أوهموا البسطاء من أبناء الشعب بأن التصويت ب«نعم» هو الطريق إلى الجنة وأن التصويت ب«لا» يعنى هجر الإسلام، يمارس الإخوان المسلمون سياسات من شأنها تنفير الشعب منهم، ومن شأنها -وهذا الأخطر- الإساءة إلى ديننا الإسلامى العظيم. فالثابت يقيناً أن الدين الإسلامى الحنيف الذى جاء به رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم حمل بين طياته وتعليماته قوانين عدة عملت على نشره فى شتى أرجاء الأرض، ونذكر والذكرى تنفع المؤمنين بقوله سبحانه: {وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السّيئَةُ ادْفَعْ بِالّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]، وقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالتِى هِى أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ منَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكّلْ عَلَى الله إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَوَكّلِينَ} [آل عمران: 159]. والموعظة الحسنة هى التى تدخل القلب برفق، وتعمق المشاعر بلطف لا بالزجر والتأنيب. والدعوة إلى سلوك الطريق الأحسن فى مقام الجدل والصراع الفكرى، هى دعوة قرآنية تخاطب كل مجال من مجالات الصراع فى الحياة وتتصل بكل علاقة من علاقات الإنسان بأخيه الإنسان. فالأصل فى العلاقة بين بنى الإنسان بصرف النظر عن اتجاهاتهم الأيديولوجية والفكرية، هو الرحمة والإحسان والبر والقسط وتجنب الإيذاء أو التسفيه من آراء الآخرين. والآن.. أين جماعة الإخوان المسلمين وحزبهم حزب الحرية والعدالة من كل ذلك؟ توهم الكثير منهم أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة واستغلوا الدين السماوى الحنيف فى أغراض سياسية ودنيوية، رأينا ذلك فى استفتاء 19 مارس وكيف أنهم أوهموا البسطاء من أبناء الشعب بأن التصويت ب«نعم» هو الطريق إلى الجنة وأن التصويت ب«لا» يعنى هجر الإسلام وإضعافه، وتكرر المشهد فى الانتخابات البرلمانية حتى تحولت إلى انتخابات طائفية، واتهموا الليبراليين ومن يدعون للدولة المدنية بالكفر والزندقة وبأنهم أعوان الشيطان، وهذا إثم لو يعلمون عظيم. ووصل بهم الأمر إلى تخوين كل من يختلف معهم فى الرأى، فالمناضل أبوالعز الحريرى أصبح عميلاً والنائب حمدى الفخرانى أُهين وضُرب فى مجلس الدولة وأصبح فلولاً، وذات الأمر بالنسبة للنائب عاطف المغاورى نائب حزب التجمع والناشط الحقوقى نجاد البرعى والمستشارة الجليلة تهانى الجبالى، وكل ذنب هؤلاء أنهم اختلفوا معهم فى الرأى. ونسأل: هل هذه هى المجادلة بالتى هى أحسن؟ هل هذا هو الدين اللين الذى اتصف به رسولنا الكريم، الذى من المفترض أن يكون لهم أسوة حسنة؟ وهل ما تشهده المحاكم التى تنظر قضايا قانونية تتعلق بالدستور والقانون وصحة مجلس الشعب من حشود وهتافات ضد من يحكمون بين الناس بالعدل من أخلاق الإسلام والمسلمين؟ وهل ما نراه من تسفيه لآراء المعارضين بل ووصف الأحكام بأنها مزورة واتهام القضاء المصرى الشامخ بالتواطؤ والخنوع للمجلس العسكرى من شيم المسلمين؟ أين التسامح واللين والشورى التى أمرنا بها القرآن الكريم والدين الإسلامى العظيم؟ وهل تربية شباب الإخوان على رفض الرأى الآخر والتعامل مع المخالفين بالسب والقذف والضرب إذا لزم الأمر مما أوصانا به رسولنا الكريم وقرآننا العظيم؟ ألا تذكرون تحذير المولى عز وجل لرسوله الكريم أن يمارس التبليغ بروح السيطرة والاستعلاء بقوله تعالى:{فَذَكِّرْ إِنّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر} [الغاشية: 22]، وقوله تعالى لنبيه الكريم: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]؟ ومن هنا فإن هناك فرقاً بين الإسلام والمسلمين وبالتأكيد هناك فارق شاسع بين الإخوان والمسلمين. وأخيراً فإن القوة مهما كانت درجتها ونوعها لن تنسجم مع طبيعة الرسالة الإسلامية، ما دامت القوة تعنى محاصرة العقل وفرض الفكر أو الرأى.