فيلم «شىء من الخوف» للمخرج حسين كمال وقصة الأديب ثروت أباظة بطولة شادية ومحمود مرسى يتضمن مشهداً عبقرياً للفنان أحمد توفيق فى دور «رشدى»، وهو أحد رجال «عتريس» زعيم العصابة الذى يسيطر بعصابته على القرية ويستبد بأهلها بالقوة المسلحة. فى هذا المشهد أصاب رشدى الجنون لأن أحداً لا يخاف منه كما يخاف من عتريس، فتوجه لبعض رجال القرية الذين تجمعوا وقرروا عدم الخضوع لظلم واستبداد عتريس وعصابته وعدم دفع الإتاوة، فتوجه لهم رشدى وقال لهم: «انتوا مش خايفين واللا إيه؟ انتوا مابتخافوش إلا من عتريس؟ أنا أجدع من عتريس، أنا بلوة سودة، أنا سفاح، أنا شرانى»، وراح يكرر العبارة الأخيرة عدة مرات، مما أوضح لأهل القرية أنه فقد عقله وأن ما يقوله هو مجرد هذيان، فانتهى المشهد بضرب رشدى -الذى توهم أنه يُخيف أهل القرية- بالأحذية، وبعدها اجتمعت القرية على قلب رجل واحد فتخلصوا من عتريس وعصابته ومن الظلم والطغيان وهرب جميع أفراد العصابة كالفئران المذعورة أمام وحدة رجال ونساء القرية. تذكرت هذه المشاهد بعد أن انتهت فاعليات المؤتمر الثانى لنصرة الرئيس مرسى والإخوان قبل يوم 30/6، والذى انعقد فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة بعد المؤتمر الأول الذى افتُعل لبحث أزمة سد النهضة الإثيوبى. والملاحظة المشتركة على المؤتمرين أن جمهورهما من فصيل واحد مناصر للإخوان والرئيس، وتبارى الحاضرون فى الهتاف بحياة الرئيس وإظهار أن له شعبية فى الشارع، ولكن المؤتمر الأخير انفرد عن المؤتمر الأول بأن وتيرة التهديد والوعيد لأهل مصر -ممن قرروا النزول يوم 30/6- قد اشتدت وتعالت الصيحات للتنديد بهم بل والدعاء عليهم ووصفهم بالكافرين والمنافقين الذين يقفون ضد الشرع والدين، يحدث هذا بالتزامن مع تصريحات لإرهابيين يحذرون من أن النزول إلى الشارع فى يوم 30/6 سيعنى الخروج عن الإسلام، وأن الجزاء هو القتل وأن على من يريد السلامة أن يجلس فى بيته، وكذلك تسريب أخبار عن وصول جهاديين وتكفيريين من أفغانستان لمناصرة الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين. وقال الشيخ صفوت حجازى فى مؤتمر صحفى بأنهم يمدون المقاومة فى سوريا بالأسلحة ومنذ عام، وطبعاً علينا أن نستنتج أن لديهم أسلحة بل فائض يصدرونه لمجاهدى سوريا فنخاف نحن فى مصر ولا نفكر فى النزول يوم 30/6. إن ما قاله الشيخ صفوت حجازى يعنى أننا نعيش فى اللادولة، فمن أين أتى بالسلاح الذى صدّره لسوريا؟ وكيف تم إمداد المقاومة السورية به؟ وأين أجهزة الأمن المصرية من داخلية وأمن وطنى ومخابرات عامة ومخابرات حربية من كل هذه المزاعم؟ ومن أين أتى الشيخ صفوت بالأموال التى اشترى بها السلاح ومن أى مصدر؟ وسكوت الأجهزة على هذه التصريحات لا يعنى إلا أنها ادعاءات كاذبة لم يُقصد بها إلا تخويف من يعارضون الإخوان والرئيس، ولو كانت حقيقية لتم القبض عليه فوراً، ولكن كيف يتم القبض عليه والرئيس يقبله ويحتضنه فى المؤتمرات؟ يؤكد هذا أن الجيش الحر أعلن بعد المؤتمر أنه سيطلب من مصر رسمياً إمداده بالأسلحة، مما يؤكد عدم صدق التصريحات، لأنه لو كان قد تم إمداده بالسلاح فى الماضى ومنذ عام لما طلب اليوم إمداده بالسلاح. وفى المؤتمر الأخير أعلن الرئيس مرسى قراراً من شأنه تحرير سوريا من الطغيان والاستبداد وهو قرار قطع العلاقات مع سوريا وإغلاق السفارة السورية بالقاهرة وسحب القائم بالأعمال من سوريا، فهلل الحاضرون فى المؤتمر، وتعالت الهتافات والتكبيرات، حتى إننى تخيلت أن الرئيس قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وطرد سفيرها من القاهرة. وبالرغم من أن النظام السورى يتلقى دعمه بالمال والسلاح والعتاد من إيران وروسيا والصين إضافة إلى الدعم السياسى فى الأممالمتحدة من الدولتين الأخيرتين وهما من أصحاب حق «الفيتو» فى مجلس الأمن، وهذه الدول تُعين نظام بشار الأسد على قتل الشعب السورى، إلا أن الرئيس لم يفكر حتى فى تخفيض التمثيل الدبلوماسى مع هذه الدول، بل وقام بزيارتها جميعاً وهو يعلم موقفها المساند والداعم لنظام بشار الأسد، فكان الأولى أن يتخذ موقفاً من هذه الدول إن كانت هناك مصداقية فى المواقف لا أن يقطع علاقته بالنظام السورى الذى لولا دعم هذه الدول له لما استمر فى قتل أبناء سوريا لأكثر من عامين. ثم ما علاقة الجهاد والدعم لنصرة القضية السورية بقطع العلاقات معها؟ ثم ألم تلاحظوا أن الرئيس لم يذكر أن العدوان على لبنان فى 2006 كان من إسرائيل وترك العبارة «مبنية للمجهول» ولم يذكر اسم إسرائيل صراحة التى أشادت بقرار الرئيس بقطع العلاقات مع سوريا؟ والسؤال الذى طرح نفسه عقب هذا المؤتمر مِن كل من شاهدوه ووفقاً لفقه الأولويات: أيهما أحق بإعلان الجهاد ضده وأيهما أحق بقطع العلاقات؛ إسرائيل التى تدنس القدس الشريف والمسجد الأقصى وترسخ احتلال الأراضى الفلسطينية بالقوة المسلحة وتقتل الأبرياء وتنتهك الأعراض أم النظام السورى مع اتفاقنا على إجرامه؟ خلاصة القول أن ما تم عقده من مؤتمرات التيارات الدينية لمناصرة الإخوان وإطلاق التصريحات لإرهاب المصريين الرافضين لحكم الإخوان ولحكم الرئيس مرسى وتسريب أخبار عن وصول جهاديين من أفغانستان وتصدير أسلحة يوحى بامتلاكهم لأسلحة ووصم المتظاهرين فى 30/6 بالكفر والنفاق لمقاومة «الإسلام»، كل ذلك وما سوف يستجد لا يخرج عما قاله رشدى فى فيلم شىء من الخوف «انتوا مش خايفين واللا إيه؟ انتوا مابتخافوش إلا من عتريس، أنا أجدع من عتريس، أنا بلوة سودة، أنا سفاح، أنا شرانى». ولا أعتقد أن النهاية ستختلف عن نهاية مشاهد الفيلم، فالنهاية اقتربت، وستقضى مصر وشعبها على الخوف كل الخوف، لأن كل هذه التهديدات نوع من الهذيان، بل هى الهذيان بعينه، فالشعب المصرى كله مع الإسلام وضد الإخوان.