قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية، إن بيان الفريق أول عبدالفتاح السياسى وزير الدفاع، أمس الأول، طمأن الشعب على ثورته للتخلص من حكم الإخوان بشكل ديمقراطى، وأضاف أن الإخوان الآن يعضون على أصابع الندم على أدائهم السيئ، وأشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى أكد له شخصياً أن واشنطن لن تمانع فى تدخل الجيش إذا خرج المصريون ضد «مرسى» على وتيرة 25 يناير ودعوا الجيش لمساعدتهم. * كيف ترى بيان وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى؟ - هذا بيان خلق ارتياحاً واسعاً فى صفوف الشعب المصرى وطمأنه على أن الجيش سيقف مع الشعب فى ثورته للتخلص من الحكم الإخوانى بشكل ديمقراطى، والشكل الديمقراطى -كما أفهمه- يقوم على انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة تحت إشراف قضائى ودولى. * ما موقف واشنطن من تدخل الجيش على النحو الذى هدد به القوى السياسية؟ - واشنطن لا تمانع فى تدخل الجيش، وسألت بنفسى مسئولين أمريكيين كباراً، من بينهم وزير الخارجية جون كيرى الشهر الماضى عن موقف البيت الأبيض من احتمال تدخل الجيش، فأجابوا: لو خرجت مظاهرات على وتيرة «25 يناير» وطالب المتظاهرون فيها بعودة الجيش أو تدخله وكان الجيش مستعداً لهذه الخطوة فلن نعترض. * كيف تقرأ تصريحات «أوباما» المتوالية بشأن الأحداث الأخيرة؟ - موقف «أوباما» من «مرسى» الآن يشبه إلى حد كبير موقفه من «مبارك»، فى يناير 2011 ظل بناء على توصيات من نائبه جوزيف بايدن ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون، داعماً ل«مبارك» ولكن مع تصاعد الاحتجاجات فى ميدان التحرير بدأ يستمع لطائفة أخرى من المستشارين وعلى رأسهم مستشاره للأمن القومى وقتها مايكل ماكفول، وبدأ يضغط على «مبارك» تدريجياً، كما يفعل الآن مع «مرسى»، ففى تعليقه الأول على تطورات الأحداث اكتفى بالتأكيد على دعم الشرعية وضرورة الحوار ثم فى تصريحه الثانى أمس الأول طالب «مرسى» بالاستجابة لمطالب الثوار، وهى نفس رسالته ل«مبارك» فى 27 يناير 2011 وأتوقع أن يكون تصريحه الثالث ل«مرسى» حثه انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وتتبعها عبارته الشهيرة ل«مبارك»: «الآن يعنى الآن»، وذلك حتى يقطع على تنظيم الإخوان الطريق على التلاعب بتفسير الموقف الأمريكى الذى تغير بشكل واضح منهم الآن كما تغير من «مبارك»، ففى الحالتين أدرك البيت الأبيض أن مصالح أمريكا فى المنطقة تتعرض للخطر، وتأجيل السفارة الأمريكية لاحتفالات 4 يوليو السنوية لما بعد رمضان دليل على أن الجميع فى واشنطن قلق من تطورات الأحداث فى مصر ويأخذها على محمل الجد. * ما الذى غيَّر موقف واشنطن بهذا الشكل الدرامى؟ - خروج هذه الحشود الضخمة، فالجماهير هى اللاعب الرئيسى فى الأحداث التى أثبتت أن الإخوان لم تعد القوة الوحيدة المنظمة، والقادرة على الحشد، ولم تعد المظاهرات الغاضبة تقتصر على «التحرير» كما كان الحال فى 25 يناير بل امتدت إلى كل مدن مصر ومحافظاتها. * كيف تتوقع رد فعل الإخوان؟ - موقف مضطرب وفيه كثير من الندم على إسرافهم فى وعود عجزوا عن الوفاء بها وأدائهم السيئ. * هل تتصور أن يحاول بعضهم أن يتحرك على الأرض لإجهاض إعلان الجيش؟ - لا أتصور ذلك بعد أن أدرك الإخوان، الذين قاموا ببعض الاستعراضات الرياضية فى «رابعة العدوية» لإرهاب الناس وإيهام أنفسهم بالقوة، حجمهم الحقيقى الذى لا يساوى 1% من الجموع التى خرجت فى كل محافظات مصر ضدهم، ومنها محافظات صوتت بكثافة ل«مرسى» مثل أسيوط الملتهبة الآن ضد «الجماعة»، ومن الممكن أن تحاول بعض أجنحة الإخوان استخدام شىء من العنف أو التهديد بالعنف كما فعلوا قبيل إعلان النتائج الرئاسية منذ عام، عندما هددوا كما علمت لاحقاً من بعض أعضاء المجلس العسكرى السابق بنسف عدة مبانٍ رئيسية فى ميدان التحرير منها جامعة الدول العربية، والمتحف المصرى، والمجمع العلمى، والجامعة الأمريكية، إذا جاء الفريق أحمد شفيق رئيساً للجمهورية، وحمل 500 شاب منهم فى ميدان التحرير أكفانهم على أيديهم، وابتلع ساعتها أعضاء المجلس بقيادة المشير حسين طنطاوى طعم التهديد وأعلنوا «مرسى» رئيساً على الرغم من أن النتائج كانت لصالح «شفيق» بفارق ضئيل يتراوح بين 30، و40 ألف صوت فقط، وفى كل الأحوال سينفض الجمع فى رابعة العدوية، ربما ببعض الصدامات هنا أو هناك لكنها لن ترقى لحرب أهلية، وأى دم سيسفك سيظل فى عنق الإخوان وربما لا تقوم لهم بعد ذلك قائمة. * كيف تتصور خطوات المرحلة الانتقالية أو الترتيبات المستقبلة التى تحدث عنها الجيش؟ - أتخيل أن أبرز ملامحها مجلس رئاسى لا يضم أشخاصاً بصفاتهم الشخصية ولكن بمناصبهم مثل رئيس المحكمة الدستورية ومحكمة النقض والقوات المسلحة، وتكون مهمة هذا المجلس الإعداد والتخطيط للمرحلة الانتقالية وأتمنى ألا يضيع الإخوان الوقت بألاعيبهم المعتادة. * ما معنى الأخبار التى تسربت وتؤكد أن القوات المسلحة أصدرت بيانها دون تنسيق مع الرئيس؟ - هذا يؤكد أن الجيش قرر أن يتخذ موقفاً مستقلاً عن الرئاسة وليس ضدها على اعتبار أن الجيش يدرك أن عليه مسئوليات فرض الأمن والاستقرار والمؤسسة العسكرية لديها صلات قوية بالقوى الخارجية المؤثرة مثل واشنطن والاتحاد الأوروبى، ومن غير المعقول أن يقبل على ما أقبل عليه دون تنسيق معها، وإذا لم يكن الجيش حصل على ضوء أخضر مشجع منها فإنه حصل على الأقل على ضوء برتقالى بعدم الممانعة. * لماذا تأخر الرئيس فى رد فعله حتى الآن؟ - الكل يعلم أن القرار فى يد مكتب الإرشاد -الذى يجتمع الآن فى مصر الجديدة بعد حرق مقره فى المقطم- وليس الرئيس الذى يملك بحكم انتمائه للجماعة إلا السمع والطاعة وهذا جزء أساسى من أزمة الرئيس ومأزقه، فمن المؤسف أن زميل «البورش» الذى زاملته فى السجن وأشعر بتعاطف معه ليس سيد الموقف بل إنه مأمور يسمع ويطيع.