يرى باحث وفنان مصري أن بلاده التي حملت جدران مقابرها الفرعونية أول تسجيل لجذور الرسوم المتحركة في التاريخ، شهدت عام 1936 "أول فيلم رسوم متحركة إفريقي بحق"، وكان أخا مصريا لميكي ماوس، إلا أن تهميش إفريقيا صرف أنظار كثير من المؤرخين عن هذا الفن، الذي بدأ بفيلم أخرجه أمريكي في جنوب إفريقيا عام 1915. ويقول محمد غزالة أستاذ قسم الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، في كتاب "سينما التحريك في إفريقيا" إن آلات السينما التي حملها مصور ومخترع السينما لوميير وصلت عام 1896 للقارة السمراء لتصوير معالمها في أجواء استعمارية، حيث كان "من المحرم على الزنوج التصوير السينمائي بقوة القانون لكونها أداة من أدوات التعبير عن الذات". ويضيف أن أول فيلم رسوم متحركة ينتج في القارة أخرجه عام 1915 الأمريكي هارولد شو 1876-1926 في جنوب إفريقيا، أما في شمال القارة فقدم إخوة فرنكل عام 1936 "النسخة المصرية لوالت ديزني" وهم ينتمون إلى عائلة فرنكل الروسية التي هاجرت إلى الإسكندرية عام 1914 "للبحث عن العمل والأمان والحرية هاربة من المناخ غير المتسامح" في أوروبا. ويقول إن إخوة فرنكل قدموا عام 1936 أول فيلم ضمن سلسلة أعمال للرسوم المتحركة عنوانها "مشمش أفندي" التي استحسنها الجمهور. وقدم "مشمش أفندي" في عرض واحد مع فيلم روائي غنائي وينشر الكتاب صورة ضوئية من إعلان يضع "مشمش أفندي" أسفل صورة "الآنسة أم كلثوم في تاج الأفلام المصرية نشيد الأمل)". وينقل عن الجريدة اليومية "أصبح لميكي ماوس أخ مصري من خلال فيلم الرسوم المتحركة الأول لإخوان فرنكل، فمثل ميكي ماوس وبيتي بوب، في أمريكا أصبح لمصر اليوم مشمش أفندي، وهو بطل أول فيلم كارتون مصري تم عرضه هذا الأسبوع في سينما كوزموجراف". وكتاب "سينما التحريك في إفريقيا" أحد منشورات الدورة الثانية لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، التي افتتحت الاثنين في مدينة الأقصر، الواقعة على بعد نحو 690 كيلومترا جنوبيالقاهرة وتعد متحفا مفتوحا وتضم كثيرا من كنوز مصر الأثرية الفرعونية. وينظم المهرجان ورشة "صناعة الفيلم" يشرف عليها المخرج الإثيوبي البارز هايلي جريما، بمشاركة ثلاثة أفارقة هم المخرجان الإفريقيان أمبيسا جير برهي وأندرو ميلينجتون ومدير التصوير برادفورد يانج، ويستفيد من الورشة نحو 30 من شباب السينمائيين من مصر والدول الإفريقية، وستعرض الأعمال التي سينجزونها في ختام المهرجان. كما ينظم المهرجان أيضا ورشة للرسوم المتحركة تستضيفها كلية الفنون الجميلة بالأقصر للتدريب على تقنيات الرسوم المتحركة ويستفيد منها نحو 20 من الشباب من ليبيا وتنزانيا وجزر القمر ورواندا ومصر. ويدير الورشة مؤلف الكتاب، وهو أيضا مدير الفرع الإقليمي للاتحاد الدولي للروسم المتحركة "أسيفا". ويقع الكتاب في 254 صفحة كبيرة القطع، تضم النص العربي وترجمته الإنجليزية التي أنجزها خالد مكاوي وإشراق درديري. وقال الإيطالي جيان - ألبرتو بينداتزي مؤلف كتاب "أفلام الكارتون.. مائة عام من سينما التحريك" في مقدمة كتاب غزالة إنه "أول مرجع عن الرسوم المتحركة الإفريقية". ويقول غزالة إن المصريين القدماء حفروا في جداريات بني حسن في محافظة المنياالجنوبية "أول تسجيل متقن لتتابع الحركة الحية للإنسان.. وهو نفس المبدأ الذي قامت عليه تقنية الرسوم المتحركة.. تسجل الحركة لقطة لقطة". ويسجل أن الأخوين المصريين، علي وحسام مهيب، تمكنا من تمصير هذا الفن حيث كان علي مهيب (1935-2010) "أول إفريقي ينتج أفلام رسوم متحركة" منذ قدم فيلمه الأول (الخط الأبيض) عام 1962 وفي النيجر قدم الرائد مصطفى الحسن، الذي كرمه المهرجان في حفل الافتتاح الاثنين الماضي، فيلمه الأول عام 1963 "وهو صاحب أول فيلم تحريك في إفريقيا فيما يتعلق بمحتواه" وفي العام نفسه قدم الجزائري محمد عزام فيلمه (عيد الشجرة).