سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الإخوان" تتجاهل هشام رامز وتدخل مرحلة الصدام مع "المركزى" بفرض ضرائب على مخصصات البنوك مصدر: القانون يهدد سلامة المراكز المالية للبنوك ويخفّض تصنيفها الائتمانى
طبقاً للمعايير الدولية والأعراف العالمية تبقى استقلالية البنك المركزى محل اتفاق بين الجميع، ويبقى التدخل فى شئون القطاع المصرفى صعب المنال من الحكومة أو الأطراف السياسية المختلفة، حتى السلطة التشريعية لا يمكنها تجاوز البنوك المركزية واتحاد المصارف فى صناعة القوانين التى تخص عمل المؤسسات المصرفية، ويبقى رأيها الفنى والمتخصص هو ميزان صناعة التشريعات، بما يتوافق مع الدستور وصحيح القانون. تلك الرؤية هى ما حافظت على الجهاز المصرفى إلى حد بعيد، طيلة الحقبة الماضية، بعد انتهاكات متكررة من قبل حكومة الدكتور عاطف عبيد لاستقلالية البنك المركزى والبنوك العاملة فى السوق المحلية، حتى قيل عن تلك الحقبة إن الساسة تحكموا فى البنوك وصارت القروض تمنح «بالتليفون». الجميع أكد أن استقلالية الجهاز المصرفى، وعلى رأسه البنك المركزى هى ما جعلت أمامنا اليوم بنوكاً قوية تتمتع بسلامة مراكزها المالية استطاعت العبور من أزمات اقتصادية عدة أبرزها الأزمة العالمية التى أطاحت بكبريات مؤسسات المال فى العالم. ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من وزارة المالية التى يسيطر عليها أعضاء اللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ورئيسها الدكتور عبدالله شحاتة الذى يعمل مستشاراً للوزير المحسوب على «الجماعة»، بطرح تعديلات تشريعية لتحصيل ضرائب على مخصّصات البنوك، يعد بمثابة تهديد لاستقلالية البنك المركزى، ويهدّد سلامة الجهاز المصرفى وينذر بكارثة اقتصادية، لأنه يفتح الباب أمام تدخلات فى العمل المصرفى مستقبلاً، وتبرز خطورة الموقف بعد أن وافق عليها مجلس الشورى دون مناقشة القطاع المصرفى، سواء من خلال اتحاد البنوك، أو البنك المركزى، وهو ما يضع كل تلك الجهات فى حالة تصادمية، خصوصاً مع تمسُّك «الإخوان» بالضريبة رغم أنها تشذ عن الأعراف العالمية. المصرفيون حذّروا من كوارث اقتصادية بسبب التدخل فى شئون القطاع المصرفى أو إجراء تعديلات قانونية تخص جوهر عمل البنوك دون الرجوع إلى البنك المركزى واتحاد البنوك، غير أن تلك التعديلات القانونية دخلت إلى مجلس الشورى من خلف ظهر محافظ البنك المركزى ولم تناقش فى مجلس الوزراء، وهو ما يشير إلى تخوُّف من رفضها، فكان الاتجاه إلى إقرارها ب«الشورى» فى الخفاء، وفقاً لمصادر حكومية أكدت تجاهل طرف أصيل «البنك المركزى» فى مناقشاته قبل إقراره من قبل مجلس الشورى. ووافق مجلس الشورى بعد مناقشات بحضور مسئولى وزارة المالية، يوم الاثنين، على إخضاع مخصصات البنوك للضرائب بناءً على اقتراح أشرف بدر الدين، النائب عن حزب الحرية والعدالة. هشام عز العرب، رئيس اتحاد بنوك مصر، قال إنه من المزمع عقد اجتماع عاجل لمجلس إدارة اتحاد البنوك لرفع ورقة إلى محافظ البنك المركزى، بخصوص الضرائب التى سيتم تحصيلها عن المخصصات، نظراً لأنه يمثلنا أمام كل الجهات. وأضاف «عز العرب» فى تصريحات خاصة ل«الوطن» أن دورنا المنوط به كاتحاد تمثيل البنوك ورأينا استشارى يتم من خلال لجان فنية، مشيراً إلى أن كل المحادثات الهاتفية مع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد أكدت أن عبء اضمحلال القروض «المخصّصات»، هو مصروف أصيل معترَف به فى العالم كله، وهناك لبس بين ما تجنبه الشركات والبنوك من مخصصات، حيث إنها مصروف أصيل لنشاط البنوك، لأنها تواجه مخاطر تتطلب مخصصات فى مقابلها. وأشار رئيس اتحاد البنوك إلى أنه كان هناك لبس فى حقبتى الثمانينات والتسعينات حول تلك الجزئية ونتج عن ذلك ضعف المراكز المالية للبنوك وعدم تكوين مخصصات كافية للقروض المتعثرة، وتحملت الدولة ودافعو الضرائب الثمن فى النهاية باهظاً، وبالتالى لا نريد العودة للوراء، وتكرار أخطاء الماضى، بل يجب الاستفادة منها، وكنا نتوقع من المشرّع رفع نسبة الخصم إلى 100% بدلاً من 80%. وحول ما يثار بأن البنوك تتوسع فى تجنيب المخصصات للتهرُّب من الضرائب، أكد «عز العرب» أن هذا الكلام عارٍ تماماً من الصحة، لأن مكافآت مديرى البنوك ترتبط بأداء المؤسسة من صافى الربح بعد خصم المخصصات والضرائب، وبالتالى ليس من مصلحته زيادة المخصصات بما لا يتفق مع الواقع، كما أنها ترد للأرباح مرة أخرى بعد انتفاء الغرض منها. وأكد أن البنوك لم تتحدّث أو تعترض على ما قام به المشرّع من إلغاء الإعفاء الممنوع للبنوك على الأرباح الرأسمالية المحقّقة نتيجة التعامل فى البورصة، ورغم أنه قد يضر بنشاط البورصة، فإنه ليس خطأً فنياً، ولذا لم نتحدث فيه أو نتكلم عنه، لكن القرارات الأخيرة تحتاج إلى وقفة، لأننا دفعنا ثمنها غالياً جداً فى الثمانينات والتسعينات، ولن نعود للخلف مرة أخرى. علاء سماحة، رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، قال إن التدخل فى شئون القطاع المصرفى وتحديداً البنك المركزى غير مسموح به دستورياً وقانوناً لأنهما أعطيا «المركزى» صلاحية الرقابة على البنوك وحمّله المسئولية الكاملة لإصلاح أى ثغرات تحدث. وتابع «سماحة» أن «المركزى» مستقل وفقاً للدستور، فيما يحدد قانون البنوك 88 لسنة 2003 آلية التعامل مع البنوك، مشيراً إلى أنه يجب الرجوع إليه قبل اتخاذ قرارات من شأنها التأثير على عمل البنوك. وأضاف أن إقرار قوانين تتعلق بالبنوك دون عمل البنك المركزى يهدد استقلالية «المركزى» ويعد خطوة تفتح الباب للتدخل فى شئون القطاع، وهو ما سيعود بالبنوك إلى الوراء لفترة الفساد، بسبب تدخلات الحكومة فى شئونه، وهو ما يتعارض مع المعايير والأعراف العالمية، ومنها قواعد الحوكمة. وأشار رئيس مجلس الإدارة إلى أن المخصّصات تقوم البنوك بتكوينها من أرباحها لمواجهة احتمالات عدم سداد القروض الممنوحة، حفاظاً على أموال المودعين، وهو ما أقرته القوانين المحلية والمعايير الدولية لسلامة المركز المالى. وطالب «سماحة» بأن يعود الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، إلى صف البنك المركزى، قبل إقرار الضريبة الجديدة باعتباره الجهة الفنية والرقابية الأولى على الجهاز المصرفى حتى تصدر القرارات فى النهاية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطنى. من جانبه، قال أحد القيادات المصرفية إنه يجب العودة إلى الفنيين قبل إقرار أى قانون يخص البنوك، ولا يمكن تجاهل جماعة الإخوان البنك المركزى، لافتاً إلى أن ذلك التجاهل ينذر بكارثة ويضر بسلامة القطاع المصرفى ويهدد الاقتصاد، انطلاقاً من تهديد استقلالية البنك المركزى والعودة بالبنوك إلى عصر اضمحلال القطاع. وأضاف أنه على الرغم من أن لكل التيارات السياسية حقاً كاملاً فى إعداد القوانين، فإنه لا يحق لها إقراره من خلال برلمان تسيطر عليه دون الرجوع إلى الفنيين المتخصصين فى القطاع، متسائلاً لماذا الخوف من مناقشة القانون مع البنك المركزى واتحاد البنوك؟ ولماذا إقراره فى الخفاء من وراء ظهر محافظ البنك المركزى؟، خصوصاً أن وزارة المالية تعلم به، مشدداً على أهمية ابتعاد الإخوان عن الجهاز المصرفى، لأنه «الترس الوحيد اللى لسه شغال فى مصر» على حد تعبيره، وأن تلك الأمور قد تجعل هناك صداماً بين جهتين مسئولتين عن السياسة المالية والنقدية فى البلاد، وهما وزارة المالية التى يسيطر عليها الإخوان حالياً والبنك المركزى الذى يعمل خارج نطاق اللعبة السياسية. وأضاف أن اتهام البنوك بتكوين مخصصات مبالغ فيها أمر غير مقبول، نظراً لأن تلك المخصصات هى التى حفظت المراكز المالية للبنوك طوال السنوات الماضية، وحقّقت الاتزان فى ميزانياتها، بخلاف أنها تعد أحد عوامل الحماية لأموال المودعين، موضحاً أن ذلك الاتجاه يعد دعوة إلى تخفيض نسبة المخصصات بالبنوك، وهو ما يهدد المركز المالى وأموال المودعين. وألمح إلى أن تكوين المخصصات ليس بالضرورة معناه أن القرض الذى تم تجنيب تلك المخصصات له من الأرباح، متعثر، وقد يكون هناك احتمالات بنسبة 30% على سبيل المثال أنه لن يستطيع سداد أموال البنوك وهو ما تقوم البنوك بتجنيب مبالغ مالية من أرباحها لمواجهة تلك المخاطر، وهو ما تحدده معايير المحاسبة الدولية والضوابط والقوانين المحلية. من جهتها، قالت بسنت فهمى، إن فرض ضرائب على مخصصات البنوك خطأ كبير ويخالف المقررات والمعايير العالمية، مشيرة إلى أن البنوك تجنّبها من الأرباح لمواجهة احتمالات عدم تحصيل مبالغ معينة من المقترضين، وإذا تم تحصيل ضريبة عليه ستنخفض قيمة المخصص، وبالتالى تتعرّض السلامة المالية للبنوك للأذى. وأضافت «بسنت» أن تحصيل رسوم أو ضرائب على البنوك سيخفض حجم المخصصات، وبالتالى ستقوم المؤسسات العالمية بتخفيض التصنيف الائتمانى للبنوك لعدم كفاية مخصصاتها من ناحية، مشيرة إلى أن تكوين تلك المخصصات كان سبباً من أسباب حماية الجهاز المصرفى. وأكدت أنها مؤمّنة بأن البرلمان هو أعلى سلطة فى البلاد وأن البنك المركزى «مش فوق الكل»، لكنه مستقل وجزء من المنظومة ويجب أن يناقش تلك القرارات والتعديلات التشريعية أولاً فى اتحاد البنوك، ورغم أنه من حق الأحزاب تقديم مشروعات قوانين فإنه لا يجب تجاهل البنك المركزى والجهاز المصرفى، لأنه صاحب الخبرة الفنية والمسئول الأول عن سلامة القطاع.