سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو في البنوك المصرية    الجيش البولندي يعتمد قرارا يمهد "للحرب مع روسيا"    "فنزويلا في الصدارة".. ترتيب المجموعة الثانية ببطولة كوبا أمريكا    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    إبراهيم عيسى: إزاحة تنظيم جماعة الإخوان أمنيًا واجب وطني    اعتقال قائد الجيش البوليفي بعد محاولة انقلاب    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    بحار أسطوري ونجم "قراصنة الكاريبي"، سمكة قرش تقتل راكب أمواج محترفا في هوليوود (صور)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟ أمين الفتوى يجيب    حبس عامل قتل آخر في مصنع بالقطامية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    كندا تحارب السيارات الصينية    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء محمود خلف قائد الحرس الجمهورى الأسبق ل«الوطن»: أمن مصر القومى يتعرض لخلل عنيف.. والجيش لن يسمح بانهيار الدولة
حوارات الأمن القومى «2»
نشر في الوطن يوم 25 - 03 - 2013

تناحر سياسى ومجتمع ممزق، جبهات حدودية مهددة ومعركة حياة أو موت على مياه النيل، اقتصاد ينهار وأمان مفقود، سلاح منتشر وأفكار متطرفة، مستقبل غامض وشرق أوسط جديد يعاد تشكيله.. علاقات دولية بلا عنوان وأدوار إقليمية مريبة.
وسط كل هذه المعطيات التى تجسد الحالة المصرية، بعد عامين على ثورة يناير، تفتح «الوطن» ملف «الأمن القومى المصرى»، من خلال حوارات مع رجال دولة أصحاب فكر ورؤى، يمثلون المؤسسات الفاعلة فى منظومة الأمن القومى للدولة المصرية؛ فى الدفاع والخارجية والمخابرات والداخلية، نناقش رؤيتهم لأشكال التهديد الكبرى لمصر، لنجيب عن سؤالين يبدوان فى منتهى البساطة، ولكن ما أقساهما على أرض الواقع: أين نقف؟ وإلى أين المصير؟
يتميز الحوار مع أبناء المؤسسة العسكرية، عادة، بالعناوين الواضحة لرؤيتهم.. وفى حديثنا عن الأمن القومى المصرى مع اللواء الدكتور محمود خلف، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية ومحافظ الأقصر السابق وقائد الحرس الجمهورى الأسبق، استمعنا إلى الرؤيتين العسكرية والأكاديمية لكل ما يتعلق بالأمن القومى، حيث أجاب خلف -بوضوح- عن كل أسئلة «الوطن»، بشأن الأخطار من جهة حركة حماس وإيران وقطر وغيرها.
وشدد خلف، خلال حواره مع «الوطن»، على ضرورة أن يعلن الرئيس عن «العناوين الأساسية» لجميع علاقات مصر الخارجية، ليكون الشعب على علم بها، بما أنه المتضرر أو المستفيد الأول منها، مشيراً إلى أن إسرائيل تتمنى اليوم الذى تنزلق مصر فيه إلى فخ تبنى قطاع غزة، مشخصاً الخطر الذى يحيط بأمن مصر، بعد عامين من ثورة يناير.
* ما مفهوم الأمن القومى المصرى بالنسبة لك كقائد عسكرى؟
- التعبير شكله معقد، لكنه فى الواقع ليس معقداً، ويتضح فى الآية الكريمة: «الَّذِى أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ»، وكل نظريات الأمن القومى فى العالم تتحدث عن ذلك، الإطعام من جوع هو أن يعيش المواطن، و«آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» تشمل الخوف على الحياة والمستقبل والممتلكات، وتختلف أولوياتها من مواطن لآخر ومن دولة لأخرى، وعندما تجمع مخاوف المواطنين فهى ما يعبر عن تهديدات الأمن القومى، ستجد مخاوف كثيرة وبأولويات متنوعة، والترتيب تجريه الدولة، وتزيل المخاوف، بمعنى أن وظيفتها الأساسية هى الإطعام بمعنى الاقتصاد وإزالة المخاوف بتحقيق الأمن. لذلك لا بد أن تكون للدولة أدوات لإزالة المخاوف، وأدوات أخرى للتنمية الاقتصادية، وإدارة لهذه الأدوات عبر السياسة. والثروة الأساسية للمجتمع هى البشر.
* وهل يعتبر هذا تحديداً لقوى الدولة؟
- قوى الدولة هى أولاً القوة الاجتماعية ثم الاقتصادية ثم العسكرية ثم السياسية. والأمن يبدأ أولاً من القوة الاجتماعية، مثل المنضدة التى تقف على 4 أرجل، والقوة الاجتماعية يمكن أن تكون مصدر قوة للدولة، ويمكن أن تكون مصدر ضعفها، لأنها هى التى تفرز القوة العسكرية، والثروة الطبيعية الحقيقية هى الشعب، هى الإنسان.. فلا بد من حمايته وحماية ممتلكاته التى هى أرض الدولة، عبر الأمن، والإنفاق عليه عبر القوة الاقتصادية. ولترتيب الأوضاع داخل الدولة وخارجها لا بد أن تكون هناك القوة السياسية، اليوم فى العالم الحديث لا يمكن التركيز على قوة دون أخرى، مثلما قلت هى مثل أرجل «المنضدة» 4 متكاملة، ولا يمكن أن تطول واحدة وتقصر الأخرى، لا بد من الترابط لتنهض الدولة.
* وفى رأيك.. ما حال هذه العناصر الأربعة بعد عامين من الثورة؟
- لدينا 4 قوى، ونتيجة الثورة 3 منهم تأثروا بشكل مباشر، وبقيت القوة العسكرية، فهى القوة الوحيدة المحافظة على وضعها ومتماسكة؛ نتيجة أن هؤلاء أبناء مصر والجندية العسكرية لها تاريخ طويل فى مصر منذ عهد محمد على، هذا التاريخ متواصل بزخم جعل الجيش المصرى جزءاً من الشعب وملكه، له تقاليد متأصلة، جيش وطنى بمعنى أنه ليس مع رئيس أو ملك أو خديو، ولا محمد على ولا عبدالناصر ولا السادات ولا مبارك ولا مرسى ولا الذى سيأتى بعد ذلك، وحاليا الجيش لم يختلف فى عقائده المتوارثة، وهذا سبب تماسكه، وهذه القوة المتماسكة جعلته أكبر جيوش المنطقة، فلم يعد غير جيشنا المصرى والخبرة القتالية التى نتمتع بها والجندية التى يتصف بها، وأنا أحاضر فى الجيش الأمريكى وحلف الناتو، وأعرف كيف ينظر للجيش المصرى.
* أخبرنا كيف ينظرون للجيش المصرى؟
- ينظرون إليه باعتباره ليس فقط جيشاً يحمى مصر، لكن جيش يحفظ اتزان الشرق الأوسط بأكمله، وسقوط جيش مصر يعنى ضياع الإقليم كله، لأنه لا توجد جيوش أخرى، وهو المستهدف من الخارج، ولن يكون مستهدفا من المصريين حتى لو هناك انتقادات، فهذا موضوع آخر، لكن الاستهداف الرئيسى خارجى.
* وماذا عن القوة الاجتماعية «الشعب» بعد عامين على الثورة؟
- كما ذكرت القوة الاجتماعية التى قامت بالثورة هى القوة الرئيسية، وبقية القوى مساعدة، القوة الاجتماعية تعرضت طول تاريخها لظروف صعبة، وعندما قامت بالثورة ظنت أنها ستتحرك للأمام وتحقق كل تطلعات المصريين وطموحاتهم.. ويجب الإشارة إلى أن القوة الاقتصادية متناغمة مع القوة الاجتماعية، بانهيار إحداها تنهار الأخرى، يعنى علاقة متبادلة متكاملة.
* تقصد أن هناك قدماً واحدة قائمة بذاتها دون بقية الأقدام.. ومعنى ذلك أن الأمن القومى المصرى به خلل عنيف؟
- نعم لديك قدم واحدة وبمفردها لا يمكن المراهنة عليها تماما، لكن الجيش وفق ما ذكرناه لديه القدرة على التماسك، لكن إن ظلت الأوضاع كما هى لفترة أطول من اللازم سيتعرض لما يتعرض له المجتمع، لأنه ابن المجتمع، سنتحول من مرحلة الخلل إلى مرحلة الانهيار، ومن ثم ولأن القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح السيسى يعلم معنى انهيار الدولة ولأنه ليست من عقائده الانهيار، كانت تصريحاته فى يناير الماضى بأنه لن يسمح بانهيار الدولة، ونؤكد دوما أن الجيش ملك الشعب كما نص الدستور الجديد.
* من هذا المنظور، ومن واقع الجغرافيا السياسية لمصر، كيف ترى التهديدات التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى الآن؟
- لدينا مع الأسف قائمة طويلة من التهديدات والتحديات، ومشكلتها أنها مرتبطة ببعض، لأن لديك قائمة فى الداخل وفى الخارج، والاتزان بينهما لا بد له من استقرار الدولة لكى تواجه كل هذه التهديدات، وإذا نظرنا للخارج، فهو ليس متمثلا فى إسرائيل فقط، لدينا تهديدات من أفريقيا فى مياه النيل، وكون الإقليم نفسه غير متوازن يخلق صعوبات، جبهة ليبيا ليست متوازنة وليس بها جيش وبها سلاح ضخم جدا، وحدود 1000 كيلو معناها مخاطر تهريب الأسلحة والذخائر، وعندما أجد نظاماً غير مسيطر فى السودان وفيه موطئ قدم كبير جدا لإيران هناك، وعملت مصانع أسلحة لكى تهربها عبر الأراضى المصرية، تلك المصانع التى ضربها الطيران الإسرائيلى، وإسرائيل فى الشرق، والمفترض أن أحمى مصر منها ليس فقط بمعاهدة السلام، والناس فاهمة إن إسرائيل تهتم بالسلام ليس بسبب المعاهدة، لأن إسرائيل لا تحترم أى معاهدة إلا إذا كانت وراءها قوة تحميها، وليس لأى معاهدة سلام قوة إلا إذا كان طرفاها يملكان القوة التى تردع الطرف الآخر إذا لم يلتزم بها، ومصر أو القوات المسلحة لا ترتكن على وثيقة من الورق، لكنها تحترمها ما دام الطرف الآخر يحترمها، والطرف الآخر لن يحترمها طواعية إلا إذا كان يعلم أن عقابا جسيما سيناله إذا خرقها.
تأتى بعد ذلك مشكلة خطيرة جدا، وهى المرتع الإقليمى، قطاع غزة، وهذا أولوية، لأنه سيفتح الباب أمام مشكلات أخرى، لأن قطاع غزة انفصل لأسباب غير معروفة وسار فى طريقه بسبب وجود جماعات كلها متشددة فى هذا الشريط الضيق، وتركوا العنوان الكبير لدولة فلسطين ووضعوا لافتات المقاومة، ولا أحد يختلف مع المقاومة، التى هى جزء من الصراع وليست كل الصراع.
* لماذا سميت قطاع غزة «مرتعاً إقليمياً»؟
- لأن اليد الإيرانية موجودة وحاضرة بقوة، والأموال الإيرانية حاضرة هناك وتدفقت إلى سيناء، لأن إيران استغلت هذا الوضع. إيران لها أطماع كبيرة جدا فى المنطقة، ووجدت موضع قدم فى غزة، وفى فترة الثورة والانفلات الأمنى أصبحت هناك ثغرات للأمن القومى فى قطاع غزة استغلته إيران. وبدأت الأموال والأفراد تدخل سيناء، وبدأت البؤر تظهر فى سيناء، وهى تخشى من ضربة إسرائيلية، ولها أطماع معروفة فى الإمارات والبحرين، لكن مصر حجر الزاوية، وإدخالها وجرها إلى صدام مع إسرائيل الهدف الاستراتيجى رقم 1 لإيران، لأنها بذلك ستؤمن نفسها.
* هل ترى خطأ فى التقارب المصرى الإيرانى؟
- بالتأكيد، لأن العلاقات الدولية عناوين دائما، الأصل أو المفترض لدولة مثل مصر أن تكون لها علاقات مع كل دول العالم، والعلاقات الدولية الماهرة هى التى تركز على نقاط الاتفاق وتبتعد عن نقاط الاختلاف، وهذا العنوان لا بد أن يكون واضحا للشعب والمفكرين والإعلام، فى علاقاتنا الدولية بصفة عامة وليس مع إيران وحماس فقط.
إيران تحاول أن تنفتح والنظام المصرى مع إيران لا يغلق الباب أو يفتحه، وأنا لا أرى أن هناك تواصلاً مصرياً إيرانياً، لأنه من الواضح أن هناك خطوطا حمراء أمريكية وضعت للرئيس، المسألة واضحة، هم انفتحوا لكن هناك تحفظاً مصرياً، وحينما تكون الرؤية سواء التحفظ أو الانفتاح، فهذا يجب ألا يكون سرا، وأحذر النظام من السرية لأن ثمنها غالٍ جدا، ولا أمريكا ولا أى دولة تنشئ سياسة دولية فى السر، لا بد أن تكون معلنة، لأن السياسة تترتب عليها أوضاع الشعوب.
* لماذا قلت إن أمريكا وضعت خطوطاً حمراء للرئيس مرسى؟
- هذه أمور واضحة جدا، وهى استنتاجات دقيقة، لأن قواعد لعبة العلاقات الدولية واضحة وليست سرا، لأن سلوك الدولة يبينها حتى فى البروتوكول، لو هناك حفل فى سفارة لا بد أن يراعى المدعوون حسب العلاقات مع الدول، يعنى مثلا لا يجلس ممثلو بلدين علاقتهما متوترة بجوار بعضهما، هناك بروتوكول يحافظ على هذه الأمور، فالعنوان المصرى مع إيران غير واضح، إنما القيود الدولية واضحة ومحددة، لأن مصر تسير طبقا لرغبات وطلبات الإدارة الأمريكية، وهذا ليس عيباً، إذا كانت به مصلحة مصر.لأننا فى حاجة للدعم الاقتصادى من الولايات المتحدة، وأنا أتحدث بمنطقية وليس من منطلق شعارات، وعلاقتنا بالولايات المتحدة علاقة مصالح متبادلة، وعندما كانت تهدد بقطع المعونة كنت أتحدى أن تقطعها، لأن لها مصالح قوية مع مصر، لأنها إذا قطعتها ستعطينا حرية حركة.
* تعنى بحرية الحركة النظام أم المؤسسة العسكرية؟
- لا أريد الدخول فى هذه التفاصيل.
* لكن الإدارة الأمريكية دائما لديها عين على النظام السياسى وعين أخرى على المؤسسة العسكرية؟
- هذا صحيح، لأسباب تتعلق باتفاقية السلام، لأن الهدف الاستراتيجى للولايات المتحدة وإسرائيل هو المحافظة على اتفاقية السلام.
* هدف استراتيجى إلى الأبد؟
- لا، فى حدود عدم حدوث متغيرات وثبات الوضع الحاضر، لا يمكن القول إن هناك متغيرات، واللاعب الأساسى هو المصالح، ودول العالم لا يمكنها الاستغناء عن الولايات المتحدة بما فيها الاتحاد الأوروبى، لأنها القوة الأولى.
* إذا كانت العلاقات مع إيران بلا عنوان.. فماذا عن حماس؟
- المشكلة مقلقة، وهى أننا أيضاً ليس لنا عنوان واضح فى العلاقة مع حماس، لا أحد يفهم، أنا وجهت رسالة للرئيس أكثر من مرة لأنى أفهم طبيعة الصراع بتفاصيل دقيقة جدا، وما يمكن أن تقود إليه هذه العلاقة، وأطالب الرئيس بوضع عنوان واضح مع حماس. يجب أن يكون واضحا للشعب، لأن الضرر والفائدة تعود على الشعب، ومن حقه أن يعلم السياسة الخارجية لدولته 100%، والعالم اليوم ليس به شىء خفى، لأن الشعب هو المستفيد والمتضرر الأول، وغموض العلاقة به مطبات وألغام واضحة وليست فى حاجة إلى اجتهاد.
وأنا أتفق أن تكون لى علاقات مع غزة كمبدأ، لكن ما العنوان المفترض وضعه مع حماس؟ العنوان يجب أن يحمل القضية الفلسطينية كوحدة واحدة، ويكون مساهما فى حلها، وهذا الكلام لا يقال، واللافت للنظر أن العلاقة أحادية بين مصر وحماس، فأين الضفة الغربية؟ هل فلسطين أصبحت «حماس» وغزة؟ نحن بذلك نعزز الانقسام بالسير فى اتجاه واحد، رأينا زيارات مكوكية ومسئولين كباراً يذهبون لغزة وقادة حماس داخلين خارجين من مصر دون أن يعرف الشعب لماذا، لدينا علامات استفهام كبيرة حول حادث رفح، ونطرح تساؤلات دون أن نتهم أحدا لكن لدينا ملابسات، والقوات المسلحة قبضت على بعض العناصر وحققت معهم وأوردوا معلومات عن بعض المنفذين، لأنهم لم يموتوا جميعاً، فهناك على الأقل 3 هربوا بعد العملية من معبر العودة من منطقة كرم أبوسالم داخل غزة، وبصرف النظر عن الفاعل الرئيسى القتلة موجودون فى قطاع غزة، أو على الأقل من خطط ومن مول ومن فكر، لأن المنفذ وحده ليس كافياً، التنظيم كله الذى خطط وفكر لم يكن يهدف لقتل أى مصريين، ولكن جر مصر لصدام مع إسرائيل، ومعروف أن من يهدف لذلك هو إيران، هذه سياستها.
* وكيف تقرأ رد فعل حماس؟
- قادة حماس خرجوا ينفون علاقتهم بالحادث أو معرفتهم به، ولذلك إذا كانوا لا يعرفون شيئا فليحترموا أنفسهم ويتركوا الحكم فى غزة، إنما أن يتحول القطاع إلى بؤرة لتصدير المصائب إلى مصر، وكل الصواريخ التى ظهرت فى غزة استغلت فترة الانفلات الأمنى وهربت من السودان عبر الأراضى المصرية، واستخدمت الأرض المصرية وانتهكت السيادة المصرية وحولوها إلى بؤر، وهنا عنوان مصر سيحدد بوصلة التسوية للقضية الفلسطينية، لأن مصر لديها العنوان ولديها هدف استراتيجى، هو إقامة الدولة الفلسطينية، ولذا يجب عليها معاملة فتح وحماس على قدم المساواة، وعندما أركز على حماس فقط تبقى إسرائيل تُميل الأرض لتجرف مصر إلى قطاع غزة، وإسرائيل تحلم بتسليم قطاع غزة لمصر اليوم.
* وهل لدى حماس نفس الأمنية؟
- لا أستطيع القول إن كانت حماس تتمنى أو لا تتمنى، لكن فى هذه الحالة ستكون مصر مسئولة، وتجعل البوابة بدلا من أن تكون فى رفح، تكون فى بيت حنانيا، وتكون مصر المسئولة لو ضرب صاروخ، ونتدخل فى مواضيع تكتيكية مثل الوضع حاليا، واللغم رقم واحد أنها تميل الأرض وتجعلنا ننزلق فى قطاع غزة، وسيصبح هناك عبء أمنى مع إسرائيل، فضلا عن ضياع القضية الفلسطينية، وهذا الأمر إذا حدث سيخلق مشكلة لمصر لن تخرج منها، لذا أكرر: «العنوان يا سيادة الرئيس يجب أن يكون واضحا وملزما، وأن يضع أمر قطاع غزة كتعامل أصيل لوزارة الخارجية، ولا بد أن يكون معلنا، ويكون الشعب على علم بعلاقتنا بقطاع غزة».
واللغم الثانى هو الوجود الإيرانى بقطاع غزة، لأن إيران تحمى نفسها بالوجود فى غزة، وهناك معلومات تقول إن هناك عناصر من الحرس الثورى الإيرانى فى القطاع، وسقوط سوريا أمر خطير جدا بالنسبة لإيران، لذا تسخن الجبهة المصرية، وهذا هدف استراتيجى إيرانى ومعلن فى سيناء.
* هناك شعور بأن القوات المسلحة ملت غلَّ يدها فى عملية تطهير سيناء بعد اغتيال جنودنا فى رفح.. ما صحة هذا الأمر؟
- لا، لم تغل يد القوات المسلحة، وتعمل فى إطار مهمتها، وهناك قرار حاسم بهدم الأنفاق، ولم يحدث تغير، والتحقيقات تجريها القوات المسلحة، لكن لا يوجد تعاون من حماس، ولدينا مهمتان، هما متابعة التحقيقات والوصول للجناة الحقيقيين، وعملية تطهير سيناء واستعادة الأمن فيها، وهذا العمل لم يتوقف.
* قال أحد قيادات حماس: سندخل السلاح إلى غزة ولن يمنعنا أحد.
- هذه تصريحات فيها نوع من العته، ولا يمكن الرد عليها، ولا أحب الرد على تصريحات الحمقى، وردى عليه: «يورينا شطارته».
* فى خضم كل هذا.. ماذا يدور فى الداخل الإسرائيلى؟
- إسرائيل أمامها سيناريوهات عديدة وتجهز نفسها لحرب، بدعم الولايات المتحدة، لأنها تستشعر الخطر فى الوقت الحالى، وتنظر بقلق لما يحدث وعينها على استقرار مصر، وعينها على كل ما يحدث فى المنطقة، وتهديدات إيران وخيار الحرب فى إسرائيل طبقا للعقيدة اليهودية مقدسهم حاليا، فى مرحلة التفكير فى سيناريوهات سوداء لتدهور الأمر تجاه غزة وإيران.
* هل تعتقد أنها ستكون حرباً إقليمية متعددة الجبهات؟
- لا يمكن الوصول لمضمون الخطط، لكن من يعرف التفكير الإسرائيلى والعقلية اليهودية، يعرف أنها يمكن أن تفعل أى شىء بدعم من الولايات المتحدة، ومعظم دول العالم، وما يحدث فى سوريا فرصة لها، وإسرائيل تركتها تسقط نفسها بنفسها، وتتدخل لمنع المجتمع الدولى لحسم القضية، وتحرك الولايات المتحدة، وقارن بين حالة بشار وحالة القذافى، أدخلت الاتحاد الأوروبى بسبب مصالح لهم هناك، وفى حالة بشار يريدون إسقاط سوريا وليس «بشار»، وكلما زادت وطأة القتل كلما تفككت الدولة، والتدمير هو مبدأ نابليون وتطبقه إسرائيل، وهو «لا تقاطع أعداءك حينما يتقاتلون».
وهم لا يريدون بشار أو الطرفين، هم يريدون كما نرى كل يوم قواعد جوية تدمر، ومنشآت عسكرية تدمر، وهذا تدمير لقوة عربية، وعمارات تنهار وناس تموت بشكل يتجاوز أى عمل عسكرى.
* وهل نحتاج عنواناً عريضاً أيضاً للعلاقة مع قطر؟
- كل أنواع العلاقات تحتاج عنواناً، ولا بد من الإعلان عن التوجه الاستراتيجى مع إيران وحماس وقطر، لأن العلاقات الدولية كلها المفترض أنها من أجل مصلحة الشعوب وليس النظم، فلا بد أن تعرف الشعوب محتواها وتقبلها أو ترفضها، والنظام موجود ليخدم فترة ويترك مكانه، دون ترك تركة مثقلة.
* كثير من الأوساط المصرية تتحدث عن أنه ليس هناك قلق من سدود دول حوض النيل، لأن بإمكاننا توجيه ضربة عسكرية لها.. هل يمكن حدوث ذلك؟
- لا، غير وارد وغير صحيح وخطأ 100% ولن يحدث، لا يمكن حل هذه المشاكل عسكريا، الآلة العسكرية تتدخل ضد من يهدد الأراضى، أما المياه فيمكن حلها بالسياسة والعلاقات الدولية.
* هناك دراسة لافتة لمركز ستارتفور -الجناح البحثى للمخابرات الأمريكية- تتحدث عن أن كلام المسئولين المصريين بأن مصر لن تفلس نابع من وجود اتجاه للتأمين على رؤوس الأموال المصرية.. والحديث أيضاً عن أموال القوات المسلحة.
- لا يوجد ما يسمى بأموال القوات المسلحة، ولا يوجد سر أو مشكلة فى ذلك، وهناك خلط فى الأمر، هناك بند للتسليح لا يتعاطى مع لجنة الدفاع فى مجلس الشعب، ويصعد للرئيس لكى يوقعه. وكل دول العالم، حتى الولايات المتحدة، لديها ميزانيتان متضادتان؛ ميزانية التنمية وميزانية الجيش، وكلتاهما لا يمكن الاستغناء عنها أو تخفيضها، وفكرة مشاركة القوات المسلحة فى جهود التنمية فكرة عظيمة جدا، على الأقل لتغطية احتياجاتها، بدلاً من عمل عقود مع متعهدين وموردين، ونحمل أعباء إضافية على موازنة الدولة ووزارة المالية، وكانت الفكرة بهدف المساهمة فى تنمية الدولة بما يكفى الاحتياجات المعيشية لجنود القوات المسلحة وأفرادها.
* كيف تلقيت حديث أطراف خارجية عن تسليح الجيش وميزانيته؟
- هذا الحديث يدخل فى إطار الحرب النفسية.
* رأس السلطة رئيس مدنى منتخب وهو وضع لم تعهده القوات المسلحة.. كيف تكون العلاقة بين الرئيس والمؤسسة العسكرية سليمة ومتى يحدث العكس؟
- النظام نفسه هو الذى يحدد نوعية الرئيس وليس المؤسسة العسكرية، والقادة الفاشيون فى العالم لم يكونوا من المؤسسة العسكرية أيضاً، أى ليس معنى أن الحكم العسكرى استمر 60 عاما أنه الذى يحدد، فالعسكرى فى النهاية مواطن، وفى فترة خدمته يكون مقيداً سياسياً، وعندما يخرج من الخدمة يمكن أن يمارس السياسة كما يريد، والخلفية العسكرية لا تتدخل فى شىء، والنظام هو الذى يحدد المسار، والعلاقة بين الرئيس والجيش محددة وواضحة بنص الدستور الذى يحدد مسئولية الطرفين، والخروج عنها يعد مخالفة دستورية، فعلاقة الرئيس بالجيش مثل علاقته ببقية المؤسسات، هو القائد والرئيس الأعلى للبلاد، وعلاقته بالقضاء مثلا أن يعين القضاة ولا يمكنه أن يتدخل فى أحكامهم، وكذا يعين النائب العام وقضاة المحكمة الدستورية ووزير الدفاع وغيرهم، وهذا لا يخول له التدخل فى عملهم، والدستور لم يقل إن الرئيس هو المسئول الأول عن حفظ أمن البلاد وسلامة أراضيها، ولكن قال إن القوات المسلحة ملك الشعب ومهمتها حفظ أمن وسلامة البلاد، إذن فالرئيس جزء من المنظومة، حتى وإن كان على رأسها، ليس أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.