كشف اللواء أركان حرب متقاعد محمود شعيب، قائد اللواء 130 مشاة أسطول في حرب أكتوبر المجيدة، عن تكليف الفريق أول محمد صادق، وزير الحربية قبل الحرب، عن تشكيله للواء فى يناير 1972 ليُحمل عبر القطع البحرية المصرية لتنقله عبر قناة السويس للتصدى لاحتياطات العدو أثناء فتح الثغرات فى خط بارليف باستخدام خراطيم المياه العملاقة، موضحاً أن عمل اللواء الذى تولى قيادته أشبه ب«المارينز» فى الجيش الأمريكى. أضاف «شعيب»، فى أول حوار صحفى يجريه عقب مرور 43 عاماً على حرب أكتوبر، أنه فوجئ بقدرة القوات البحرية على نقل 24 مركبة من اللواء الذى شكله، لافتاً إلى أن اللواء تكون من 150 دبابة، ومدرعة «توباز»، وأنه اقترح على الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب، أن يقوم ب«تعويم الباقية»، لافتاً إلى أنه وافق، فى الوقت الذى علق خبير سوفيتى على مقترحه، قائلاً: «أنت مجنون.. لا تستطيع أن تعبر بها البحر المفتوح»، إلا أنه تم التدريب عليها مراراً وتكراراً حتى نجحنا فى مهمتنا وقت الحرب.وبسؤاله: «هل اشتركت ميدانياً في القتال أم بالتوجيه عن بعد فقط؟»، قال: صدر أمر من الفريق عبدالمنعم واصل، قائد الجيش الثالث الميدانى، لى بعد ظهر يوم 13 أكتوبر، بالانتقال لنقطة كبريت لقيادة القوات الموجودة فى تلك النقطة، وانتقلت بالفعل لمقر قيادة الفرقة السابعة مشاة الموجودة بالشرق، وهى أقرب وحدة ل«كبريت»، ومن أول يوم 13 أكتوبر نظمت الدفاع وإجراءات تلك النقطة، وكان معى المقدم إبراهيم عبدالتواب، وحينها خرجنا من تبعية الجيش الثالث الميدانى بشكل مباشر، لأكون تحت قيادة العميد أركان حرب حينها، أحمد بدوى، قائد الفرقة السابعة مشاة، وسحبت من موقع «كبريت» 10 عربات مدرعة «توباز» بسائقيها لتنضم للفرقة السابعة مشاة، ونُقلت المفرزة الأخرى لمطار كبريت «غرب البحيرة» للدفاع عنه. وبشأن كيف كان «موقع كبريت»، أوضح: كان الموقع باعتباره حصناً إسرائيلياً سابقاً من حصون خط بارليف يضم «نقطة قوية حصينة»، كانت تقع فى الجنوب الغربى من الموقع على مقربة من البحيرات المرة، وكانت هذه النقطة القوية تتكون من عدة طوابق تغوص فى باطن الأرض، وتعلو حتى تصل قمة الساتر الترابى، وكانت تضم عدة دشم قوية، وملاجئ للمبيت، وكانت كل دشمة مجهزة بعدة فتحات فى اتجاه الغرب لاستخدام أسلحة الضرب ضد أى هجوم مصرى، لأن الهجوم كان متوقعاً فى هذه الناحية، وجميع تلك الدشم كانت تتصل ببعضها عن طريق خنادق مواصلات عميقة مبطنة بألواح من الصلب وشكاير من الرمل، ومصممة لكى تتحمل القصف الجوى أو البرى الثقيل حتى قنابل زنة 1000 رطل.وعن ماذا جرى بعد ذلك، أوضح: خصصت الدشمة الرئيسية في هذه النقطة القوية لإقامة «قيادة اللواء»، وخصصت بعض الدشم الفرعية كمخازن لتعيينات الطعام والمياه الاحتياطية، كما أمرت بتحويل أحد الملاجئ داخل النقطة القوية إلى نقطة طبية ليقيم فيها المرضى والجرحى الذين كان طبيب المفرزة يشرف على علاجهم، وفى شرق الموقع كانت توجد عدة دشم صغيرة أعدها الإسرائيليون عند بناء الحصن لاستخدامها فى صد أى هجوم مصرى من ناحية الشرق عن طريق أى متسللين من هذا الاتجاه، واستفدنا بها عبر احتلالها بثلاث سرايا لصد أى هجوم إسرائيلى من ناحية الشرق، فيما أن الموقع فى شماله كانت توجد به خنادق مواصلات عميقة متصلة، وجرى وضع الدبابات العشر ذات المدفع القوى فى هذا الاتجاه لإخفاء هياكلها، وإبراز أبراج المدافع منها فقط ليكون موقعاً حصيناً يمكنها من قذف قوات العدو حال قدومها للهجوم علينا.وبسؤاله: «هل ترككم العدو فى نقطة كبريت دون أن يتعرض لكم؟» قال: يوما 18، و19 أكتوبر بدأت غارات جوية على موقع كبريت بعنف، بمعدل كل 5 دقائق غارة على الموقع، واستغللنا الدشمة للموقع العسكري، فيها مركز قيادة وُجدت به، ثم دشم كثيرة جداً، واحتللناها، وكدسنا تعيينات المياه، والطعام، وأقمنا نقاط جوية، وكان غرض الهجوم الرئيسى إضعاف الروح المعنوية للموجودين بالنقطة حتى لا نكون شوكة فى ضهر العدو لأننا ننظم دوريات، ونقوم بأعمال مختلفة. ويوم 20 أكتوبر حاول العدو أن يخترق الموقع بواسطة سرية دبابات لتغرس فى حقل الألغام الذى نظمناه، وتكبد خسائر كثيرة جداً، ويوم 21 أكتوبر بدأ هجوم ثان بالطائرات ثم المدفعية ثم هجوم بالدبابات، واستخدم كل الوسائل حتى يستطيع القضاء على تلك النقطة.ويوم 22 أكتوبر استمر القصف، ووجدنا سيارة جيب، فاشتبكنا معها، وانقلبت العربة، وأسرنا ضابطين، وفرداً إسرائيلياً كانوا بها، وكانت أول مرة فى حياتى أمسك إسرائيلياً، وأتكلم مع عدو مباشرة، وحين كان القصف الجوى يتم علينا، كنا نقف، ولكنهم «كانوا بيستخبوا تحت الطرابيزة خوفاً من القصف»، وقلت له: «ده انت ضابط.. بتخاف من الضرب»؛ فالمقاتل الإسرائيلى داخل الدبابة أو الطائرة يكون مثل الوحش، ولكن طلعه منها تجده «فار»، وسألته «الأرض اللى واقف عليها أرض مين؟!»، ماردش، وكنت أريد أن أقول له إنكم واقفون على أرض مصرية، ثم جرى إرسالهم لقواتنا حتى يتم استجوابهم؛ فيمكن أن يقولوا معلومة نستفيد بها فى القتال.