واصل العشرات من المثقفين والفنانين، أمس، لليوم الثالث على التوالى اعتصامهم داخل مكتب علاء عبدالعزيز وزير الثقافة بالزمالك، معلنين عن «استقلال الوزارة» وعن رفضهم دخول الوزير إلى مكتبه بعد «سحب الثقة منه»، ومشيرين إلى حصولهم على خطاب رسمى يطلب من وزير الثقافة مقابلة قيادات من جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» لبحث الاهتمام بالآثار اليهودية فى مصر، على حد قولهم. وتحول الاعتصام إلى أمسية ثقافية وفنية شارك فيها بعض الفنانين والمبدعين، ومنهم عزة بلبع ورامى عصام وأعضاء فرق «دار الأوبرا» التى ظلت تعزف حتى منتصف الليل. «الوطن» عايشت الأدباء والفنانين فى «ليلة استقلالهم» الأولى بمقر الوزارة، حيث نصب عدد منهم الخيام أمام الوزارة، فيما استمرت المنصة فى الهتاف ضد الوزير و«الإخوان» حتى ساعات متأخرة من الليل، وعقد المعتصمون اجتماعاً لاختيار من يمثلهم فى «إدارة الاعتصام»، وأعلنوا عن اختيار خالد يوسف ومحمد العدل ومحمد هاشم وعصام السيد، وسيد فؤاد وحامد سعيد، وتناوبوا على حراسة مقر الوزارة خوفاً من الدعوات التى أطلقها بعض المنتمين للتيارات الدينية بالهجوم على مقر الوزارة وفض الاعتصام بالقوة، وحفظوا اللوحات والأعمال الفنية الموجودة بمقر الوزارة داخل أحد المكاتب خشية سرقتها. أجواء الاعتصام داخل مقر الوزارة لم تختلف كثيراً عن الاعتصام خارجها، حيث كتب الفنانون أشعارهم المنددة بحكم «الإخوان» على لافتات ووضعوها على حوائط الوزارة، وجمعوا تبرعات من بعضهم البعض لتوفير طعام للمعتصمين، فيما اختفى مؤيدو الوزير تماماً وأزالوا المنصة التى أقاموها لمهاجمة الفنانين والأدباء المعتصمين ووصفهم ب«أعداء المشروع الإسلامى وأصدقاء الفساد والمفسدين». واستمرت البيانات المنددة بقرارات الوزير الأخيرة فى الصدور من «مجلس قيادة الاعتصام» حتى الساعات الأولى من فجر أمس، إذ أصدر المعتصمون بياناً أعربوا فيه عن «قلقهم البالغ من تعيين أحد قيادات الإخوان مديراً لدار الكتب والوثائق القومية». واعتبر البيان أن «التعيين ينطوى على مخاطر بالغة، منها إتلاف أو تسريب وثائق التنظيم أو أى أوراق تمس الأمن القومى العام مثل قضايا الحدود وخاصة حلايب وشلاتين وسيناء، وذلك فى ضوء ما صرح به مصدر مسئول سودانى بأن هناك تفاهماً بين الجماعتين الفاشيتين فى مصر والسودان من تنازل عنها لصالح السودان، ولم ينف الجانب المصرى المسئول هذه التصريحات»، حسب البيان. وأعلنت المنصة عن حصول المثقفين على خطاب موجه من الدكتور محمد صفوت عبدالدايم، أمين عام مجلس الوزراء، يطلب من وزير الثقافة التوجه لمقابلة قيادات من جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» لبحث الاهتمام بالآثار اليهودية فى مصر. من جانبها، أصدرت فرق «المسرح المستقل» بياناً قالت فيه: إن المسرح مبنى أساساً على مرجعية فكرية لها موقف من السلطة بالضرورة، ونظراً لجهل الموظفين وأعضاء حزب «الحرية والعدالة» أنصار وزير الثقافة فقد حمل أحدهم لافتة كتب عليها «المسرح المستقل يؤيد وزير الثقافة»، ولا رد سوى «يا عزيزى المسرح المستقل لم يؤيد أى وزير ولا أى نظام منذ نشأته حتى الآن فهو دائماً على اليسار طارحاً نفسه كمسرح معارض جمالياً وفكرياً للسائد وللفاسد بالضرورة، ولذا لا سبيل على أى حال أن يؤيد المسرح المستقل وزيركم المزعوم». وأضاف البيان: «وإننا كمسرحيين ونشطاء ينتمون إلى تيار المسرح المستقل نؤكد رفضنا لوزير بهذا القدر من الضآلة الثقافية والمنجز الثقافى، وزير يعتقد أن الثورة ضد فلول الإخوان ثورة مضادة، ويرى الانتماء للجماعة الكارهة للفن والحرية والإبداع شرفاً لا يدعيه، وزير يجازى موظفيه لأنهم سمحوا بدخول المثقفين والفنانين إلى مبنى وزارتهم الذى يبدو أنه يعتقده فيلته الخاصة، ولكننا مستمرون فى اعتصامنا حتى نُسقط النظام». من جهتها، ناشدت «جبهة الإبداع المصرى» جموع المبدعين المصريين فى القاهرة الكبرى والمدن القريبة منها «سرعة اللحاق بالمعتصمين فى مقر الوزارة حتى يتم تحقيق مطالب المعتصمين، وإقالة الوزير». وحملت الجبهة «نظام الحكم الحالى فى مصر مسئولية سلامة المعتصمين بوزارة الثقافة الذين يعبرون عن رفضهم بمنتهى السلمية والتحضر لقرارات الوزير وسياساته الحالية»، مشيرة إلى أنه «لم تحدث حالة احتكاك بدنى واحدة منذ بدء الاعتصام صباح الأربعاء الماضى حتى هذه اللحظة ولم يلحق التخريب بأى منشأة أو محتوى، فمعركتنا ضد أخونة الثقافة المصرية والمساس بالهوية المصرية جزء لا يتجزأ من المعركة ضد نظام حكم لم يرتقِ إلى حجم اللحظة ولا إلى طموحات الشعب المصرى».