رفض وكيل الأزهر الشريف «عباس شومان» تكفير منفذى حادث مسجد «الروضة» بزعم أن «مؤسسة الأزهر لا يمكنها تكفير الجماعات المتطرفة، فالأزهر امتنع عن إصدار أى أحكام لأن ذلك يفتح أبواباً لا يمكن غلقها»!. وقال فى مداخلة هاتفية مع الإعلامى «سيد على»، فى برنامج «حضرة المواطن»، إنه «يمكن الحكم على تلك الحالة بأن مرتكبها ليس من المسلمين لأن هذا لا يقوم به مسلم، وهؤلاء لا يوصفون إلا بأنهم كلاب مسعورة، لكن الحكم على جماعات لا نعرفها ليس بإمكان الأزهر»! إنه الأزهر نفسه الذى امتنع عن تكفير تنظيم «داعش» الإرهابى، وأطلق رجاله لتكفير المبدعين والمفكرين والمجتهدين، ومطاردتهم بدعاوى «الحسبة» وقانون «ازدراء الأديان»! إنه الأزهر الذى كفّر «الشيعة»، وأصدر بياناً يصف فيه أفكار الدكتور «سعد الدين هلالى» بأنها «أفكار منحرفة» لأنه قال إن «المذهب الشيعى مذهب إسلامى صحيح»، استناداً إلى فتوى الشيخ «محمود شلتوت» شيخ الأزهر الراحل.. كما أحال الدكتور «أحمد كريمة» إلى التحقيق لأنه سافر إلى «إيران»! هل تعرفون الآن «منبع التكفير»؟.. هل تعرفون لماذا قامت الجماعات السلفية التكفيرية بقتل أهالى قرية «الروضة»، واستباحوا حرمة المساجد، وحفروا على جدرانها علامات الرصاص الأعمى، ولوّنوا الحياة بلون دماء الشهداء الزكية؟.. لأنهم ببساطة يكفّرون أنصار «الطرق الصوفية».. فهل يقف وكيل الأزهر فى نفس خندق السفاحين الذين أطلقوا نيرانهم على المصلين أثناء صلاة الجمعة، ليسقط نحو 305 شهداء، و128 مصاباً، حتى الآن؟ لقد وصف الدكتور «ضياء رشوان»، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، الحادث الإرهابى الذى وقع فى مسجد قرية «الروضة»، التابعة لمركز بئر العبد بشمال سيناء بأنه «أقرب إلى التطهير العرقى» لأنه تم استهداف مجموعة من الناس بسبب طريقتهم فى العبادة، وهى «الطريقة الصوفية»، وقال إن الإرهابيين قتلوا المصلين فى المساجد، وطاردوا الفارين منهم إلى بيوتهم وقتلوهم فيها بعد اقتحامها. إنها إذن عملية «إبادة» للطريقة الصوفية التى يحاربها التيار التكفيرى وعلى رأسه «السلفيون»، هؤلاء الذين تحتضنهم الدولة وتسمح لهم بإنشاء «أحزاب دينية» خلافاً للدستور، وتغض الطرف عن منابرهم المنتشرة على الإنترنت، وتصم الآذان عن فتاواهم التكفيرية المدمرة للوطن، كما يسمح «المجلس الأعلى للإعلام» حتى الآن بظهور رموزهم على الفضائيات ينشرون التطرف ويثيرون «الفتنة المذهبية».. بعد أن تمكنوا من غسل عقول البسطاء وتفريغها من صحيح الإسلام وزرع «تكفير الأقباط» فيها! خلف هذه «المذبحة» أفكار تكفيرية يتاجر بها البعض، على رأس هؤلاء «وليد إسماعيل»، مؤسس ائتلاف الصحب وآل البيت، الذى اتهم قيادات الطرق الصوفية «علاء وعبدالحليم أبوالعزائم»، فى تصريحات خاصة ل«البوابة نيوز»، بالتشيع، وقال إن 90% من أبناء الطريقة العزمية يسيرون على منهاج التشيع.. وهو ما يعتبره قطعاً «كفر».. ولم يكتف «إسماعيل» بذلك، بل لام الطرق الصوفية بزعم أنها «تسير فى ركاب النظام السياسى»! اجتمع الأزهر والتيار السلفى على أن «الشيعة» كفرة، وأن الصوفية لصيقة بالشيعة وتروّج للتشيع.. هذا التشوش الذهنى والتعصب المذهبى لم تدركه عقول 27 طفلاً استشهدوا فى مسجد «الروضة»، ولم تعرفه قلوب النساء المتشحات بالسواد فى قرية «الروضة» من الأرامل والثكالى. الوحيد الذى خرج من مقبرة تكفير الطرق الصوفية المظلمة كان مفتى الديار المصرية، الدكتور «شوقى علام»، فأدان مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية الهجوم الإرهابى الغادر الذى استهدف المصلين بمسجد الروضة، ولفت المرصد إلى أن «استهداف مسجد الروضة بالتحديد يكشف عن تصعيد جديد من قبَل التنظيمات الإرهابية ضد «التيارات الصوفية» فى سيناء، خاصة وأن تلك التنظيمات ترى فى الطرق الصوفية تهديداً خطيراً لها ولمعتقداتها التى تحاول نشرها فى القبائل التى فى سيناء إلا أنها تواجه مواجهة قوية من قبَل الصوفية هناك، والذين يتخذون مواقف ويتبنون أفكاراً تناقض وتهاجم أفكار التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة وغيرها.. يضاف إلى ذلك تكاتف القبائل السيناوية ومساندتها لقوات الجيش والشرطة فى حربها ضد معاقل الإرهاب وعناصره التى تختبئ هنا وهناك». ما زال فى هذا الوطن «عقلاء» يدركون معنى الوسطية وسماحة الإسلام، يؤمنون ب«حرية العقيدة»، يعترفون بالمذهب الشيعى ويحبون «آل البيت» والطرق الصوفية التى تحتفى بهم.. دون خلط متعمد لإدانتهم وطعنهم فى عقيدتهم. فهل نحن الآن بحاجة إلى فتوى من شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» بتكفير «داعش»، أو التنظيمات الإرهابية التى استهدفت قرية «الروضة» لتصفية الطريقة الصوفية؟! لا أعتقد!. نحن نخوض حربنا ضد الإرهاب دون «مرجعية دينية» تثبت موقف الجيش والشرطة وتيار الاستنارة، حرباً يبارك فيها بعض رجال الدين سفك الدماء فى الكنائس والمساجد.. ويكتفى الأزهر بالشجب والإدانة.. لأنه -قطعاً- لن يكفر «ابن تيمية» ولن يخالف كتب التراث التى يقدسها! دعونا نصطف فى صلاة الجنازة دون «إمام».. ونتعبد دون «فقيه».. فلسنا بحاجة لعبارات إنشائية عن حرمة دور العبادة التى يُستثنى منها الكنائس.. وجريمة «الإفساد فى الأرض» يعاقب عليها القانون.. وهو ما يجب أن نطبقه فى عصر «الجاهلية الحديثة»!.