وافق دونالد ترامب، على دفع 25 مليون دولار، لتفادي محاكمة في قضية احتيال تتعلق ب"جامعة ترامب" المغلقة، اليوم، في تحول في موقف الرئيس الاميركي المنتخب بعدما تعهد عدم الدخول في أي تسوية في هذا الملف. وأعلن المدعي العام في نيويورك، أريك شنايدرمان، أمس، أن "هذه التسوية لقاء 25 مليون دولار تمثل تراجعا مذهلا من قبل دونالد ترامب ونصرا كبيرا لأكثر من ستة آلاف ضحية لجامعته الاحتيالية". وكان شنايدرمان باشر ملاحقات عام 2013 بموازاة شكاوى جماعية قدمت في كاليفورنيا عام 2010. والى التعويضات التي يترتب تسديدها ل"طلابه" السابقين، يتحتم على ترامب دفع غرامة قدرها مليون دولار لانتهاكه التشريعات الخاصة بالتعليم. وبذلك يسوي الرئيس المقبل خلافا كان سيلقي بظله على العملية الانتقالية التي ستوصله الى البيت الأبيض. وكان موعد المحاكمة حدد في 28 نوفمبر في كاليفورنيا لهذه القضية التي تعود الى فترة كان فيها مجرد قطب عقارات ونجم برنامج لتلفزيون الواقع. وأكدت "منظمة ترامب" في بيان "حتى إن كنا واثقين تماما بأن جامعة ترامب كانت ستكسب القضية في المحكمة، إلا أن تسوية هذه الخلافات تسمح للرئيس المنتخب بتكريس نفسه كليا للمشكلات الكبرى التي تواجهها امتنا العظيمة". وقال دانيال بيتروتشيلي المحامي الرئيسي في فريق الدفاع عن ترامب متوجها لوسائل الاعلام المحلية إن الرئيس المقبل "طرح مشاعره الشخصية جانبا ليغلق الملف"، مضيفا "إنه انتصار للجميع". وأعرب جيسون فورج أحد محامي مقدمي الشكوى لوكالة فرانس برس عن "ارتياحه الكبير"، وقال "هذا الرجل يقاتل من أجل قناعاته وبالتالي فان هذا الاتفاق يعني أنه يعتبر أن الطلاب كانوا يستحقون تعويضا حقيقيا". وتأسست "جامعة ترامب" عام 2004 متعهدة أن تكشف لطلابها الأسرار التي تجعلهم يحرزون الثروة في مجال العقارات. وبعد ست سنوات أغلق المعهد غير المعترف به من الدولة والذي لم يكن يمنح شهادة جامعية، وسط سجالات. وتتهم الدعوى "جامعة ترامب" بخداع الطلاب بإعلانات كاذبة. وقد دفعوا رسوما تصل الى 35 الف دولار في السنة للانتساب اليها ظنا منهم أن ذلك سيفتح لهم أبواب حياة مهنية ناجحة في مجال العقارات، وأنهم سيتلقون دروسا من خبراء ذوي كفاءة يختارهم ترامب، غير أنهم يؤكدون أنهم لم يحصلوا سوى على دروس مكلفة ورديئة النوعية. وقال احد مقدمي الشكوى روبرت غيلو مؤخرا لوكالة فرانس برس "أدركت منذ المحاضرة الأولى أن الأمر خدعة، لأنهم حاولوا بيعي برنامجا آخر لقاء تسعة الاف دولار"، مؤكدا "كان الأمر ضرب احتيال". وبحسب الإفادات المرفوعة الى القضاء، أقر موظفون سابقون بأن "جامعة ترامب" كانت "كذبة بالكامل" وأن الذين كانوا يعطون الدروس فيها كانوا أشخاصا "غير مؤهلين يدعون أنهم +مساعدون+ لدونالد ترامب". غير أن ترامب لطالما رفض هذه الاتهامات بشكل قاطع، متذرعا بشهادات العديد من الطلاب السابقين الراضين عن برامج اعدادهم. لكن القضية اتخذت أبعادا أكبر بكثير خلال السباق الى البيت الأبيض. واستخدمها خصوم ترامب في الانتخابات التمهيدية الجمهورية اداة للتشكيك في نزاهة رجل الاعمال. وقال أحد خصومه السناتور ماركو روبيو "إنه يحاول أن يفعل بالشعب الأميركي ما فعله بالذين انتسبوا إلى دروسه". اما منافسته السابقة الديموقراطية هيلاري كلينتون، فأكدت ان القضية تعني أن المرشح الجمهوري هو نفسه "ضرب احتيال"، غير أن كل هذه الهجمات لم يكن لها تأثير على الناخبين. وكادت "جامعة ترامب" تكلف المرشح ثمنا باهظا حين شكك في حياد القاضي الفدرالي المكلف النظر فيها غونزالو كوريال بسبب "اصوله المكسيكية". وقال ترامب في يونيو "إنني أبني جدارا (بين المكسيك والولايات المتحدة)، إنه تضارب مصالح" بالنسبة للقاضي، مثيرا حملة انتقادات حادة، لم تمنعه رغم كل شيء من الوصول الى البيت الابيض. ويمثل هذا الاتفاق بالتراضي تراجعا من الرئيس المنتخب الذي ظل طوال اشهر عديدة يرفض الحديث عن اي تسوية في هذه الدعاوى، مؤكدا انه سيمضي بها حتى النهاية لانه واثق بانه سيربحها جميعا. وقال في مارس "كان بوسعي مرارا التوصل الى اتفاق لكنني لا أفعل ذلك"، مؤكدا حتى أنه ينتظر المحاكمة بفارغ الصبر. وذكر اريك شنايدرمان في بيانه بان ترامب قاوم الشكوى "في كل مرحلة، رافعا اتهامات واستئنافات عارية عن أي أساس، ورافضا حتى تعويضات متواضعة لضحايا جامعته الاحتيالية. كل هذا تغير" مع قبوله الجمعة بتسوية بالتراضي.