ما ينهار ينهار.. الشرطة تتفكك، وتهترئ، فكرة الأمن تنهار تماماً، لا أحد يمتلك عقيدة لما يفعله، أو ربما العقيدة التى يمتلكها تتناقض مع ما يُطلب منه القيام به وفعله، من قتل وسحل وتعذيب دون عقل ولا منطق، دون معنى أو شرف.. عندما يفر جندى أمن مركزى من موقع الاشتباكات فى بورسعيد، لاجئاً إلى أسرة شهيد لقى مصرعه فى اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، فى معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، يدعى فيها فقط إلى الموت دون هدف ولا غاية، إلا صيانة أصحاب اللحى، وزيادة جبروت المتجبر، واستبداد المستبد.. عندما يكفر الجندى بالسلاح فى يده، ويفر من وظيفته باحثاً عن الرحمة وإنسانيته، باحثاً عن سلامته النفسية، نكون أمام إرهاق وصل حد المأساة، نكون أمام انهيار حقيقى لمعنى الأمن، انقلاب على دوره ووظيفته، من حماية الناس إلى قتالهم، ومن صيانة البشر إلى دهسهم بالمدرعات، وتهشيم رؤوسهم، لا فرق هنا أن يكون الرأس المهشم، والجسد الذى يتم دهسه، لرجل أو امرأة، حدث ذلك فى شوارع المنصورة، ألقت مدرعة تابعة للشرطة رجلاً على الأرض، بينما قامت مدرعة أخرى بدهس جسده..!! فى المنصورة أيضاً اعتصم ضباط وجنود الأمن المركزى، رافضين تنفيذ أوامر قادتهم بمواجهة المتظاهرين، نفس ما فعله قطاع الأمن المركزى بالإسماعيلية، رفضوا تنفيذ أوامر مساعد مدير الأمن، للخروج بمأموريات لفض الشغب فى بورسعيد.. نفس ما فعله جنود الأمن المركزى فى شمال سيناء، وفى محافظات الغربية، والمنيا، والسويس، والأقصر و12 محافظة مصرية.. ضباط وجنود أسيوط أغلقوا 5 مراكز شرطة بالسلاسل والجنازير، مطالبين باستقلال الداخلية عن الرئاسة، ضباط قسم قصر النيل بالقاهرة أيضاً أغلقوا القسم، احتجاجاً على ما سموه (بأخونة الشرطة)! إضرابات الشرطة المتوالية، صرخة مدوية فى وجه الجانى الحقيقى، غضب ورفض للزج بهم فى صراعات ومعارك سياسية، والإصرار على تصديرهم فى المشهد، وتحميلهم فواتير وأخطاء سياسية لم يرتكبوها، الإصرار على الضغط عليهم، وتحميلهم فوق ما يحتملون، ووضعهم فى مواجهة مباشرة مع الشعب!! عصيان الشرطة يفضح حجم الصراع، وتدهور العلاقة بين الشرطة والرئاسة.. بعد عامين من الضغط والإرهاق، يرفض ضباط وجنود الشرطة دفع فواتير الرئاسة، والزج بهم كأداة بطش وقمع فى وجه المتظاهرين، بينما تبحث الرئاسة عن الولاء الكامل لها، وإلحاق تبعية الشرطة لها، وهو ما لن يتحقق (فى رأيها) إلا بمحاولات (أخونة الشرطة).. إضراب الشرطة كشف حجم الصراع وتداعياته الخطرة.. من اقتراح وزارة العدل المقدم إلى مجلس الشورى بالسماح بإنشاء شركات حراسة خاصة لتأمين المؤسسات والأفراد والنقل (تخفيفاً عن الشرطة) بما يؤسس لميليشيات خاصة مسلحة..!! إلى المشروع «الإخوانى» المقدم أيضاً إلى مجلس الشورى، بإلحاق تبعية قوات الأمن المركزى إلى الرئاسة مباشرة..!! إلى إعلان الجماعة الإسلامية فى أسيوط، قبل يومين، بعد إضراب ضباط الشرطة، القيام بتولى مهام الأمن بالمدينة!!