أكثر ما يحتاج إليه المواطن المصرى فى هذه المرحلة المصيرية الثقيلة التى تمر بها البلاد الآن، هو الأمل فى القدرة على مواجهة التحديات التى يتوجب علينا الاستجابة لها والانتصار عليها، وإن كان ظلام الواقع العربى بشكل عام والمصرى بشكل خاص وبعد الربيع العربى المشئوم الذى حرث الأرض من أعماقها، فخلط الحابل بالنابل وبدت الصورة قاتمة قاسية تثير الفزع واليأس وتحير الأذهان وتدخلنا فى بحر من الظلمات، ونتساءل جميعاً: هل كان هناك حقاً ثورات إصلاح أو أننا خدعنا وقد قضى الأمر؟ وإذا كان ظلام الواقع العربى المتمثل فى هذا التمزق وهذا الانقسام والتخلف يبعث اليأس والإحباط، فإن قراءة التاريخ واستنباط العبر من دروسه تبدد كل مسببات اليأس وتجعل الأمل فى المستقبل من أهم العوامل المؤثرة فى إعادة صنع الحياة فى الوطن من جديد، فالتاريخ العربى بعمقه وامتداده مملوء بالمآسى والأحداث المحزنة، بمثل ما هو حافل بالتجارب المشرقة التى تدعو إلى التفاؤل بقرب بزوغ الأمل من جديد كبزوغ الشمس بعد ظلام طويل، وعلى الإنسان أن يتعلم ويتعظ من الدروس والمحن والشدائد التى تمر به ومن حوله، لتكون ولادة الأمل بداية جديدة للحياة مملوءة بالحيوية والقدرة على شق طريقها والوقوف بثبات وقوة بين الأقوياء فى هذا العالم الذى لا مكان فيه ولا مكانة إلا للأقوياء.. ولأننى أتحدث معك أيها القارئ العزيز عن الأمل الذى ينبغى أن يبزغ من جديد ويبدد كل الظواهر السلبية التى تجعل الإنسان يتخبط فى حياته وقراراته كمن يسير وسط ضباب كثيف تنعدم فيه الرؤية أمام الجميع فيصدم الكل بالكل، ورغم الاختلافات الفكرية فإننا جميعا نفكر فى مصلحة الوطن أو هكذا أظن أو آمل. من المحزن والمؤسف هذا التناحر الداخلى وننسى أو نتناسى عدونا الأساسى الذى هو سبب كل هذه الفتنة وهذا الانقسام، وعلينا أن نكتفى بإدراك هذه الحقيقة المرة. فلقد أشار السيد حسنين هيكل فى حديثه مع الإعلامية لميس الحديدى إلى أن العدو الحقيقى والأساسى فى كل مشكلة الشرق الأوسط هو الكيان الصهيونى الذى يريد أن يستقر ويهيمن.. إن إسرائيل تستمد قوتها منذ لحظة قيامها من الدعم الدولى لها وعلى الأخص من الولاياتالمتحدة وحرص الاتحاد السوفيتى على بقائها وإمدادها بمئات الألوف من المهاجرين منذ مطلع التسعينات، ونعرف جميعاً أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمدها بكل أسباب البقاء والعدوان، والسياسة الثابتة للاتحاد السوفيتى بما فى ذلك أيام كان الاتحاد السوفيتى صديقاً قوياً للعرب ونصيراً لقضاياهم ومصدراً لاحتياجاتهم من الأسلحة الحديثة، تقوم على أساس أن إسرائيل «وجدت لتبقى» وهو تعبير أمريكى الأصل أطلقه الرئيس الأمريكى الأسبق هارى ترومان، الذى وضع البيت الأبيض فى خدمة تمرير التقسيم فى الأممالمتحدة.. وعلينا أن نعترف أن خطة التقسيم والربيع العربى قد نجحتا وبجدارة، وعلينا أن نعترف بشجاعة وصراحة أن المشكلة الأساسية التى ينبغى التعرف عليها وتشخيصها واستنباط العلاج الحاسم لها هى أننا الآن فى خندق واحد وعلينا أن نتكاتف ونتحد وننسى مشاكلنا الشخصية وننتبه جيداً للخطر الأمريكى الصهيونى والسياسات الدولية الداعمة لهذا الخطر والمعادية لنا.. وإن كنا لا نقوى على الفعل فعلينا أن نقوى على رد الفعل.. إننا نعادى بعضنا البعض وننتقم من بعضنا البعض وندمر بلادنا، والرابح الأكبر هو الولاياتالمتحدة التى تتفنن وتتقن الاستهتار والاستهزاء بالإرادة العربية وتوجيه طعنات متلاحقة للكرامة العربية، لتبقى طفلتها المدللة مستقرة هانئة شوكة فى ظهر العرب، فإذا ما سقطت الشام ومصر عاشت إسرائيل آمنة. نيرة الطبلاوى