سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
+ قضاة وقانونيون: الضبطية خطوة نحو الحرب الأهلية «شلش»: تمهيد لظهور ميليشيات النظام.. «أبوشوشة»: تحول المواطنين إلى متهمين.. «الفقى»: النص «مهجور» واستبدل ب«إمسك حرامى».. «شباب القضاة»: النائب العام يتحمل نتيجة بيانه
رفض قضاة وقانونيون بيان المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، بمنح المواطنين صفة الضبطية القضائية، وأكدوا أنه بمثابة بداية لحرب أهلية، لأنه ليس من المناسب الزج بأفراد الشعب فى إلقاء القبض على المخربين وإسالة المزيد من الدماء. وقال المستشار زكريا شلش، رئيس محكمة جنايات الجيزة، أن بيان المستشار طلعت عبدالله النائب العام، بمنح المواطنين صفة الضبطية القضائية، سيكون بداية لحرب أهلية بين أفراد الشعب الواحد، وقال إنه وإن كان نص المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية يبيح لكل من شاهد الجانى متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطى، أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه، إلا أن ذلك النص يجب اقتصاره على جرائم معينة تختص بالطبيعة الفردية، كجرائم القتل العمد أو السرقة. وأضاف «شلش» أن ما يحدث الآن فى الشارع ليس من قبيل الجرائم التى يتعين فيها الزج بأفراد المجتمع للتصدى للمتظاهرين أو المحتجين على أمور سياسية، حتى وإن شابتها مظاهر عنف وتخريب أو اعتداء على أشخاص أو ممتلكات عامة أو خاصة، فإن المنوط به مواجهتها والتصدى لها هم رجال الضبط القضائى وحدهم حتى لا نضع أفراد الشعب فى مواجهة بعضهم البعض. وأشار إلى أنه ليس من المناسب الزج بأفراد الشعب فى إلقاء القبض على المخربين، لأن الظروف الحالية، التى تشهد اندساس بعض المخربين بين أفراد الشرطة تارة وبين المتظاهرين تارة، من شأنها أن تؤدى إلى مزيد من الدماء ووقوع القتلى والشهداء والدخول فى حرب أهلية. ولفت رئيس جنايات الجيزة إلى أن إصدار النائب العام لهذا البيان فى هذا التوقيت، يأتى فى غير محله، خاصة بعد أن نادت التيارات الإسلامية الحاكمة بتكوين ميليشيات لمواجهة من سموهم البلطجية، وستكون النتيجة الطبيعية لذلك اشتعال حرب بين أطراف المجتمع فى عدة ميادين، ومثال ذلك ما حدث أمام قصر الاتحادية، حينما طالبت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها بفض اعتصام متظاهرى الاتحادية بالقوة. وتابع «شلش» أن بيان النائب العام سيؤدى لتكرار ما حدث أمام الاتحادية ولكن بصورة أعنف ودماء أكثر. وتساءل: هل يقبل التيار الإسلامى الحاكم أن يتم القبض على أفراده الذين يتم ضبطهم بارتكاب جرائم رشاوى انتخابية أو ارتكاب أى جريمة أخرى؟ قال المستشار أحمد عطية أبوشوشة، أحد قضاة تيار الاستقلال، معلقاً على تصريحات النائب العام بشأن منح المواطنين حق الضبطية القضائية، أن مأمور الضبط القضائى لا يستطيع القبض على أى شخص إلا إذا كان فى حالة تلبس بجناية أو جنحة عقوبتها تزيد على 3 أشهر، أو بأمر من القضاء أو النيابة. وأوضح أبوشوشة أن الحالة الوحيدة التى يجوز فيها للمواطن تسليم المتهم لرجال السلطة العامة هى مشاهدته متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطى، أى يجب أن يشاهد المواطن المتهم متلبساً بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة. وأضاف: النائب العام لم يأت بجديد، فالمادة 37 موجودة أصلاً، لكن الخوف من أن يتوسع المواطنون فى القبض على أشخاص فى جرائم لا يجوز فيها الحبس الاحتياطى، مثلاً تعمد تعطيل حركة المرور هى جنحة مرورية لا يجوز فيها الحبس الاحتياطى، وبالتالى لا يجوز للمواطن العادى القبض على مرتكبها، ولكن الإبلاغ فقط، أما إذا شاهد المواطنون شخصاً يسرق أو يحرق مبنى أو يحمل سلاحاً نارياً أو يقتل فمن الطبيعى والجائز قانوناً لهم أن يمسكوا به ويسلموه لرجال السلطة. وحذر أبوشوشة من خطورة أن يقبض المواطن على شخص فى جنحة الحد الأقصى للعقوبة فيها يقل عن سنة، لافتاً إلى أنه بذلك سيصبح هذا المواطن متهماً فى جريمة قبض بدون وجه حق. ووصف الدكتور عماد الفقى، أستاذ القانون الجنائى، أن المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية التى ذكر بها النائب العام المواطنين ب«المهجورة» لأنها معطلة منذ سنوات، ويستعاض عنها بالمادة 30 من ذات القانون والشهيرة ب«إمسك حرامى» والتى نصت على أن «تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، وتُعتبر الجريمة متلبساً بها إذا اتبع المجنى عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وُجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به فى هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك». وأضاف الفقى أن مثل هذا البيان الذى خاطب به النائب العام المواطنين لا يرقى إلى أن يصدر من النيابة العامة، وإنما يصدر من مكتب الإرشاد، فالموطنون ليست لديهم القدرة القانونية للتفريق بين عقوبات الجرائم التى يجوز فيها الحبس مدة تزيد على سنة، وهو ما يعرض المواطنين للوقوع تحت طائلة القانون بنص المادتين 280، 282 من قانون العقوبات الجنائى، الخاصتين بالقبض على أى مواطن دون وجه حق. وقالت لجنة شباب القضاة وأعضاء النيابة العامة فى بيان لهم أمس إنه من المؤسف أن يصدر رئيس المكتب الفنى للنائب العام بياناً يبيح فيه للسادة المواطنين القبض على مثيرى الشغب، لأن ذلك هو واجب الجهات الأمنية، وبغض النظر عن تجاوز البيان لدور النيابة العامة، فهى ليست جهة أمنية وغير منوط بها مخاطبة المواطنين، فإن تلك الدعوة قد تأتى بآثار كارثية حين يتعرض المواطنون لبعضهم البعض وكل طرف يظن أنه على صواب، فهل سيتحمل المستشار طلعت عبدالله عاقبة هذا البيان؟