تتوقف الحياة مع غياب الشمس، ويخيم الظلام، وتخلو الطرقات من المارة، وفى ظلام الليل تستيقظ الكائنات الليلية، ويستيقظ معها الخارجون على القانون، بينما كل ما يحلم به أهالى مئات القرى هو «الكهرباء». مئات القرى فى مصر، والآلاف من قاطنيها يراودهم حلم الحياة الكريمة، على مر عقود.. حيث يعيشون سنوات القحط والظلام، بين الأمل والألم، وهم يناشدون لفتة «كهرباء» تنسيهم ظلم النهار، وتزيل عنهم ظلام الليل، فهم لم يعيشوا المرض والويلات بسبب العزلة والتهميش فقط، ولكن فى واحدة من العجائب والغرائب التى سطرها إهمال المسئولين، هناك عشرات العزب والنجوع لم تصل إليها الكهرباء، مما دفع الطلاب للاستعانة بالشموع، وانتظروا شعاع ضوء يذاكرون عليه، فمتى رأوه استبشروا خيراً، وإذا لم يروه يبدو عليهم الحزن والاكتئاب، حيث شاءت الأقدار أن يحرموا من حقهم فى كهرباء تنير لهم صفحات كتبهم، وتمتع أجسادهم بالراحة. ويحكم القرى والنجوع الذعر، فإن لم يكن من الظلام وما يأتى به من مخاطر، فإنه خوف على مستقبل أبنائهم، من الطلبة، سواء فى الثانوية العامة أو الجامعات، ممن يتسولون الضوء ليصنعوا مستقبلهم. وهناك فى قرى بعيدة عن خريطة المسئولين أنارت الحكومة المعابد والمناطق الأثرية، وتركت النجوع تعيش فى الظلام، بحجة تخفيف الأحمال، وتلف محولات الكهرباء، فأضحى الأهالى محرومين من أدنى حقوقهم، وتحولت يومياتهم إلى رحلة بحث عن شعاع ضوء ينير لهم الليل. مئات القرى يحكمها الظلام الدامس، وعندما تعيش وحدك مأساة، وعندما تحارب فى إنسانيتك وتفقدها، تبحث عمن يسمع أناتك، فكانت «الوطن» حاضرة مع الأهالى لتسمع منهم، وتفتح ملف الذين يعيشون فى الظلام، وهى تمسك بأهداب الأمل، بعزيمة وإصرار، فى أن تضع حلاً لمشكلاتهم.