أحداث «تقسيم» انتفاضة ضد ديكتاتورية «أردوغان». بهذه الكلمات لخص الخبير التركى، «جمالى أونال»، أحداث ميدان «تقسيم» الأخيرة فى تركيا، مؤكداً أن «أردوغان» الذى حقق كثيراً من الإنجازات فى فترتى حكمه الأولى والثانية تحوّل فى فترته الثالثة لديكتاتور شعاره «اسمعوا وأطيعوا».. وهو ما يرفضه قطاع كبير من الأتراك الذى يتحفظ على عقلية «أردوغان» الإخوانية التى تقود حزباً ليبرالياً كبيراً مثل «العدالة والتنمية». ■ هل كان انفجار أحداث ميدان «تقسيم» مفاجأة أم له مقدمات؟ - أحداث «تقسيم» بدأت بشكل عفوى وكرد فعل عنيف على إصرار رئيس الحكومة، رجب طيب أردوغان، أن يفرض رؤيته على الجميع فى تطوير ميدان «تقسيم» التاريخى الذى يشبه فى أهميته ميدان التحرير فى مصر. الخلاف لم يكن حول خطة الحكومة لتطوير الميدان بحيث يصبح مقصوراً على المشاة فقط بعد شق طرق تحت الأرض للسيارات ولكن حول المنطقة الخضراء الوحيدة فى الميدان. الناس تريد الاحتفاظ بها مساحة خضراء كمتنفس وحيد لكن رئيس الحكومة، رجب أردوغان، فاجأ الناس والمسئولين بإصراره على إعادة بناء مبنى تاريخى لقاعدة عسكرية على المنطقة الخضراء، وهو الرأى الذى رفضه أغلب المواطنين وعارضه حتى رئيس الدولة.. والرجل الثانى فى حزبه.. الذين اشتكوا لأن «أردوغان» لم يتشاور معهم. وعموماً الاحتجاجات بدأت عادية وسلمية لكنها سرعان ما تطورت بانضمام متطرفين ومخربين، وأحزاب المعارضة كل له أغراضه ومآربه وزاد من اشتعال الموقف عناد «أردوغان» الذى اضطر فى النهاية للرضوخ.. وإذا أصر على عناده فسيتحول «تقسيم» لميدان تحرير جديد فى تركيا. ■ وما سبب هذا التغير فى تقديرك؟ - أحد هذه الأسباب أنه بقى فى السلطة أكثر مما ينبغى، فهو رئيس للحكومة منذ 11 عاماً، وقبلها كان عمدة لإسطنبول، أى أنه فى السلطة منذ 20 عاماً، والآن يرغب فى تغيير الدستور بحيث يصبح رئيس تركيا رئيساً فعلياً على النمط الأمريكى أو الفرنسى. ■ لكن ما الذى يشجع «أردوغان» على الانفراد بالسلطة وما الذى يجبر الأتراك على انتخابه أكثر من مرة؟ - لأنه ببساطة لا يوجد بديل، فأحزاب المعارضة عندنا -مثل مصر- ضعيفة لا تقوى على منافسته. وأنا شخصياً لا أحبه لكن صوّت له لنفس السبب لا يوجد بديل. وحتى الآن ورغم أحداث «تقسيم» فإن «أردوغان» قادر على الفوز ثانية فى أى انتخابات قادمة على الأقل بنسبة 50% والفضل فى ذلك يرجع للأحزاب الضعيفة. ■ هل الصراع الحالى له علاقة بالإسلاميين وغير الإسلاميين؟ - لا علاقة بالصراع بين الإسلاميين والعلمانيين بهذه القضية، فبعض الإسلاميين يناصرون «أردوغان» وبعضهم يعارضونه ومنهم حزب الرفاه (إخوان تركيا). الطريف أن حزب العدالة والتنمية ديمقراطى على عكس رئيسه «أردوغان» المتشدد. ويمكن أن تعتبر «أردوغان» رئيساً إخوانياً (فى عقليته وميوله) يقود حزباً ليبرالياً! ■ الإخوان عندنا مبهورون ب«أردوغان» ويريد الرئيس مرسى -على ما يبدو- أن يسير على خطاه فبماذا تنصحهم؟ - أتمنى أن يقتدى الإخوان ويتعلموا من حزب «أردوغان» المتنوع، الذى يضم كل الأطياف وتنصهر فيه كل التوجهات، وليس «أردوغان» فهو لا يختلف عن أى ديكتاتور فى المنطقة العربية ربما يشبه مبارك. ■ هل هناك أى وجه للمقارنة بينه وبين الرئيس المصرى محمد مرسى؟ - أنا لا أفهم شيئاً مما يقوله الرئيس مرسى، كما أنه لم يحقق أى شىء على الأرض، وبالتالى أجد صعوبة فى عقد المقارنة. ربما وجه الشبه الوحيد أن قرارات مرسى وقرارات «أردوغان» الأخيرة وحّدت المعارضة المنقسمة على نفسها ضده.. «مرسى» أقرب شبه بالزعيم التركى الإخوانى (أيضاً)، نجم الدين أربكان، الذى وضع البلاد فى دوامة من الاضطرابات قبل أن يسقط فى منتصف التسعينات.