الشعبة: ضخ كميات من الخضروات بسعر التكلفة بمنافذ التموين الاثنين المقبل    سعر الدولار مقابل الجنيه ينخفض في 7 بنوك خلال أسبوع    موعد تغيير الساعة في مصر وتطبيق التوقيت الشتوي 2024: «اضبط ساعتك»    إسرائيل تتعهد بإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    "اليونيسيف": مقتل وإصابة 4700 شخص جراء الضربات الإسرائيلية على لبنان منذ الإثنين الماضي    "تغيير مكان الإقامة وتحذير من كولر".. كواليس معسكر الأهلي قبل مواجهة الزمالك    ضبط 349 قضية مخدرات في 24 ساعة.. الداخلية تواصل حملاتها لمواجهة البلطجة    مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، تعرف على أعضاء لجنة تحكيم مسابقة عصام السيد    تعرض والدة ريم البارودي لحادث سير ونقلها لغرفة العمليات    حظ سيئ ومصائب تطارد برج الجدي في أكتوبر.. اتبع هذه النصائح للنجاة    "الصحة" تستعرض أمام "الأمم المتحدة" جهود مقاومة مضادات الميكروبات    صالون «التنسيقية» يناقش «الدعم النقدي أفضل أم العيني».. الأحد    شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر.. بث مباشر    باحث سياسي: إسرائيل تكرر جرائم غزة في قصف لبنان    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    «أعمال السنة أمر أساسي والبرمجة ستصبح لغة العالم».. تصريحات جديدة لوزير التعليم    طارق السعيد: عمر جابر الأفضل لمركز الظهير الأيسر أمام الأهلي    وزير الإسكان: حريصون على تعميق التعاون المشترك مع الشركات اليابانية في مجالات البنية الأساسية والمدن الذكية    مصرع طفلة صدمتها سيارة «ميكروباص» أمام منزلها في المنيا    غرق طفلين في مياه النيل بمنطقة أطفيح    مقتل ضابط شاب في اشتباكات مع عنصر اجرامى شديد الخطورة بأسوان    ظاهرة خطيرة.. «النقل» تناشد المواطنين المشاركة في التوعية من مخاطر «رشق القطارات»    محافظ كفر الشيخ يعلن إزالة 534 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    عالم أزهري: العديد من الآيات القرآنية تدل على أهمية العلم    علي الحجار نجم حفل وزارة الثقافة بمناسبة العيد ال51 لنصر أكتوبر المجيد    1.3 مليون جنيه إيرادات 7 أفلام في 24 ساعة.. مفاجأة غير سارة للمركز الأخير    إشراقة الإيمان: قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة    الأنبا مكاريوس يترأس حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الإكليريكية    الكشف على 1873 حالة في قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    وزير التموين يوجه ببدء طرح الخضر والفاكهة بالمجمعات الاستهلاكية بالشراكة مع القطاع الخاص    "الفيديو جاهز".. جوميز يحفز لاعبي الزمالك بسخرية "نجمي الأهلي"    3 أطعمة رئيسية تهيج القولون العصبي.. استشاري تغذية علاجية يحذر منها    مساعد وزير الصحة يتفقد مستشفى منفلوط المركزي الجديد    وزير الخارجية اللبناني يدعو لتدخل دولي ووقف إطلاق النار    كرة اليد، الزمالك يواجه تاوباتي البرازيلي في افتتاح مونديال الأندية    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    استقرار سعر اليورو اليوم الجمعة 27-9-2024 في البنوك    تفاصيل لقاء رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية للتنمية    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة.. «اللهم أبدلهما دارًا خيرًا من دارهما»    أسعار حفل أنغام في المتحف المصري الكبير الشهر المقبل    ختام فعاليات مسابقات جمال الخيل بالشرقية وتوزيع جوائز المهرجان على الفائزين    "حقوق الإنسان": اقترحنا عدم وجود حبس في جرائم النشر وحرية التعبير    وزير خارجية الأردن: إسرائيل أطلقت حملة لاغتيال وكالة «أونروا» سياسيًا    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    تسكين طلاب جامعة الأقصر بالمدن الجامعية    حسام حسن: من الصعب توقع مباراة القمة.. وصفقات الأهلي والزمالك قوية    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل فهمى: «كيرى» اتصل فجراً ودون استئذان ب«عدلى منصور».. والرئيس رفض استقبال مكالمته
وزير الخارجية ل«الوطن» فى أول حوار صحفى: تركيا تساند الإخوان خوفاً من سقوط «نموذج الحكم الإسلامى»
نشر في الوطن يوم 22 - 08 - 2013

كانت الطائرة الصغيرة من طراز «جولف 5510» تعبر حدود دولتين، كانتا بالأمس القريب وطناً واحداً هو السودان، إلا أنه وبفعل المؤامرات الخارجية والتدويل وفشل حكم الإخوان أصبح شمال السودان وجنوبه.. المشهد استدعى قلقاً على مصر من مصير التدويل والتقسيم فى ظل حرب خارجية وداخلية شرسة، ما استدعى من «الوطن» أن تحاور الدكتور نبيل فهمى، وزير الخارجية، الذى اجتمع مع مساعديه داخل الطائرة، التى تقله فى أولى جولاته الخارجية، لتنفرد بأول حوار لجريدة مصرية مع الرجل الذى يقود الجهاز الدبلوماسى المصرى، لنتعرف منه على حجم الخطر الذى يحيط بمصر خارجياً، وما أساليب الدبلوماسية المصرية فى مواجهة «حرب الشوارع» للتنظيم الدولى للإخوان، وأسباب تمسك أمريكا والغرب بدعم المعزول محمد مرسى؟ ولماذا يرى الشارع أن الخطاب الدبلوماسى المصرى بدأ يبتعد عن موجة الرأى العام الغاضبة؟
* عرض عليك المجلس العسكرى بعد «مبارك» منصب وزير الخارجية لكنك اعتذرت.. والآن بعد ثورة 30 يونيو قبلت المنصب رغم أن المرحلتين انتقاليتان.. فما المتغير الذى حدث؟
- المتغير الوحيد بالنسبة لى هو حجم الخطر الذى تواجهه مصر، وذكرت كثيراً أننى غير مهتم بالمناصب بعد 35 سنة كدبلوماسى، وكنت سعيداً بالعمل العام والخاص والأكاديمى خارج الحكومة، ولكن بعد 30 يونيو شعرت أن هناك خطراً حقيقياً على الكيان المصرى، وهذا هو الاعتبار الوحيد الذى جعلنى أغير موقفى وأقبل من واقع المسئولية وليس التطلع للمنصب.
* ما توصيفكم للوضع الخارجى الآن طالما تتحدث عن الخطر.. هل تعتقد أن مصر تواجه ظروفاً دولية غير مواتية أم حرباً خارجية شرسة؟ وما أدواتنا فى المواجهة؟
- الساحة الخارجية مضطربة لأن الوضع الداخلى مضطرب، واضطراب الساحة الخارجية يسلط الأضواء على قوة مواقف البعض، التى رأت الخطر فى مصر ينعكس على مصالحها، بما يفرض عليها اتخاذ موقف صريح ومؤيد، وهناك دول عديدة على رأسها السعودية والإمارات ودول أخرى، وهناك دول أفريقية مثل جنوب السودان لها نفس الموقف، واضطراب الموقف الدولى خلق مكاشفة، من معك ومن متردد ومن ضدك، هناك نسبة كبيرة من الدول تؤيد مصر وتأمل لها النجاح، وإنما مترددة مما يدور فى مصر، ولكن مع أحداث الجمعة الماضى وما شهدناه من ترويع ثم العمل الإرهابى ضد المجندين، كل هذا جعل البعض يرى أن المسألة ليست مجرد اختلاف فى الرؤى، أو استخدام عنف لعصبية هنا أو هناك، بل الأمر أكبر من ذلك، وشهدنا التطور فى هذا أيضاً، والصياغات الصادرة عن المؤسسات الدولية وكثير من الدول تختلف عما سبق، حينما كان كل التركيز يأتى على أهمية ضبط النفس.
* كيف؟
- أصبح هناك تأكيد على ضرورة نبذ المتظاهرين للعنف ورفض الإرهاب والمساس بالمرافق العامة، ولكن ما زال هناك تردد، سعياً للاطلاع على الرؤية السياسية للبلاد.. فإذا وجدوا أن هناك رؤية، حتى لو استغرقت وقتاً، ستجد أن هذا التردد سيتحول إلى قدر أكبر من الإيجابية، لأن هؤلاء فى الحقيقة دول تؤيد مصر وتسعى لخيرها، وهناك دول أخرى لها منظور غير سليم فيما يتعلق بالتعامل مع تيارات التطرف، وتراها -رغم تهديدها لها- على الدول الأخرى تحمل تصرفاتها، وهذا المنظور قاصر للأمور، من يلجأ للعنف لا يمكن أن يكون جزءاً من عمل سياسى، ومن لوث يديه بالدماء لا يمكن أن يدعى أن له الحق فى ممارسة سياسية. وهناك تيارات أيديولوجية معينة تساند التيار المتطرف الإقصائى، وبمساندته تساند فعلياً أو ضمنياً العنف والإرهاب.
* شهد الجهاز الدبلوماسى كثيراً من المعارك الدولية منذ 1956.. ولكن الوضع حالياً مختلف لأنكم تواجهون تنظيماً دولياً.. أى حرب شوارع.. فما أساليبكم لهذه المواجهة؟
- بالفعل هذا توصيف جيد للتحدى الموجود، بدأ بالتطور التكنولوجى ووجود تيارات سياسية متنوعة لها تأثير فى القرار السياسى حتى قبل 30 يونيو، ولذلك مواجهته معقدة للغاية، ولذلك لا نمارس عملنا بشكل تقليدى، فنحن نفعل ما اعتدناه، لكن أضفنا أشياء أخرى، مثلاً هذا الأسبوع -ورغم كونى فى السودان- وجهت رسالة لكل وزارة خارجية بالعالم، عدا الدول التى سحبنا سفراءنا منها، لشرح التطورات ورفض المساواة بين الإرهاب وضبط النفس، وأبلغنا المجتمع الدولى أن هذه الموازنة لم تعد مقبولة، مسألة الحوار السياسى واجبة لنا، بصرف النظر عن أى موقف دولى، إنما لا يمكن أن تكون واجبة لنا فى ظل ما نشهده الآن.
* لكن فى نفس الوقت الذى نخاطب فيه أعلى مستويات الدبلوماسية الأجنبية، كتابياً وباتصالات مستمرة مع المنظمات الدولية والتجمعات الإقليمية، التركيز هذا الأسبوع على الاتحاد الأوروبى، فضلاً عن انطلاق وفود المجتمع المدنى فى آسيا وأوروبا وأمريكا، إما بمبادرة منهم أو بتشجيع منا، وفى كلتا الحالتين بتنسيق وحوار بيننا وبعد 30 يونيو هناك مجموعة من الشباب المصرى الوطنى المتميز فى تكنولوجيا المعلومات أتينا بهم فى الوزارة متطوعين دون مقابل لترويج القصة الحقيقية والسلمية للرأى العام العالمى، وهؤلاء جاءوا وقيموا الأجهزة التقنية لدينا وساعدونا فى تعديلها، وقاموا بالتوازى معنا بحملات تنشيطية للإعلام الإلكترونى، لذا نعمل أيضاً خارج الإطار الرسمى ونتواصل بقوة مع الجمعيات المصرية للجاليات فى العالم، التى لها نشاط واضح كان آخره تظاهرة حاشدة أمام البيت الأبيض لأمريكان من أصل مصرى، لشرح الموقف. بجانب اتصالهم بأعضاء الكونجرس ومراكز الأبحاث الأمريكية، وهناك حماس مصرى للمشاركة مع الحكومة ومواجهة هذا الخطر وتصحيح الصورة بالخارج، وهناك تحديات نتيجة طبيعة العمل الإعلامى فى الخارج.
* كيف؟
- الصحف الأجنبية تنشر أخبارها من واقع تقارير مراسليها داخل مصر، ودور الخارجية فى هذا الأمر مكمل، ومع ذلك ألتقى بهم كل أسبوعين لشرح الموقف، بجانب وجود تعليمات لدى 5 سفراء بالتواصل مع المراسلين الأجانب بشكل مستمر، لوضع الصورة أمامهم. ونشرح لهم حقيقة الأمور ولكن ليس لنا سلطة على الخبر الذى ينشرونه، وبالتوازى نتدخل ونعمل ونتفاعل مع أصحاب مقالات الرأى فى الخارج وكثيرون لم يكن لديهم إلمام فعلى بما يحدث فى مصر وهذا دور السفارات.
* وماذا عن اتصالاتك بوزراء الخارجية فى هذا الإطار؟
- اتصالاتى بوزراء الخارجية تعتمد على قدرتهم على التأثير على قضايا معينة لدعم الموقف المصرى، لتكميل ما نبذله من جهد مباشر كمصريين.. ويكمل ذلك ما يبذله الآخرون من جهد داعم، وكمثال وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل بعد عدة اتصالات بيننا وتعليمات من جلالة الملك عبدالله زار باريس لشرح الموقف بما يدعمنا، وكنت على اتصال بوزير خارجية فرنسا، وعملنا بشكل مكثف لتوظيف كل أدواتنا لأن المعركة صعبة.
* هل نحتاج لمعركة أخرى لاستعادة دورنا القوى فى السياسة الخارجية؟
- العامان الماضيان وبالتحديد 2011 كانت نقطة فارقة مفيدة للخارجية المصرية وليس مضرة لها، لأنها أعادت للشكل المصرى اعتباراً لم يكن موجوداً لسنوات طويلة وهو الحيوية.. الثورة فى 2011 أيقظت العالم بأن المصريين لهم صوت ولهم رأى وقادرون على تغيير الموقف بصرف النظر إن كان تغيير الموقف إيجابياً أو سلبياً، وهذا لم يكن قبل ذلك لأننا كان المطلوب منا عامل استقرار وعدم تغيير، لكن أصبحت عامل تغيير.
* وماذا عن الضرر الذى لحق بالسياسة الخارجية خلال عام حكم الإخوان؟
- العام الماضى أصبحنا عامل تغيير سلبياً، وقبل ذلك فى 2011 كنا عامل تغيير إيجابياً، ولكن أخطأنا بعدم تناول الدستور أولاً.. العام الماضى أصبحنا أمام سياسة أيديولوجية دخلنا فى صف أيديولوجى معين وأصبحنا على النقيض من الآخر ومن تعامل معنا بناء على رصيدنا السابق تعامل معنا من أجل استغلالنا.. الغرب تعامل مع التيار السياسى الإسلامى فى مصر بغرض توظيفه لمواجهة التيار الإسلامى الذى قد يتطرف ضدهم، ثم استغله بغرض تأمين الحدود الشرقية لمصر تجاه جيرانها، وهذا بديل عن الهوية العربية الوطنية، والتركيز على التفكير الدينى الأيديولوجى استغل لأهداف معينة ويؤدى بطبيعة الحال لتقسيم العالم العربى بل لتقسيم العالم الإسلامى، واستمعنا للحديث عن التيارات السياسية السنى والشيعى كتقسيم جديد لمنطقة الشرق الأوسط، والتحدى الآن أن نعود لجذورنا الطبيعية وسياستنا الخارجية يجب أن ترتبط بالمصلحة الوطنية المصرية.. مصلحة الوطن وليس مصلحة أمة غير معروفة المعالم..وإنما هذا التحول فى موقفنا يواجه بمعارضة هادفة لأشياء معينة ومعارضة قصيرة النظر لأنها تنتهى فى النهاية لتأييد أعمال إرهابية لتحقيق هدف سياسى والنتيجة ستكون فى النهاية ضدهم.
* نحن أمام مجموعة مواقف دولية واضحة فى تبنى سياسات عدائية تجاه مصر، هل جنوب أفريقيا تستغل الظرف الراهن فى إطار مباراة ملف توسيع عضوية مجلس الأمن؟ أم أن هناك دوافع أخرى؟
- لا يوجد مبرر سياسى أو أيديولوجى لجنوب أفريقيا لاتخاذ هذه المواقف، وحتى إذا كانت تبرر موقفها برفض ما يسمى التدخل العسكرى فكان من المفترض أن تدعو إلى لجنة تقصى حقائق لاستيضاح الموقف قبل أن تشجع وتدفع باتخاذ قرار من مجلس الأمن، ونبرة تصريحاتها فيها حدة وعدائية غريبة، وكل هذه الاعتبارات لغياب منطق أيديولوجى واضح. فى اعتقادى أنها تحاول كسب نقاط فى إطار تجريح لمن يرونهم منافسين فى القارة الأفريقية بالنسبة لمنظور العالم تجاه أفريقيا وبالتحديد تجاه مجلس الأمن.
* وماذا عن تركيا؟
- تركيا كانت دائماً تضع نفسها كمثال للعلاقة بين الدولة التى تربط بين الدول المتحضرة والشرق الأوسط. بعد ظهور تيار الإسلام السياسى ونجاحه فى الوصول إلى السلطة وعديد من الخطوات، وأنها مثال للدولة الإسلامية المتحضرة التى يجب أن يتحذى به وتقود هى الدول الإسلامية وتبنت سياسة اللامشاكل مع الجوار، وخلال عامين أصبحت تركيا فى مشاكل مع كل جيرانها.. والسياسة الخارجية التركية فشلت مع كل جيرانها.. نظريتهم هذه انهارت رغم أننى كنت معجباً بها فى حينها، الشىء الآخر إذا ثبت أن أحد الأطراف التى كانت قريبة من تركيا ومدخل تركيا للعالم العربى وبالتحديد هنا التيار السياسى الإسلامى فى مصر، إذا فشل سيبدأ البعض فى التشكيك فى المنظومة والمثال التركى.
إذن فى تقديرى أن العصبية التركية جاءت من أمرين، أولا فشل السياسة الخارجية التركية مع كل جيرانها، ثم ما شهدناه فى العالم العربى وبالتحديد فى مصر هو أن أقرب أصدقاء تركيا فى العالم العربى فشل.. وما أقوله الآن فى اعتقادى إن العلاقات المصرية-التركية يجب أن تنمو، لمصلحة مصر وتركيا. إنما لا يمكن أن يحدث ذلك فى ظل المناخ الحالى.. ولهذا السبب لم نكتفِ بسحب السفير المصرى من هناك، بل أخذنا إجراء واضحاً بأن التعاون بيننا سيتأثر، المسألة لم تكن غضباً من تصريح أو وقفة لحظية. لكن سيتأثر التعاون الثنائى، وبدأنا بالجانب العسكرى أو المناورات تحديداً بعد التصريحات التركية حول دور القوات المسلحة المصرية والحكومة الانتقالية. وسيكون هناك انعكاسات أخرى على المصالح التركية فى العالم العربى إذا استمر الأمر.
* هناك تحليل يقول إن جرأة دول فى محيطنا الإقليمى مثل قطر وتركيا سببه أن مصر لم تعد قادرة على توقع الضرر بمن يتبنى سياسات عدائية؟
- أنا اعترفت لك بكل صراحة بأن المسألة على مدار ال10 سنوات الماضية حدث انحسار فى الدور المصرى نتيجة سياسات خاطئة، متمثلة فى الاعتماد على الخارج أكثر من اللازم، ومحاولة موازنة علاقة أخرى، وعدم وجود رؤية مستقبلية، نحن نلاحق الأحداث ولا نرى أن هناك تطورات فى التوازنات الإقليمية.. كنا نسير ونقول لدينا ريادة ولكن لا أحد يتحرك. ثم الاعتماد على الغير كيف نعتمد على المساعدات واستيراد المواد الغذائية والمياه من الخارج والتسلح جزء كبير من الخارج والطاقة جزء كبير من الخارج.. أكثر مشكلة كانت بالنسبة لنا رؤية سياسية، كل المطلوب أن يكون لدينا الاستقرار، وعندما بدأت الصحوة وبدأ العالم ينظر لنا، الشباب المصرى سيعيد النهضة المصرية الإقليمية، والظهور الخارجى يجب أن يكون إقليمياً أولاً.. وبدلاً من أن نتحدث عن ذلك تبنينا موقفاً أيديولوجياً غير واضح المعالم ولا يضع المصلحة الوطنية المصرية فى المقام الأول.. تراجعنا منذ سنوات طويلة ولكن زاد انهياراً العام الماضى، ولهذا السبب فى أول مؤتمر صحفى عقدته رغم أن هذه الحكومة عمرها الافتراضى 9 أشهر، ذكرت أن أولوياتى بعد الدفاع عن الثورة، إعادة مركزة مصر فى مكانها الصحيح عربياً وأفريقياً، ولذلك رغم انشغالى المتواصل بالساحة الدولية وتحديداً الأوروبية هذا الأسبوع، قررت أن تكون أول جولة خارجية لى هى السودان وجنوب السودان، باعتبارهما دول جوار وأولويتى الرئيسية أن أعيد مركزة مصر بشكل سليم ثم أضع رؤية مستقبلية للمنطقة وسياستنا، وأترك المجال لمن يريد تطوير السياسات فيما بعد ومن دون ذلك لن ننجح.
تردد الأسبوع الماضى أن هناك اتصالات «عصبية» من الأمريكان، أحدها كان اتصالاً من وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بالرئيس عدلى منصور فجراً، ولم يستقبل الرئيس الاتصال.. وقيل إن صداماً آخر وقع مع رئيس الوزراء وقيل له «أنت غير منتخب»، وأخيراً كان هناك نقاش حاد بينك وبين «كيرى» يوم انعقاد جلسة مجلس الأمن حول مصر.. ما تعليقك؟
- بالنسبة لواقعة الاتصال بالرئيس، حدث بالفعل أن اتصل «كيرى» فى ساعة متأخرة من الليل ولم يستقبل الرئيس المكالمة، والطبيعى هو تحديد موعد للمكالمة وألا يتصلوا فى منتصف الليل، والأمر ربما حدث سهواً فلم يحسبوا فرق التوقيت أو بالخطأ.
وواقعة رئيس الوزراء صحيحة، وقال الكلام «ليندسى جراهام» أثناء زيارته لمصر، وفيما يخص واقعتى مع «كيرى»، حدثت بالفعل مكالمات بينى وبينه، والمكالمة الأكثر حدة كانت الجمعة، وأبلغته بوضوح أن رد الفعل الغربى عامة والأمريكى خاصة لم يكن مناسباً لأحداث يوم الجمعة الفارقة، وأنه يجب ألا يتردد أحد فى إدانتها وشجبها وتغيير موقفه، بصرف النظر عن موافقته على موقف سياسى معين أم لا. كان حديثى فى غاية الصراحة، وأقول بكل أمانة لم أتحدث مع أى وزير خارجية بهذه الصراحة من قبل، وصدر بعد ذلك تصريح من الجانب الأمريكى والسكرتير العام للأمم المتحدة، وأصدرت بريطانيا تصريحاً آخر، وشهدنا بعض التحول. المشكلة عميقة بها جانب سياسى، ولكن بها جانب تجاوز بالكامل كل قواعد الحوار.
* قيل إنك اتهمتهم بتعمد تجاهل الحقيقة لتحقيق أهداف معينة والإضرار بالأمن القومى المصرى؟
- ما ذكرته أن سلبية المواقف الغربية تفسر من الطرف الذى يستخدم العنف على أنها تأييد له، وهذا يمس الأمن القومى المصرى، ويصعب أى فرصة أو يقضى على أى فرصة للوصول إلى حلول من خلال الحوار السلمى، وأن موقفهم لا يتناسب مع الحدث، وأن هذه السلبية ستستغل سياسيا من قبل الطرف الذى يلجأ للعنف، وستترتب عليها تأخر الحوار، وهذا ما ذكرته ل10 وزراء خارجية آخرين أيضاً.
* ما أزمة الأمريكان الحقيقية.. بعيداً عن الكلام الذى نسمعه، ولماذا يدافعون بهذه الحدة عن نظام محمد مرسى؟
- لا أتحدث بلسان غيرى، لكى تعرف موقف أمريكا لا بد أن تسأل الأمريكان، ولكن سأعطيك قراءتى، فى تقديرى أن الولايات المتحدة والغرب عامة يخشون أو يتمسكون بوجود التيار السياسى الإسلامى فى المنظومة السياسية للدول فى الشرق الأوسط، على أساس أنه إذا اختفى من هذه الساحة سيعود مرة أخرى إلى الجحور، وتظهر الأيادى الإرهابية ضدهم هم، يريدون وجود هذا التيار السياسى فى المحافل السياسية العالمية كوسيلة لتجنب ظهور العنف.
* قلت بعد ثورة يناير إنه لن تكون لدينا سياسة خارجية سليمة دون أن يكون لدينا القرار فى السلاح والغذاء والطاقة وميزة نسبية مثل اقتصاد المعرفة.. هل وضعت رؤيتك هذه لمجلس الوزراء، خاصة فيما يتعلق بمسألة تنويع مصادر السلاح؟
- الإجابة من شقين، أولاً كل ما ذكرته منذ عامين نفذته خلال أول أسبوعين لى فى الخارجية، لأنى أعدت هيكلة الخارجية بالتركيز على هذه القضايا، على سبيل المثال التركيز على دول الجوار التى بيننا وبينها علاقات حرب وسلام، والتى تربطنا بها قضايا مثل المياه أو الأمن القومى.. ثانيا شئون التكنولوجيا والابتكار للبحث عن الميزة النسبية للاقتصاد المصرى مستقبلاً، ونبحث عن الميزة النسبية للعالم فى المستقبل، واتصلت بوزيرى خارجية روسيا والصين 3 أو 4 مرات الشهر الماضى. وليس كبديل لطرف ما، ولكن لزيادة الخيارات المصرية ليصبح القرار بأيدينا.
أما موضوع التسليح هذا، فهو أدق وأصعب لاعتبارات كثيرة، أولها أنه يأخذ وقتاً، أنا لم أُثِر هذا الموضوع بشكل مستقل، إنما ذكرت ما سبق أن ذكرته ولكن فى مجلس الوزراء، عندما طلب دكتور الببلاوى رؤية كل وزارة بما تسعى لتحقيقه، شرحت أهدافى وما سأركز عليه هو أن هدفى أولاً فى المرحلة الأولى الدفاع عن الثورة والثانية إعادة مركزة مصر وإعادة هيكلة وزارة الخارجية، والثالثة وضع رؤية للوضع الإقليمى والدولى من اليوم وحتى عام 2030، لوضع سياسات مصرية تحقق أهدافاً محددة، من ضمنها المياه والطاقة والميزة النسبية.
* البعض يرى أن الخطاب الدبلوماسى ليس على موجة الرأى العام والحماس الذى يطلبه الناس.. هل يزعجك هذا؟
- لا يزعجنى وأتفهمه تماماً.. وفى أى نظام ديمقراطى لا يمكن أن تستقل أو تنعزل عن الرأى العام، يجب تقريب المسافات بين الرأى العام والقرار السياسى، ولكن من يتولى مسئولية الإدارة فى أى قطاع معين دون الانعزال عن الرأى العام عليه تحقيق مصالح الرأى العام والحفاظ عليها، وليس مجرد تغذية عواطفه. نعم على مسئولية الاستماع للرأى العام وأقوم بذلك ولكن الرأى العام ينتظر نتيجة.
* ما حقيقة وجود دبلوماسيين يعملون لصالح الإخوان بالخارج؟
- 85% من سفرائنا حالياً عينهم الرئيس الأسبق حسنى مبارك أو المجلس العسكرى، ولم يعين «مرسى» سوى دفعة واحدة، ولم يدخل شخص واحد الخارجية المصرية بقرار جمهورى من أحد سواء مبارك أو المجلس العسكرى أو مرسى عدا 3 أو 4 عسكريين خلال ال20 عاماً الماضية.. ومسألة أخونة الوزارة ليس لها أساس من الصحة، أما فيما يتعلق بأداء السفراء منذ العام الماضى وحتى 30 يونيو، كان عليهم تمثيل النظام القائم، لأننا مؤسسة وطنية مهنية تمثل الدولة، لا نتدخل فيمن يتم اختياره فى الدولة ومن يرأسها ولكن السفراء بشكل مهنى كانوا يمثلون الدولة، إنما بطبيعة الحال كانوا يرتبون للرئيس الزيارات الخارجية بشكل مهنى، وليس مثل الولايات المتحدة أو الأنظمة البرلمانية فى أوروبا، يعينون سفراء كثيرين من تيار الأغلبية.. ممنوع على أى موظف فى الخارجية المصرية الانضمام لحزب.. لكن هناك اتهامات كثيرة، أحد السفراء اتهم بأنه إخوانى لأنه ذهب لمقابلة ممثل للتيار الإسلامى فى مجلس النواب اللبنانى رغم أن هذه وظيفته، وأنا كنت أقابل جميع التيارات السياسية فى الولايات المتحدة، هل يعنى هذا أننى أصبحت متطرفاً دينياً فى الاتجاه المسيحى أو الإسلامى، آخرون اتهموا سفيرنا فى نيويورك بأنه إخوانى رغم أن أخاه استشهد فى السفارة المصرية فى باكستان فى التسعينات، لو هناك اتهام أو شكوى عليهم إبلاغنا بها، إنما مش كل يوم أسمع قيل وقال، وهذه ليس لها قيمة عندى..
لو هناك سفير لا ينفذ مسئوليته أنا الذى سأنقله.. إنما لن أقبل الاتهامات التى ليس لها أساس من الصحة، ولدينا تحدٍّ أكبر الآن.. وإذا كان أحد يقلق من وجود أحد من التيار الذى يريد كسر الدولة المصرية، فهذا هو بالظبط المطلوب، أن ننقلب على أنفسنا لأنه لا يستطيع هدمنا.. الزملاء بالخارج يعملون بمهنية وغير مسموح بتبنى أى فكر سياسى، وسيمثلون المنظومة المصرية أياً كانت.
* الشارع فى حالة قلق مشروع من فكرة تدويل الوضع فى مصر.. وأن تكون نموذجاً مشابهاً لدول أخرى دولت شئونها الداخلية، ويذهب لمسألة تقسيم السودان والوضع فى سوريا؟
- الرسالة للرأى العام أن يتفهم حجم ومعنى التغيير الذى حدث فى ثورة 25 يناير 2011، وهى رغبة شعبية فى المشاركة وتعريف الهوية السياسية المصرية بشكل مختلف، ولم نصل بعد لهذا التعريف، وما يسمى التيار العلمانى الليبرالى كان ضعيفاً على مستوى الشارع، وظهر التيار الإسلامى قوياً عددياً فى الشارع، وغير متقبل للفلسفة الديمقراطية التى تعنى قبول الغير وليس الانتخابات، ويعنى أنه سواء فزت فى الانتخابات أو خسرت فعليك مسئولية تجاه الطرف الآخر. ونحن نسعى لتحديد الهوية وهذا تحدٍّ كبير جداً، ونمر بمخاض مجتمعى صعب، وفى نفس الوقت نحن مستهدفون من الخارج، وهناك دول كثيرة غير عدائية لمصر وتجد الآن فرصة للمساس بالوضعية المصرية فى أفريقيا والعالم العربى والساحة الدولية، وهناك آخرون -دول وتيارات- لها عداء للقيمة الوطنية المصرية، وبالتحديد مثل تصريحات المرشد السابق إذا كان عليه الاختيار بين مصلحة الأمة ومصر «طظ فى مصر». ونحن نبحث عن الهوية السياسية وهل نحن فى خطر؟ نحن أمام مخاطر كثيرة جداً، وهناك مسعى لتدويل الحوار السياسى المصرى، ولم يصل بعد لمحاولة تدويل على غرار ما حدث فى أفغانستان أو العراق، إنما نظراً لوجود أطراف لها أغراض تختلف عن أغراضنا فهم يفضلون تناول القضية فى ساحة أوسع ليكون لهم نفوذ أكثر عن تناولها فى الساحة المصرية، لأن القرار المصرى بيد المصريين وسنلتزم بخارطة الطريق ونواجه أى محاولة لكسر القرار المصرى أو إفشاله، فى هذا السياق التأثير الأساسى من الداخل وهناك تأثير من الخارج، لأننا لا نعيش منعزلين عن العالم.
وأعتقد أننا بدأنا والمجتمع الدولى بدأ يستعيد البوصلة، وكلما استقر الأمن داخلياً واستقر تنفيذنا لخارطة الطريق ستجد البوصلة التوجه السليم لصالح الكيان الوطنى المصرى القوى، لأن مصر القوية والمتحضرة هى الحصن الأمين للمصالح المصرية، وأيضاً شريك إيجابى وبناء على المستويين الإقليمى والدولى، ولن نعيش فى عزلة عن العالم وسنحترم القانون الدولى، ونحترم ونتبنى حقوق الإنسان، ونسعى لنظام ديمقراطى ولن نعيش فى عزلة، إنما هناك تحد أمنى يجب مواجهته ثم المواصلة فى الجانب السياسى.
* هل تثقون -كحكومة- فى قدرتكم على مواجهة هذا التحدى؟
- أعتقد أن الإجابة نعم، لكن التحدى كبير، لسببين، أنه كان هناك تفاؤل كبير جداً بتشكيل هذه الحكومة، لذلك التوقعات من الحكومة مرتفعة جداً، والسبب الآخر ما شهدناه فى الساحة من عنف وفتح المجال لأعمال إرهابية جعل المجتمع المصرى غاضباً، وفى هذا المناخ كيف ننفذ خارطة الطريق بسرعة ونحقق المصالحة؟ وكيف نضمن عدم تدخل الغير فى أمورنا، ونحن نعلم أن نجاحنا أو فشلنا سيؤثر فى مصالحه.
* هل طلبت من الدكتور محمد البرادعى تأجيل إعلان استقالته؟
- هو اتخذ قراره ولن أناقش قراره، وما يرتبط بهذا الموضوع يرتبط بمناقشات دارت فى مجلس الدفاع الوطنى، وهذه المناقشات سرية، باعتبار أن هذا الموضوع المتعلق بالوضع الداخلى كان محل مناقشة، وكل ما يرتبط بذلك بشكل مباشر أو غير مباشر لن أعلق عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.