ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن جماعة الإخوان المسلمين قد أعلنت فوز مرشحها محمد مرسي، في انتخابات رئاسة الجمهورية، ليكون أول رئيس بخلفية إسلامية في العالم العربي، بعد سلسلة ثورات الربيع العربي. وأضافت الصحيفة أن الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري مساء أمس، يضمن سيطرته على الرئيس القادم حيث يمنح المجلس سلطة سن القوانين والتحكم في الموازنة وتحديد اعضاء الجمعية التأسيسية المنوط بها اصدار الدستور، وأشارت الصحيفة الى احتمال نشوب صراع على السلطة بين الاخوان والجيش، حيث ستحاول الجماعة خلق نظام حكم اسلامي، ويحاول الجيش الذي يقبض بإحكام على مقاليد الأمورفي البلاد منعها، واذا اصر الاخوان على موقفهم قد يدخلون في مواجهة مباشرة مع الجيش كما حدث سابقا. وفي "لوس انجلز تايمز" كتب "جفري فلايشمان" أن الاعلان الدستوري يضع حدا لصلاحيات الرئيس ويمهد لمواجهة جديدة بين العسكر والإخوان، واعتبر الإعلان احدث مناورة سياسية من جانب حرس مبارك القديم الذين يفرضون سيطرتهم على البلاد منذ فترة طويلة مما يشكل تغيرا سياسيا كبيرا، فالإعلان الدستوري يعطي الجنرالات سلطة إصدار قوانين ويمنع الرئيس القادم من الإشراف على ميزانية الجيش واعلان الحرب دون موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي فإن الإعلان يفسد فوز مرشح الاخوان بالرئاسة وأضاف فلايشمان ان الصراع بين الجيش والجماعة ينتقل الآن إلى مرحلة خطيرة قد تؤثر على المستقبل السياسي للبلاد، فقد أظهر الجيش انه لن يتنازل بسهولة عن السلطة بدليل الحكم بحل البرلمان وصدور قرار الضبطية القضائية. وتوقع "فلايشمان" أن ينتهي الأمر في مصر إلى ديمقراطية زائفة لا تحقق التغيير الذي طالبت به ثورات الربيع العربي، فمازال من غير الواضح كيف سيتصدى الاخوان لسيطرة الجيش على الحكومة وهل سيصطدمون به رغم تعاونهم معه ومقابلاتهم مع مسئولين في الجيش التي استمرت حتى انتخابات الإعادة؟ وهل سيتغير ذلك مع محاولة الاخوان الاستفادة من شرعية منصب الرئيس؟ وتحت عنوان إقبال ضعيف للناخبين في مصر كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أنه في ظل اقبال ضعيف من الناخبين بدا المجلس العسكري مستعدا لاحكام قبضته على السلطة التشريعية في مصر، وأن الإعلان الدستوري المكمل يسمح للمجلس العسكري بممارسة السلطات بدلا من البرلمان المنحل، حيث يمنحه الإعلان جميع السلطات التشريعية حصريا، بالإضافة إلى سيطرته على ميزانية البلاد حتى يتم انتخاب برلمان جديد، كما يتيح للجيش تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها إن الرئيس الجديد سيكون له سلطة تعيين الوزراء وبعض مسئولي الحكومة ووضع جدول زمني للانتخابات البرلمانية الجديدة. وذكرت الصحيفة ان عدد المقاطعين لجولة الإعادة في الانتخابات بدا اكثر من الجولة نتيجة عدم رضا قطاع كبير عن كلا المرشحين وعن اجراء الانتخابات تحت حكم العسكر. ووفقا للصحيفة فقد تباينت دوافع الناخبين في التصويت لصالح المرشحين مرسي وشفيق، فمن أعطوا أصواتهم لشفيق يرون أنه مستقل وذو خبرة في العمل الحكومي، وانه لن يورث الحكم لأبنائه كما كان ينوي مبارك، ولأنه عاصر أخطاء مبارك من المرجح أن يتجنبها، ومن الناخبين من صوت لصالح عبد المنعم ابو الفتوح في الجولة الاولى ثم صوت لمحمد مرسي في جولة الاعادة، لأنه لا يستطيع قبول شفيق كرئيس بعد ان رفضه كرئيس وزراء، ويؤكد انصار مرسي ان شفيق لن يفوز دون تزوير. أما مجلة "فوربس" فلخصت وجهة نظرها عن المشهد السياسي المصري في تقرير عنوانه "مصر تقترب من الحكم العسكري أو الحرب الأهلية أو كليهما"، وذكرت أن السؤال "من سيحكم مصر؟" بقي دون اجابة منذ الاطاحة بمبارك، وساهم حكم المحكمة الدستورية العليا في خلط الاوراق السياسية مرة اخرى مما جعل مصر تقترب من الحكم العسكري أو الحرب الاهلية، وأضافت أن قراري المحكمة بشأن حل البرلمان واستمرار شفيق كمرشح رئاسي يوضحان مدى قوة المجلس العسكري في السيطرة على مؤسسات الدولة المصرية. وترى المجلة ان العسكر قد اعتمدوا على حقيقة أن معظم المصريين افتقدوا مظاهر الحياة الطبيعية والاستقرار خلال شهور من الاضطرابات الداخلية، وهم على استعداد لقبول الاستقرار النسبي الذي سيوفره العسكر، حتى لو كان يعني العودة الى الوراء، واستشهدت المجلة بمقولة الفيلسوف إريك هوفر الشهيرة "عندما تدمر الحرية النظام، فإن الحاجة إلى النظام تدمر الحرية"، وتوقعت المجلة ان يكون وقوع اضطرابات في الشارع المصري مبررا كافيا للعسكر لاستعمال القوة بحجة استعادة النظام. وتوقعت المجلة ألا يجني العسكر كل شيء دون ثمن، فحتى من دون حدوث اضطرابات داخلية فإن الوضع في مصر قد سار من سيئ إلى أسوأ خلال الفترة الانتقالية، ولا يوجد مؤشر على انفراج الازمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وقد ساهمت الحكومة في تفاقم الاوضاع عندما رفضت عروضا لتقديم قروض من صندوق النقد الدولي، واعتمدت على وعود زائفة من دول الخليج الذين لم يف أغلبهم بها، مما يجعل مصر تقترب من أزمة اقتصادية طاحنة ستؤثر على فقرائها وأغنيائها. وأنهت المجلة تعليقها بأن مصر الآن في ظل ظروف عصيبة حتى لو أتى رئيس يتمتع بشعبية وبرلمان منتخب، لأن المجلس العسكري قد بذر بذور انقسامات كارثية بين القوى السياسية في مصر ولا يزال مصير البلاد مجهولا والشيء الوحيد المعلوم هو أن الفترة الانتقالية المليئة بالاضطرابات قد انتهت والوقت وحده سوف يثبت ما اذا كانت انتهت مشكلاتها ام مازال هناك المزيد.