قال المحلل السياسي المغربي، مهدي الإدريسي، إن توجه المملكة المغربية نحو العمق الإفريقي يجد مسوغه في اعتقادي في تغيير جوهري في السياسة المغربية، الذي بدأ يؤثر الانفتاح على دول جنوب الصحراء على أساس التعاون على قاعدة "رابح - رابح" وفي إطار تنويع الشركاء الاستراتيجيين للمملكة المغربية. وأضاف الإدريسي في حواره ل"الوطن"، أن الخطاب موجه لأعداء الوحدة الترابية في الخارج وفي إطار الرد على هذه المغالطات التي تدعي أن السياسة المغربية في إفريقيا تأتي على حساب التنمية الداخلية، وأوضح أن سمة الخطاب الغالبة كانت هي غياب التطرق للشأن الداخلي في مقابل حضور الشأن الخارجي ممثلا بالعلاقات مع إفريقيا. - كيف ترك توجه المغرب إلى إفريقيا الأثر الإيجابي على وحدة الترابية للملكة؟ توجه المملكة المغربية نحو العمق الإفريقي يجد مسوغه في اعتقادي في تغيير جوهري في السياسة المغربية، الذي بدأ يؤثر الانفتاح على دول جنوب الصحراء على أساس التعاون على قاعدة "رابح رابح" وفي إطار تنويع الشركاء الاستراتيجيين للملكة المغربية وعدم الاقتصار على الجانب الأوروبي، وإذا أردنا أن نتحدث عن المكاسب من هذه السياسة لا بد من أن نستحضر الجانب الاقتصادي وعملية تدوير عجلة الاقتصاد المغربي لا سيما المقاولات المغربية العاملة في مجالات، الاتصالات، الفلاحة. أما من المناحي الاستراتيجية فكان تتويج هذه السياسة هو عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ولعل هذا ما سيفتح للمغرب إمكانية التأثير في القرار الإفريقي بما يخدم ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية. - ما هي رؤيتك لخطاب الملك في ذكرى الشعب والثورة؟ فيما يرتبط بخطاب أمس لا بد من أن نشير إلى أن سمته الغالبة كانت هي غياب التطرق للشأن الداخلي في مقابل حضور الشأن الخارجي ممثلا بالعلاقات مع إفريقيا، وفي اعتقادي يمكن أن نعزي هذا لطبيعة الذكرى "ثورة الملك والشعب" ورمزيتها المرتبطة بانطلاق عملية التحرير في المغرب، الشيء الذي جعل الملك يتحدث عن الإنجاز الإفريقي وعلاقته بخدمة القضية الوطنية، أضف إلى هذا أن الملك تحدث في السابق عن الملف الداخلي ومدة 20 يوما الفاصلة بين الخطابين لا يمكن أن تستدعي إحياء الحديث في الموضوع، ولكن مع ذلك فاعتقادي راسخ أن هناك قرارات قادمة لا محالة وهي قرارات بمثابة مخرجات لخطاب العرش السابق. لهذا نجد أن العاهل المغربي اختار التركيز على البعد الاستراتيجي لقرار العودة إلى أحضان إفريقيا، بعد قطيعة دامت عقودا من الزمن، مهاجما، لأول مرة، من يدفعون في اتجاه أن هذه السياسة المغربية تأتي على حساب التنمية الداخلية، مبرزا في الوقت نفسه أن العلاقة التاريخية التي تجمع الرباط بعواصم دول القارة السمراء تتجاوز المنطق الربحي، لتلامس "التاريخ المشترك" و"وحدة المصير". - ماذا قصد ملك المغرب ب"مروجي المغالطات" في خطابه؟ أعتقد أن الخطاب موجه لأعداء الوحدة الترابية في الخارج وفي إطار الرد على هذه المغالطات التي تدعي أن السياسة المغربية في إفريقيا تأتي على حساب التنمية الداخلية لهذا شدد الملك على أن توجه المغرب نحو إفريقيا "لم يكن قرارا عفويا، ولم تفرضه حسابات ظرفية عابرة، بل هو وفاء لهذا التاريخ المشترك، وإيمان صادق بوحدة المصير". كما أنه ثمرة تفكير عميق وواقعي تحكمه رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق، مسجلا أن سياسة المغرب القارية ترتكز على معرفة دقيقة بالواقع الإفريقي والمصالح المشتركة، من خلال شراكات تضامنية "رابح - رابح". - ما تقييمك لأداء الحكومة المغربية الحالية التي يرأسها سعد الدين العثماني؟ أعتقد أن مسألة تقييم حكومة العثماني في مرحلة المئة يوم الأولى تظهر أنها حكومة ضعيفة جدا، وغير منسجمة ومفتقدة للبوصلة، وراكمت عدة أخطاء من ضمنها طريقة تعاملها الفجة مع حراك الريف، وكذلك عدم قدرتها على صياغة سياسات عمومية مستعجلة تجيب على الانفجار في الطلب الاجتماعي الذي يعرفه المغرب، لهذا نجدها تختبئ وراء القصر الملكي، رغم أن العاهل المغربي في الخطاب ما قبل الأخير قد نبه إلى هذه المسألة، مقصد القول إن هذه الحكومة تحتاج الى تدخل "جراحي" مستعجل إما في صياغة تعديل حكومي موسع أو تشكيل حكومة جديدة.