افتتح "المنتدى الاجتماعي العالمي" الثاني عشر، في تونس بمناقشة وضعيات النساء وحقوقهن وخاصة في دول الربيع العربي التي انتقل فيها الحكم منذ عامين إلى إسلاميين يواجهون اتهامات بالتمييز ضد المرأة. وهذه المرة الأولى التي تستضيف فيها دولة عربية، المنتدى الذي يعتبر أكبر تجمع سنوي في العالم لمنظمات المجتمع المدني المناهضة للعولمة النيوليبرالية. والمنتدى الاجتماعي العالمي، هو النسخة المضادة لمنتدى دافوس الذي يعقد في سويسرا ويجمع صناع القرار السياسي والاقتصادي في العالم. ويشارك في منتدى تونس، الذي يعقد تحت شعار "الكرامة" ويتواصل حتى السبت، عشرات الآلاف من نشطاء المجتمع المدني و4500 منظمة غير حكومية و200 نقابة من 135 دولة بحسب المنظمين. وانطلق المنتدى في جو احتفالي داخل الحرم الجامعي في مدينة "المنار" بتنظيم "جلسة عامة للنساء" حضرتها مئات من الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة. وخلال الجلسة العامة، اتهمت ناشطات ومنظمات نسوية تونسية حركة النهضة الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في تونس نهاية 2011، بالتخطيط لضرب مكتسبات المرأة التونسية التي تحظى بحقوق فريدة من نوعها في العالم العربي. وقالت الأستاذة الجامعية زينب الشيحي في خطاب "حركة النهضة تريد تطبيق الشريعة (الإسلامية) وحرمان النساء من حرياتهن، وهو المشروع نفسه في مصر"التي يحكمها الاخوان المسلمون". ونددت أحلام بلحاج رئيسة منظمة "النساء الديمقراطيات" التونسية (غير حكومية) ب"العنف الممارس ضد النساء بهدف إبعادهن عن الفضاءات العامة" في تونس. وتتهم منظمات نسوية باستمرار حركة النهضة بالسعي إلى التضييق على حريات النساء رغم تراجع الحركة عن مطلب بالتنصيص ضمن دستور البلاد الجديد على أن تكون "الشريعة" الإسلامية مصدرا للقوانين. وفي أغسطس 2012 فشلت الحركة في تمرير مشروع قانون دستوري أمام البرلمان ينص عى إدراج مبدأ "التكامل" بين الرجل والمرأة عوضا عن "المساواة". وفجر مشروع القانون وقتئذ احتجاجات وتظاهرات قادتها أحزاب المعارضة العلمانية ومنظمات المجتمع المدني، ما دفع "لجنة الحريات والحقوق" بالبرلمان إلى التراجع عن اعتماده. ورأى المحتجون أن عبارة "تكامل" قابلة لأكثر من تأويل وقد تكون مدخلا لضرب المكاسب الحداثية للمرأة التونسية. وتحظى المرأة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل "مجلة الأحوال الشخصية" الصادرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وسحبت المجلة التي لا يزال معمولا بها إلى اليوم، القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء. وسيبحث المنتدى من خلال ورشات عمل الوضعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للنساء في الدول العربية إضافة إلى الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للثورات العربية، ومواضيع "المسارات الثورية" و"الثورات" و"الانتفاضات" و"الحروب الأهلية" و"النزاعات" والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتسببة في عدم استقرار كثير من الدول. كما سيبحث مسائل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعمل ومكافحة الفساد وإهدار المال العام والنفاذ إلى الرعاية الصحية والتعليم والبيئة والتنمية المستدامة والهجرة ومديونية دول الجنوب والاحتجاجات في الدول الغربية على الأزمة الاقتصادية وبرامج التقشف. ونشرت السلطات التونسية تعزيزات أمنية كبيرة لتأمين المنتدى والمشاركين فيه. وكان فتحي الهويندي عضو لجنة تنظيم المنتدى أعلن الجمعة الماضي في مؤتمر صحفي "لن نكون متسامحين مع أي شكل من أشكال العنف داخل المنتدى". وذكر بأن منتديات سابقة شهدت أعمال عنف بين مؤيدين ومناهضين لانفصال الصحراء الغربية عن المغرب الأقصى، أو للرئيس السوري بشار الأسد. وقال إن منتدى تونس "سيكون فضاء للحوار فقط وليس للعنف أو الدعاية الحزبية والسياسية". وقال وزير الشؤون الاجتماعية التونسي، في مؤتمر صحفي إن تنظيم المنتدى الاجتماعي العالمي في بلاده "دليل على أن في تونس مجالا واسعا من الحرية". وعبر عن الأمل في أن يمثل المنتدى الذي يغطيه 700 صحفي من عدة بلدان "انطلاقة مبكرة للموسم السياحي في تونس" مشيرا إلى أن وزارة السياحة وضعت برنامجا لتعريف المشاركين في المنتدى بالوجهات السياحية التونسية . وتعتبر السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية المتضررة في تونس بعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي.