وصف عدد من الحقوقيين، ما نشرته «الوطن» فى عددها الصادر أمس وكشفت فيه وثائق سرية خطيرة من وزارة الخارجية يتم فيها بيع فتيات مصر القاصرات لشيوخ السعودية، بأنه مخالف للشرع وكافة المواثيق الدولية التى وقعت مصر عليها. وقالت عزة العشماوى، مدير عام المكتب الفنى ووحدة مكافحة الاتجار بالبشر فى المجلس القومى للطفولة والأمومة، إن المجلس يتصل بوزارة الخارجية لمتابعة الحالات التى نصت عليها الوثيقة والمتضمنة تزويج فتيات قاصرات بأوراق مزورة لشيوخ بعض الدول العربية، مشيرة إلى وجود قريتين مشهورتين بمثل هذه الأفعال فى الفيوم. وأضافت: المجلس على أتم استعداد لتأهيل الضحايا، وإن كان الرادع الرئيسى لها لا بد أن يكون قانونياً، لوقف المتاجرة بفتيات مصر. وأكد أمجد فتحى، رئيس المنظمة الأفريقية للتربية المدنية وحقوق الإنسان، أن الزواج المبكر فكر سائد فى الريف والأماكن المعزولة والأسر الفقيرة، وهناك جوانب سلبية من الناحية الاجتماعية، مؤكداً أن هذا النوع من الزواج، مخالف للشرع والقانون ويحتاج لمزيد من التشريعات الرادعة من قبل السلطة التشريعية لوقف هذه المتاجرة، خاصة مع تقاعس وزارة الداخلية عن ملاحقة السماسرة رغم علمها بالأماكن التى تشتهر بتزويج فتياتها للأثرياء العرب. «كل فترة تظهر قضية جديدة يتم فيها استغلال فتيات مصريات وبيعهن لعرب، ومعظمهن قاصرات، أى إن زواجهن غير قانونى، وتثور الجمعيات المعنية والمجتمع المدنى، ولا شىء يتغير، الظاهرة تختفى وتعود، والحكومة محلك سر دون قرار أو ردع».. قالتها لمياء لطفى، الباحثة بمؤسسة المرأة الجديدة، والتى كانت فى مقدمة من درسوا ورصدوا الظاهرة عام 2005، مؤكدة أن تعرفها على الكارثة جاء بمحض الصدفة: «كنت أقوم بدراسة عن الأطفال مجهولى النسب، وفوجئت بكمّ قضايا مقامة ضد عرب وسعوديين من فتيات فى قرى البدرشين وطمو والحوامدية، وقرى أخرى، فبدأت أرصد بعض الحالات فى إطار الدراسة الأصلية عن مجهولى النسب». الناشطة النسوية تؤكد أن الدولة بكافة مؤسساتها صامتة عن الظاهرة، منذ الإعلان عنها وحتى عودتها من جديد فى ظل تصاعد نفوذ الإسلاميين وسيطرتهم على الحكم، وتعيب على منظمات المجتمع المدنى عدم رصد الظاهرة بشكل علمى، بالأرقام والمؤشرات، «من ساعة ما اشتغلت فى 2005 لحد دلوقتى ماشفتش إحصاء رسمى واحد يقيس الأزمة، حتى الناس اللى بتحاول تعمل دراسات ما بتقدرش تجيب أرقام حقيقية، وبتعتمد بشكل أساسى على عدد القضايا المرفوعة أمام المحاكم». لا تنكر الباحثة وجود قانون لمنع الاتجار بالبشر، لكنها فى الوقت نفسه لا تراه كافياً: «الانفلات الأمنى بعد الثورة خلّى المخالفات أقوى من الأول، سواء بالنسبة للزواج المبكر، أو الزواج من عرب، لأن القانون غير مفعّل من ناحية، ولأن تصريحات السلفيين والجماعات الإسلامية وشيوخ جداد وقدام اعتبروه زواجاً مش حرام وصيانة للبنت، ما أعطى شرعية للأمر اللى كتير من الأهالى بيشوفوه وسيلة للهروب من الفقر». «المسألة لا تتعلق بالقوانين فقط، ولا بتوجه المؤسسة الحاكمة، ولا حتى بالفتاوى والشيوخ، المسألة أكبر من ذلك» تتحدث مزن حسن، المدير التنفيذى لمؤسسة «نظرة» للدراسات النسوية، والتى ترى أن قانون الاتجار بالبشر يفى بالغرض، لكن التحايل على القانون أصبح بالجملة، خاصة مع زيادة أعداد اللاجئات السوريات فى القاهرة، «الفكرة إرادة مجتمعية مش قانون، القانون لوحده مش بيكفى حتى لو موجود لحماية النساء من أشكال زى دى، لو عندنا قرية كاملة، بناتها بيتجوزوا جواز سياحى.. القانون هيعمل معاهم إيه؟ لازم يكون هناك إرادة مجتمعية، لكن للأسف الناس مش حاطة القضية دى على أجندة اهتماماتهم، رغم تجريم القانون لها واعتبارها شكلاً من أشكال الاتجار بالبشر تصل عقوبته أحياناً من 10 إلى 15 سنة». «الاتجار بالبشر» كان واحداً من الأسباب الرئيسية التى دفعتها للانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور، تعتبرها د.منال الطيبى القشة التى قصمت ظهر البعير، وجعلت من الانسحاب أمراً غير قابل للنقاش، «اللى بيدفع البنت سواء كانت كبيرة أو صغيرة للشكل ده من الزواج هو الفقر، حاجتها لأنها تعيش فى ظل قلة التعليم، والوظايف، والتهميش الشديد للمرأة، وعدم تمكينها مما يجعلها تتقبل الزواج من ثرى عربى كوسيلة للهروب، ورغم أن البنات الأصغر سناً لا يسمح القانون بتزويجهن، فإن المسألة تكون أصعب بالنسبة للبالغات، حيث يقال إنها بالغة بما يكفى لتتزوج برضاها». وتتابع الطيبى أن وثيقة الأممالمتحدة الأخيرة «اللى الإخوان عملوا عليها زوبعة» أضافت إلى أشكال العنف ضد المرأة كلاً من الفقر، والجهل، وعدم توفير وظائف لها، وعدم معالجتها صحياً وعدم توفير الرعاية الصحية لها، مشيرة إلى أنها جميعاً عناصر تدفع البنت إلى زواج الصفقة. وضع قانونى ملتبس، هكذا يمكن وصف الوضع القانونى لضحايا زواج الصفقة، بحسب د.عزة كامل، الناشطة الحقوقية، رئيس حركة «فؤادة ووتش». «الموضوع معدش متعلق بالأثرياء، أى واحد خليجى معاه 20 ألف جنيه بييجى يشيل أى بنت من بنات الفقراء فى الحوامدية والبدرشين وغيره، ورغم إن هناك قانوناً للاتجار بالبشر ظهر عام 2010، ممكن يحاكم بموجبه السمسار ووالد الفتاة والمأذون إن كان كتب الكتاب رسمى، فإن البلاغات إن وُجدت والمحاكمات لا تدرج الجرائم فى نطاق الاتجار بالبشر». عن التصرف القانونى الواجب فى حالات زواج الصفقة، تقول عزة: «المفروض يكون هناك بلاغ، لكن مين اللى هيبلّغ؟ لا البنت ولا أهلها بيبلغوا، ولا فى حالة واحدة لجار بلّغ عن جيرانه، كل القصة إن البلاغات فى أغلب الوقت بتكون ضد المأذون، وبتعاقبه النيابة بالفصل، وده كان قبل الثورة لكن بعد الثورة مفيش بلاغات». أخبار متعلقة: بعد انفراد "الوطن" ببيع فتيات مصريات لشيوخ السعودية: "الخارجية "تؤكد" .. والحكومة تعتصم ب"الصمت" الخط الساخن لزواج الأطفال :الظاهرة زادت قصص وحكايات زواج القاصرات من "محاضر الحياة" الزواج السياحى.. تختلف الأسماء وتبقى «المتعة» هى الهدف