الأشجار هى القشة التى قصمت ظهر البعير.. هكذا لخص أحد المشاركين مشهد المظاهرات التى اندلعت فى تركيا، رفضاً لإزالة إحدى الحدائق الأثرية فى ميدان «تقسيم» التركى، بمدينة إسطنبول، ليتم بناء مركز تجارى مكانه. تعبير المواطن كان موفقاً للغاية، فالطريقة التى اندلعت بها المظاهرات فى تركيا تؤشر إلى وجود العديد من التراكمات داخل نفس المواطن التركى أدت فى لحظة معينة إلى الانفجار، وكذلك شأن الشعوب دائماً عندما تثور فى لحظة، لتعبر من خلالها عن حالة من الغضب التى ظلت تختمر فى ضميرها عبر فترات زمنية طويلة. كذلك انتهى الحال بتركيا التى كان يضرب بها المثل على الحكم الإسلامى الرشيد، والتى ظلت نموذجاً تسعى العديد من الدول إلى احتذائه، من بينها مصر، خصوصاً بعد اعتلاء المتأسلمين سدة الحكم، بعد ثورة 25 يناير. ولعلك تذكر أن تركيا كدولة وأردوغان كمسئول سياسى كانا أول من مد يد العون للنظام الإخوانى بمصر، وربما تكون قد تابعت الزيارات المتلاحقة التى قام بها مسئولون إخوان (رسميون وغير رسميين) إلى مدن تركية عديدة، كان آخرهم رئيس الوزراء هشام قنديل، وخيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة. لقد ظلت تركيا قبلة، وبقى حزب «العدالة والتنمية» حلماً للكثير من القوى الإسلامية التى كانت تحلم بالوصول إلى الحكم من بلاد شتى، ولولا «الملامة» لبادرت جماعة الإخوان المسلمين إلى تسمية الحزب الذى أنشأته بعد الثورة بنفس اسم الحزب التركى الحاكم، لكنها لم تبتعد كثيراً عنه حين أطلقت على حزبها اسم «الحرية والعدالة». وإن هى فى النهاية إلا أسماء سميتموها يا إخوان مصر وتركيا، ما أنزل الله بها فى الواقع من سلطان. فقد خرج الأتراك يعبرون عن احتقان تراكم عبر سنين، أعربوا فيها عن عدم انخداعهم بالتنمية والعدالة المصطنعة التى يستطيع أن يكتشف زيفها بسهولة أى زائر لتركيا، حين يلاحظ انتشار الفقر فى كل مكان، بما يؤشر إلى عدم تحقيق تنمية حقيقية، وإنجاز نوع عجيب من العدالة فى توزيع الفقر على القطاع الأكبر من الأتراك، والأمر نفسه ينطبق على حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة، وهو الحزب الذى يقمع حرية من يخالفه الرأى، ويجتهد فى تحويل العدالة فى مصر إلى «ملاكى إخوان»!. كذلك فعلت الدول والحكومات التى تتحدث باسم الإسلام، والإسلام منها براء، فترخصت فى امتصاص دماء الشعوب. ومشروع المركز التجارى الذى يريد أردوغان بناءه، على حساب الشجر الذى يستظل به المواطن التركى الفقير، لا يختلف قليلاً أو كثيراً عن مشروع إقليم القناة الذى يريد الإخوان فرضه علينا، ولا عن مشروع الصكوك الذى مرروه رغم أنف الجميع. فكل ما تتبناه الجماعة من مشروعات وما تصدره من قوانين يجعل منها «دراكولا» أو مصاص دماء للمصريين، يسعى إلى إفقارهم فقر «دكر»، وهيهات.. الغضب قادم لا محالة!.