يا أهلَ مصرَ، إسلامُكم منقوصٌ! هذا ما أكده عبدالرحمن البرّ، عضوُ مكتب الإرشاد ومُفتيها، فى وثيقة كتبها نيابةً عن الإخوان عنوانُها: «عاطفةٌ ومصارحةٌ وتأصيلٌ شرعى». قال إن إسلامنا هو «إسلامُ الجاهلية»! ولستُ أدرى ما هو «إسلامُ الجاهلية»! إلا إن كان الشيخُ يتبع نهجَ شعراء السبعينيين فى «جمع ما لا يجتمع»، كنوعٍ من «كسر التوّقع» لدى القارئ فى القصيدة! كأن يقول شاعرٌ، ضعيفٌ دون شكّ: صخبُ الصمت، ضجيجُ السكون، وهلم جرّا من تراسُل المعاجم الذى توقف الشعراءُ عن توسّله منذ عقود؛ بعدما استنفد طاقته الفنية، وبات من التيمات المهجورة. إذ كيف يجتمع «الإسلام» مع «الجاهلية»؟! لكن البرَّ لا يكتب شعراً، بل «بيتكلم جد»! ويرانا ناقصى دين! فجاء وجماعتُه ليعلّمونا الإسلام! وأين؟ فى بلد الأزهر الشريف! وفى دولة عرفت التوحيد قبل آلاف السنين من نزول أولى الرسالات السماوية، ومن إنشاء جماعتهم! وفى الوثيقة «الجريمة» تلك قال إن: «إسلام المصريين ليس فيه توحيدُ الألوهية. فالتوحيد الخالص لله فى مصر، أصبح فيه دَخَنٌ، ولم يسلم من هذا الدَّخن إلا من رحم ربى ممن يعملون معكم لإقامة حكم الله فى الأرض.» وإذن فلا إسلامَ إلا إسلامُ الإخوان، حسب قوله! فلم يكتف الإخوان بالاستحواذ على البرلمانين والنقابات واللجان والمجالس المحلية، وقاب قوسين من كرسى الرئاسة، لكنهم، لنكد الدهر، يرومون كذلك الاستحواذَ على «الإسلام»، دوناً عن 1.3 مليار إنسان من مسلمى الأرض! ويعترف البرّ فى وثيقته بأنهم سعوا للبرلمان «لا من أجل إقامة حكم ديمقراطىّ، بل من أجل إقامة حكم إسلامىّ ودولة الخلافة»! ثم يُكمل: «أما أن يطمئن المسلمون بأن الدين باق، وأن الله تكفلَ بحفظه، مُلقين بذلك عن عواتقهم تَبِعة العمل لإقامة حكمه؛ فهذه هى المغالطة، وهم بذلك يصبحون من أتباع «الإسلام المنقوص» الذى هو إسلامُ العامة فى مصر». ولو قارنّا بين وثيقة الإخوان ووثيقة الأزهر؛ لعرفنا كيف كرّم اللهُ مصرَ بالأزهر الشريف الحافظ روح الدين الإسلامى الرحب، من المتطرفين مشوِهى الإسلام أمام العالمين. تلك الوثيقة المحترمة التى تقول: «دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها الحاكمة، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة. فالإسلام لا يعرف الدولة الدينية الكهنوتية التى تسلطت على الناس، وعانت منها البشريةُ فى بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارةَ مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة مصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكامَ إلى شرائعهم الدينية فى قضايا الأحوال الشخصية». غداً يقرر المصريون مستقبلهم. وندعو الله أن يكون اختيارُهم حافظاً لمصرَ هويتَها الحضارية الرفيعة، وللإسلام جوهرَه السمح الرحيم. اللهم استجبْ، اللهم آمين.