قبل أن يلملم يونيو الماضى أوراقه انتهى حكم حمد بن خليفة قبل أن يسقط الإخوان فى مصر، وظن البعض أن الحبل السرى بين مكتب الإرشاد وديوان الإمارة قد انقطع.. تحققت نبوءة الفلكى اللبنانى الشهير مايك فغالى التى أطلقها وهو يستطلع القادم فى 2013 عندما أعلنها صراحة أن التاريخ سيعيد نفسه مع الأمير حمد بن خليفة الذى انقلب على والده وأن قطر ستشهد أميراً جديداً، وبالفعل أصبح الشيخ تميم بن حمد أميراً لقطر.. فى أجواء صورها الديوان الملكى مدعوماً من قناته الملاكى «الجزيرة» بأنها أجواء سلسة، بينما كانت أحاديث النميمة العالمية تشير إلى انقلاب أبيض فى الدوحة. أسابيع قليلة مرت على تولى الأمير تميم المتجاوز الثلاثين بأربعة فى عمره.. والمتجاوز أخاه الشيخ جاسم بن حمد فى ولاية العهد عندما تنازل له فى أغسطس من العام 2003.. والسائر سياسياً على درب أبيه فى التجاوز السياسى مع مصر. انطلقت ثورة مصر الكبرى فى الثلاثين من يونيو بينما كان الأمير يحبو على عرش الإمارة الصغيرة التى تحتضن قاعدة «العِديد» العسكرية الأمريكية والتى يصنفها الخبراء بأنها أكبر مخزن استراتيجى للأسلحة الأمريكية فى المنطقة، اعتبرت واشنطن أن «الدوحة» أكثر أمانة ووداعة عليه من حليفتها المركزية فى الشرق الأوسط «تل أبيب» تلك القاعدة المحصنة والتى تعرف فى معجم العربية ب«الطابية». ظهر الأمير تميم فى البداية بشكل المتحفظ عن الدخول فى اشتباك مع «مصر يونيو» بعدما سقط تابع دولته «محمد مرسى» وكانت المواقف القطرية تخرج خجولة مختبئة خلف تصريحات مصدر بالخارجية القطرية وبالتوازى مع ذلك لم يتحفظ على استمرار «الجزيرة» فى مخطط هدم مصر الذى فشل فيه أبوه عام 2008 إبان حرب غزة وخرج ليقول «حسبى الله ونعم الوكيل» بعدما أجهضت مصر كل تحركاته. وبالأمس القريب خرج وزير خارجيته «خالد العطية» بموقف يمثل «شذوذاً» عن مواقف دول مجلس التعاون الخليجى والذى تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة، ليعلن فى أى المواقع تقف بلاده وفى أى المعسكرات تواجه مصر، قائلاً «نصحنا من بيده الأمر فى مصر بأن استخدام القوة فى فض الاعتصامات لن يجدى نفعاً، وكانت هناك إمكانية لحل المشكلة سياسياً وليس أمنياً، لكنهم ارتأوا أن يكون العلاج أمنياً بامتياز ومواجهة الاعتصامات بالعنف» وأن التغيير جرى فى مصر بالقوة وهذا ما يقلقهم. ومع تصريحات العطية وأداء «الجزيرة» انكشف منهج الأمير تميم بعدما راهن البعض على جرأة الأمير الشاب فى إعادة تموضع قطر خليجياً وعربياً، إلا أن الشيخ تميم الذى تلقى تعليمه فى بريطانيا وتخرج فى أكاديمية ساندهيرست العسكرية الإنجليزية المرموقة بات مختزلاً معانى العسكرية والاستراتيجية التى تعلمها فى أن يظل مجرد «أمير طابية».
