فى صراعهن من أجل مشاركة عادلة فى السياسة وتمثيل متوازن فى المؤسسات التشريعية والتنفيذية، أجبرت أحزاب وتيارات اليمين الدينى النساء المصريات على الخروج كخاسرات من موقعتى كتابة الدستور وتعديلات قانون الانتخابات البرلمانية. عارض الإخوان والسلفيون أن ينص دستور 2012 على اعتماد قاعدة الكوتة النسائية فى المؤسسات التشريعية المنتخبة، ودفعا من ثم بمصر إلى وجهة بعيدة عن التحولات العالمية والعربية (فالعراق وليبيا وتونس جميعها اعتمدت الكوتة النسائية). ثم عارض الإخوان والسلفيون إقرار مبدأ التمييز الإيجابى للنساء، حين نوقشت تعديلات قانون الانتخابات فى مجلس الشورى خلال الأسابيع الماضية، فتذرع بعضهم بغياب النص الدستورى وهم من غيبوه، ودفع البعض الآخر بمقولات غير واقعية من شاكلة مسئولية الأحزاب والتيارات السياسية عن رفع معدلات ترشح وتمثيل النساء دون اشتراطات قانونية. ولم يكن دور أحزاب وتيارات المعارضة خارج مساحة اليمين الدينى فى الدفاع عن حق النساء فى مشاركة سياسية عادلة وتمثيل متوازن خلال العامين الماضيين، لا بالإيجابية ولا الفاعلية اللتين توقعهما الرأى العام. ففى نقاشات 2011 بشأن تنظيم قانون الانتخابات البرلمانية (مجلس الشعب ومجلس الشورى)، لم يطرح إلا عدد ضئيل من الليبراليين واليسار والقوميين تبنى الكوتة النسائية إن فى المؤسسات التشريعية أو الترشيحات الانتخابية. كذلك لم تختلف أحزاب وتيارات المعارضة خارج مساحة اليمين الدينى عن الإخوان (حزب الحرية والعدالة) فى تدنى معدلات ترشيحها للنساء فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى 2011 و2012. نعم طالب الليبراليون واليسار وغيرهم بالنص على الكوتة النسائية فى الدستور ووجهوا برفض اليمين الدينى، إلا أنهم عادوا وتجاهلوا الضغط من أجل الكوتة فى نقاشات قانون الانتخابات فى مجلس الشورى 2013 وحين بدأت بعض أحزاب جبهة الإنقاذ الوطنى الاستعداد للانتخابات البرلمانية قبيل حكم القضاء بإيقافها لم يرتفع بين صفوفها صوت واحد ينادى بتحديد نسبة معينة لتمثيل النساء فى القوائم الانتخابية. نساء مصر إذن، وعلى مركزية دورهن فى الثورة والحراك المجتمعى والمشاركة الشعبية فى الانتخابات، أمام تهميش منظم تمارسه أحزاب اليمين الدينى وتخاذل يتسم به أداء معارضيهم. لن تتحسن معدلات مشاركة النساء فى السياسة والتمثيل فى المؤسسات التشريعية، وبتحليل واقعى لمجتمعنا وظروفه، إلا باعتماد الكوتة بالنص عليها دستوريا وفى قانون الانتخابات وتخصيص 30 بالمائة من مقاعد البرلمان للنساء، ومن ثم إجبار الأحزاب والتيارات المختلفة على ترشيح النساء على قوائمها الانتخابية بمعدلات متوازنة وفى مواقع متقدمة. لن تتحسن معدلات تمثيل النساء فى المؤسسات التنفيذية، إلا باعتماد كوتة نسائية لمجلس الوزراء وللمحافظين (طالما استمرت مناصبهم بعيدة عن الانتخاب). وعلى نساء مصر، وهن، وفقا للأرقام ،الطرف المرجح فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، رهن تصويتهن للأحزاب وللتيارات المختلفة بتبنى اعتماد الكوتة النسائية والتزامهم بتمريرها دستوريا وتشريعيا وعمليا. وواجب المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان تهيئة نساء مصر بحملات منظمة لمثل هذا السلوك الانتخابى والتصويتى المشروط.