تقمص الدور الذى جاء ليلعبه بحرفية شديدة.. وقف فى مؤتمره يؤكد أن ما حدث هو انقلاب عسكرى؛ لأن تغيير النظام جاء بمساهمة من المؤسسة العسكرية. وجهه البشوش يخفى وراءه عداء وكراهية لا يمكن تصورهما، وكأن كل ما جاء ليفعله هو أن ينتقد الآخر دون إدراك حقيقى لما حدث. يعلن أن ما حدث «انقلاب عسكرى»، لكنه يؤكد أيضاً أنه ما جاء لإملاء أى تصرفات على الحكومة الجديدة، وإنما جاء وزميله جون ماكين لنصح «صديق». مذ حصل على مقعده فى الكونجرس الأمريكى عام 2002، عُرف السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام بمواقفه المتناقضة والمتشددة دائما. هو «الإسرائيلى الأول فى الكونجرس الأمريكى»، بحسب ما يصفه معارضوه، يتمنون الخلاص منه لدرجة أنه حصد نصيب الأسد من العداء والكراهية من قبل الأمريكيين أنفسهم، فخرجت حملات عدة تدعو إلى عدم انتخابه مرة أخرى واستبدال آخر به أكثر اعتدالاً. رغم أن عمل «جراهام» غير دائم الاتصال بالأوضاع فى مصر، فإن عمله بلجنة الاعتمادات والمعونات بالكونجرس الأمريكى منحه القدرة على التهديد الدائم بقطع المعونة الأمريكية لمصر، إذا تهدد أمن إسرائيل بأى شكل من الأشكال؛ ففى نهاية العام الماضى، لوّح «جراهام» بقطع المعونة إذا استمرت الحكومة المصرية فى دعم حركة حماس. الأمريكيون أنفسهم يصفونه بأقذع الصفات، بداية من «الشيطان» وحتى «الشاذ جنسياً». «الشيطان» هو نفسه الذى جاء لنصح مصر باعتبارها صديقا مقربا. لا يخجل «جراهام» من إعلان تأييده ودعمه غير المشروط لإسرائيل، وكثيرا ما يضع مصلحة إسرائيل فوق اعتبارات الأمن القومى الأمريكى، وقد سبق له أن عارض ترشيح وزير الدفاع تشاك هاجل لتولى هذا المنصب، معللا ذلك بأنه سيكون «وزير الدفاع الأكثر عداءً لإسرائيل فى تاريخنا». إذا دخلت الولاياتالمتحدة فى حرب ضد إيران، فإن «جراهام» سيكون هو صاحب الفضل فى نشوب تلك الحرب؛ فهو المتطرف دائما، تارة يدعو لتوجيه ضربة عسكرية وقائية للنظام الإيرانى، وأخرى يدعو لفرض المزيد من العقوبات على الحكومة الإيرانية. أينما تطأ قدمه تقع المصائب، فى العراق عارض بشدة خروج كل الجنود الأمريكيين منها. وفى سوريا، دعا إلى تسليح المعارضة السورية ودعم إسرائيل فى هجماتها على المنشآت النظامية السورية والتدخل العسكرى الأمريكى هناك. وفى اليمن، دعا و«ماكين» إلى السماح للجهاديين اليمنيين بالسفر إلى سوريا للقتال هناك. دعواته المتطرفة جعلته الأكثر كراهية فى الوسط الأمريكى، إلى درجة أن «المحافظين» يرفضون أن يطلق عليه لقب «محافظ»، مؤكدين أنه لا ينتمى إلى «المحافظين» بأى شكل من الأشكال. اتخذ دوما الخط المعادى ل«أوباما»، بغض النظر عمّا إذا كانت قرارات أوباما صحيحة أم خاطئة، فهو و«ماكين» يريان أن تصرفات «أوباما» كلها خاطئة، حتى دون الإصغاء لوجهات النظر المختلفة.