حين سألته المذيعة عن التنافسية والغيرة الفنية بين «الأخوين رحبانى» وعبدالوهاب.. رد زياد رحبانى: «ليست فقط الموسيقى، ولكن أيضاً المرأة» «ويقصد فيروز»!! لم تعلق منى الشاذلى على كلام ضيفها، لم يعلق أحد على تلك الدعابة الثقيلة، أو تلك العبارة الواقعية تماماً..انحاز الجميع إلى الصورة الأسطورية لجارة القمر، بينما حرص زياد رحبانى، وعلى امتداد حياته وموسيقاه، على إخراج أمه (فيروز) من الجنة، على نزع الأسطورة، النزول من السماء، والوقوف على أرض الواقع.. يقول زياد عن فيروز: (على المسرح يصيبها عارض المجد، لكن شخصيتها العادية اليومية، أقرب إلى روح الموسيقى التى أقدمها).. غنت فيروز من ألحان ابنها (ع هدير البوستة، كيفك أنت، عودك رنان، أنا صار لازم ودعكن..) والكثير من الأغنيات الجميلة، منحها زياد الواقعية، والبساطة، والسخرية، والإيقاع السريع، بينما أضفت فيروز على ألحان زياد، الشاعرية والخيال المختلف.. كانت (جملة مفيدة) بالفعل لمنى الشاذلى، إضافة حقيقية وممتعة قدمتها إلى المشاهدين، وربما إلى زياد رحبانى نفسه، فى أفضل إطلالة له على الجمهور المصرى.. خاصة فى ذلك الحرص على تنحيه السياسة بعيداً، والاقتصار فقط على الموسيقى، والعزف على البيانو.. البعد عن السياسة جنب الحوار كثيراً من المشاحنات، فآراء زياد ومواقفه الأخيرة، تثير الجدل، للدرجة التى هدد فيها الكثيرون بمقاطعة حفلته بالقاهرة، بسبب تأييده لبشار الأسد (لكن ذلك لم يحدث)..! لم يأت زياد رحبانى (56 عاماً) إلى مصر، سوى مرة واحدة قبل عامين، رغم أن الموسيقى المصرية تسكن موسيقاه ووجدانه، حتى إن أباه (عاصى رحبانى) كان يردد (لديك عرق مصرى) وكان ينبهه كثيراً لضرورة الابتعاد عن الموسيقى المصرية، حتى لا يتأثر بها كثيراً.. «زكريا الحجاوى» الذى يضع صورته فى صالون بيته فى بيروت (الصورة الوحيدة المعلقة بالبيت، والتى تسمح لكثيرين بتصور أن الحجاوى أحد أفراد العائلة) يعلق زياد (وأنا أراه كذلك): «زكريا الحجاوى» و«سيد درويش» هما الموسيقيان المصريان الأكثر تأثيراً فى موسيقى زياد رحبانى.. هذه الشعبية، وهذه البساطة، والسخرية اللاذعة هى نقاط التقاء بينهم.. أعاد زياد توزيع أغنية سيد درويش (أهو ده اللى صار) وغنتها فيروز فى 1989 بحفلة القاهرة.. إعجاب زياد الشديد بزكريا الحجاوى، دفعه لإعلان رغبته فى إعادة توزيع لحن (القلب يعشق كل جميل) أحد أجمل ألحان الحجاوى (برأيه).. الغريب واللافت أن العشق الشديد للحجاوى، ولأغنية أم كلثوم (القلب يعشق كل جميل) والرغبة فى إعادة توزيعها.. كل ذلك، ولا يعرف الرحبانى الصغير، أن الأغنية من ألحان «رياض السنباطى»!! زيارة زياد رحبانى للقاهرة تجديد للوصل والتواصل، ليس فقط من خلال الحفل الغنائى الذى قدمه فى مهرجان الجاز (الخامس) على مسرح (حديقة الأزهر) ولا من خلال البرامج التليفزيونية التى أطل بها للمرة الأولى على الجمهور المصرى، ولكن أيضاً من خلال اختياره لمغنى فرقة (إسكندريللا) ليكون مغنياً فى فريقه، إضافة إلى رغبته المعلنة فى تقديم ألحانه إلى المغنيين المصريين، خاصة شيرين عبدالوهاب.