العلم رمز لقيمة الوطن، قطعة بسيطة من القماش تحتوى على مجموعة من الألوان، لكن قيمتها وهيبتها تجعلها ترفرف فى السماء وتدفع العيون إلى احترامها، وفى أحيان كثيرة يرفع بعض الفنانين «العلم» لمغازلة الجماهير واستثمار لحظة معينة لكسب حب الناس، وليس هذا تشكيكا أو تفتيشا فى النوايا، ولكن هناك ممارسات يرتكبها بعض الفنانين مثل الرقص بالعلم، أو وضعه على الأرض، الأمر الذى يشكل إهانة لرمز الوطن واستهتارا بهيبته. على سبيل المثال تعرضت المطربة الأمريكية «ليدى جاجا» لانتقادات حادة من وزارة الثقافة فى تايلاند، بسبب ما وصف بأنه استخدام غير لائق لعلم البلد، خلال حفل فى العاصمة التايلاندية، حيث ارتدت «جاجا» غطاء رأس وبيكينى بألوان العلم، وقال مسئول وزارة الثقافة إن العمل ليس مناسبا، وأساء إلى مشاعر الشعب التايلاندى. أيضا وضع كل المطربين المشاركين فى مهرجان «موازين» المغربى الأخير، الذى انتهت فعالياته منذ أيام قليلة، علم المغرب فوق أكتافهم أثناء الغناء. وبالعودة إلى عصر عمالقة الغناء أمثال أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وعبدالوهاب، لن تجد واحدا من بينهم رفع علم بلاده فوق المسرح أو لفه حول عنقه، وليس هذا إلا احتراما لهيبة العلم الذى صنع كى يظل عاليا يقترب من السماء. ولا خلاف على أن ثورة يناير دفعت عددا من النجوم إلى الظهور بعلم مصر فى كل حفلاتهم الغنائية، ربما للتأكيد على أنهم من المؤيدين للثورة التى غيرت وجه مصر، أو ربما للحفاظ على علاقة الود التى تربط بينهم وبين الجمهور، ففى مهرجان الموسيقى العربية الأخير حرصت غادة رجب على أن تلف نفسها بالعلم، ونجحت فى انتزاع صيحات إعجاب جمهور الأوبرا، حيث رفعت العلم ثم وضعته على الميكروفون، وفى النهاية لفته حول عنقها. وفى حفله الأخير بمدينة «هيوستن» بولاية «تكساس» الأمريكية، حرص عمرو دياب على حمل علم مصر وتقبيله أمام الجماهير، ثم قام بتعليقه على الجيتار الخاص بعازف فرقته عمرو طنطاوى، وهذه مشاعر طيبة أراد عمرو التعبير عنها بهذا التصرف، ولكن تم تفسير موقفه بأنه محاولة لاسترضاء الجماهير الغاضبة بسبب صمته الدائم ورفضه التعليق على الأحداث منذ الثورة وحتى الآن. أما ماجدة الرومى فتحرص دائما على الظهور بعلم بلدها «لبنان»، وكثيرا ما تختم حفلاتها الغنائية بكلمة تناشد من خلالها كل القوى السياسية فى لبنان بتوحيد الصف والالتفاف حول حب لبنان، والعمل من أجل السلام. حول ظاهرة الظهور بالعلم يتحدث الإعلامى وجدى الحكيم قائلا: «عاصرت نجوما كبارا أمثال: أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب، ورغم الظروف السياسية المشتعلة التى عاصرها هؤلاء النجوم، لم يلجأ أحدهم إلى رفع العلم على المسرح أو التلويح به، حيث أدرك هذا الجيل أن الوطنية هى أن تكون فاعلا، لذا قامت أم كلثوم بالغناء لصالح المجهود الحربى، وعندما طلب منها رفع العلم فوق المسرح، قالت: لعلم مصر وقار وهيبة، ورفضت هذا الاقتراح، كما غنى عبدالحليم حافظ أغانى وطنية لإثارة حماس الجنود وإعادة الثقة فى نفوس المصريين، وكان يدرك أن الوطنية هى أن تعمل لصالح مصر، ولهذا فإنى أندهش من صعود مطربى هذه الأيام بعلم مصر، والرقص به أحيانا، وكثيرا ما أسأل نفسى: هل يجهل هؤلاء قيمة العلم.. رمز الوطن، حتى إنهم فى بعض أغانى الفيديو كليب يفرشون العلم على أرض كوبرى قصر النيل؟ وعلى الجيل الجديد أن يبتعد عن هذه الأفعال، حتى لا يضيع وقار العلم». ويقول الناقد طارق الشناوى: «أغلب الفنانين فى مصر يحاولون استغلال المواقف لتحقيق مكاسب، وهناك عدد من نجوم الفن كانوا بمثابة القوة الناعمة للنظام القديم، وفى محاولة لكسب ود الناس من جديد حرصوا على رفع «علم مصر» فى الحفلات، ونجوم التمثيل أيضا قدموا أعمالا فنية انحازوا فيها للثورة، مثل تامر حسنى الذى رفضه ميدان التحرير وبعد ذلك رفع العلم وغنى وقدم مسلسلا للثورة، وباختصار أقول إن رفع العلم على المسرح يعد استغلالا لمشاعر الجماهير».