصد حتى الآن أكثر من مائة ألف قتيل، بحسب الأممالمتحدة. ويقول رجل الأعمال السوري إن الأسد تغير، ولم يعد ذلك "الرجل المتردد الخجول الذي يضحك بارتباك، كما بدا في أول خطاب له بعد الأزمة في نهاية مارس 2011. اليوم هو واثق من نفسه، وأداؤه أكثر إقناعا". وقال الدبلوماسي الهولندي نيكولاوس فان دام، واضع كتاب "المعركة على السلطة في سوريا: طائفية وإقليمية وقبلية في السياسة 1961-1994"، في تعليق له: "يبدو الأسد قائدا أكثر بكثير مما كان عليه من قبل، حتى لو أنه غير قادر على التحرك من دون دعم الجهاز العسكري والأمني". وبين المقربين من الأسد الذين لا يزالون يتمتعون بثقته، شقيقه الأصغر ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة المؤلفة من قوات خاصة، وزوجته أسماء، وخاله وابن خاله رجلا الأعمال محمد ورامي مخلوف، والمسؤول الأمني في دمشق حافظ مخلوف، الذين ينتمون جميعا إلى الطائفة العلوية، باستثناء أسماء السنية. وبين المقربين أيضا درزيان، هما وزير شؤون الرئاسة منصور عزام، والإعلامية السابقة لونا شبل، التي تشغل منصبا مهما في القصر، بالإضافة إلى اللواء حسام سكر (علوي) المستشار الرئاسي لشؤون الأمن، وضابطين سابقين في الاستخبارات (سنيان)؛ هما اللواء علي مملوك واللواء رستم غزالة. ويؤكد محلل مطلع على الوضع السوري رفض كشف هويته، أن الأسد "يستمع إلى مستشاريه، لكنه يأخذ قراراته وحده". ويقول خبير آخر في الشؤون السورية رفض أيضا كشف اسمه، إن الأسد "ورث برودة أعصاب والده، لكنه إن كان فعلا أعطى أمرا باستخدام أسلحة كيماوية، فهذا يعني أنه لم يرث حكمته". وأوضحت امرأة تلتقي الأسد وزوجته من وقت لآخر أن "حياتهما طبيعية إلى حد بعيد"، مضيفة أن أسماء "تهتم كثيرا ببناء متحف للأطفال في وسط دمشق، والزوجان يمضيان الكثير من الوقت مع أولادهما". وأضافت: "التغيير الوحيد خلال الأسابيع الماضية يكمن في أنهما لا ينامان غالبا في المكان نفسه"، مضيفة: "أعتقد أن التدابير الوقائية ازدادت اليوم مع التهديدات، ولو أن الغربيين قالوا إن الهدف ليس الإطاحة بالرئيس".