على الطريق السريع كانت السيارة تنهب الأرض نهباً فيما عيونهم المتعبة تلمع بالفرح، عمّا قليل سيتمكن الشباب ال25 من تسلم شهادات إتمامهم للخدمة العسكرية، سيعودون إلى قراهم حيث تركوا أمهات لا تكف ألسنتهن عن الدعاء لله بأن يسلم طريق الأبناء، ويردهم سالمين غانمين، وآباء يحلمون باليوم الذى ينهى فيه الأولاد خدمتهم العسكرية فيلتفتون لمستقبلهم، يكملون ما بدأه الآباء، فيحملون الحمل الثقيل عنهم، ويتولون شئون العائلة. لن يعود الأبناء أبداً للأمهات والآباء، لن يعودوا لمنازل احتضنتهم ذات يوم فأغلقت عليهم أبوابها، لن يذوقوا طعاماً صنعته أيادٍ محبة كانت تنتظرهم، لن تطأ أقدامهم شوارع لعبوا فيها صغاراً، ومساجد صلوا فيها كباراً، وأحلام كُتب عليها ألا تتحقق للأبد؛ إذ إن هناك مَن آثر أن يغتال كل ذلك، وينهى حياة 25 شاباً أتموا بالكاد عامهم الحادى والعشرين، فيرصد طريق عودتهم للوحدة العسكرية بمدينة رفح، ويخرجهم من السيارات التى كانوا يستقلونها، قبل أن يجبرهم على الانبطاح أرضاً وهم مقيّدو الأيدى، ثم يطلق النيران على أجسادهم بلا رحمة أو شفقة، فيقضى على كل شىء. فى المنازل تنطفئ نيران مواقد الطعام لتشتعل نيران أخرى داخل القلوب والصدور، لا مطلب للجميع إلا الثأر للدماء التى سالت، وقتها فقط ربما ترتاح الأمهات، وينفض الآباء حزنهم الطويل، ويسكن التراب الثائر بعد أن يضم أجساد الشهداء. الأخبار المتعلقة: والد الشهيد «عبدالرحمن»: ذهبت لقبر شقيقه وأخبرته بقدوم أخيه له أهالى الشهيد «عبداللطيف»: لم نخبر والدته حتى لا تموت من الحزن أسرة «عبدالفتاح»: «كان مستنى الموت» والدة الشهيد «ممدوح»: «حسبنا الله ونعم الوكيل» أسرة «حجازى»: ذهب لتسلم «الشهادة».. فنال «الشهادة» القليوبية ودعت شهيديها بهتاف «لا إله إلا الله.. الإخوان أعداء الله» والدة «المجند الضاحك»: «عمرو» كان ابن موت.. وأنا فخورة بيه والدة «عفيفى»: «قال لى هجيب الشهادة.. وهبقى معاكى على طول» «النص».. أصغر شهداء مذبحة رفح أهالى الشهيد معوض: «كان حلم حياته يطلّع أبوه وأمه الحج» أسرة الشهيد «الطنطى»: «ابننا راح سينا وهو بيرقص عشان هيجيب شهادة نهاية الخدمة.. رجع بشهادة الوفاة»