بعد نحو 15 شهراً من سقوط نظام حسنى مبارك، وسلسلة من المواقع الدموية، بدءاً من ماسبيرو والبالون ومحمد محمود ومجلس الوزراء والدفاع، شهدت منطقتا العباسية ومحيط وزارة الدفاع، موقعة جديدة، أمس، تحت اسم «الكماشة» فى إطار الصراع على الحكم بين القوى العسكرية والإسلامية والثورية. كان ميدانا التحرير والعباسية، احتشدا أمس، بآلاف المطالبين بإسقاط حكم العسكر، وفيما تكفلت الشمس الساخنة بإصابة عدد كبير من متظاهرى التحرير، تكفلت قوات الشرطة العسكرية بتفريق المعتصمين أمام وزارة الدفاع، مستخدمة قنابل مسيلة للدموع وطلقات خرطوش وخراطيم المياه، ورد عليها المعتصمون بالحجارة من وراء حواجز الأسلاك الشائكة، ووقعت اشتباكات أسفرت عن عشرات الإصابات. سبقت المظاهرات والاشتباكات، مسيرات عديدة خرجت من عدد من مساجد القاهرة، بعد كلمات حماسية من خطبائها، تضمنت هجوماً على المجلس العسكرى، ودعوات لتحكيم شرع الله، ومنها ما ذهب إلى المطالبة ب«دولة الخلافة». وحسب تصريح مصدر عسكرى ل«الوطن»، فإن أهالى العباسية ساعدوا قوات المنطقة المركزية العسكرية فى تمشيط الميدان ومطاردة بعض العناصر حتى «غمرة»، وسلموا الجيش من اعتبروهم «40 بلطجياً مندسين بين المعتصمين». وأضاف مصدر عسكرى ثانٍ أن اقتراب المتظاهرين من مقر وزارة الدفاع، اضطرهم إلى تطبيق خطة «الكماشة» للسيطرة على المتظاهرين وإنهاء الأمر بأى شكل خلال ساعات، وأكد وقوع إصابات بين رجال القوات المسلحة خلال الاشتباكات. وذكر شهود عيان ل«الوطن» أن «الكماشة» التى نفذتها الشرطة العسكرية أغلقت الطرق أمام المعتصمين فيما تكفل عدد كبير من البلطجية بإغلاق طريق الرجوع ووقفوا لتصيد المعتصمين المنسحبين. وعلى الرغم من إجماع القوى السياسية، على التوحد ضد العسكر، فإن الغايات كانت متباينة، إذ كان الإخوان فى التحرير يطالبون بإسقاط حكومة الدكتور كمال الجنزورى، وسلفيون أمام وزارة الدفاع يطالبون بإسقاط المادة 28 من الإعلان الدستورى، فى إطار مساندتهم لمرشحهم الرئاسى المستبعد حازم صلاح أبوإسماعيل، والحركات الثورية تدعو لإسقاط حكم العسكر، وتسليم السلطة لمجلس رئاسى مدنى. ويرى سياسيون أن استمرار الوضع الحالى ينذر بمصير غامض لانتخابات الرئاسة، خاصة أن كثيراً من الحركات الثورية آثر الابتعاد عن تلك الاشتباكات؛ باعتبارها صراعاً على السلطة بين العسكر والإسلاميين، كما قاطعتها قوى حزبية مثل «التجمع» و«المصريين الأحرار» و«المصرى الديمقراطى».