الشعبة: ضخ كميات من الخضروات بسعر التكلفة بمنافذ التموين الاثنين المقبل    سعر الدولار مقابل الجنيه ينخفض في 7 بنوك خلال أسبوع    موعد تغيير الساعة في مصر وتطبيق التوقيت الشتوي 2024: «اضبط ساعتك»    إسرائيل تتعهد بإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    "اليونيسيف": مقتل وإصابة 4700 شخص جراء الضربات الإسرائيلية على لبنان منذ الإثنين الماضي    "تغيير مكان الإقامة وتحذير من كولر".. كواليس معسكر الأهلي قبل مواجهة الزمالك    ضبط 349 قضية مخدرات في 24 ساعة.. الداخلية تواصل حملاتها لمواجهة البلطجة    مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، تعرف على أعضاء لجنة تحكيم مسابقة عصام السيد    تعرض والدة ريم البارودي لحادث سير ونقلها لغرفة العمليات    حظ سيئ ومصائب تطارد برج الجدي في أكتوبر.. اتبع هذه النصائح للنجاة    "الصحة" تستعرض أمام "الأمم المتحدة" جهود مقاومة مضادات الميكروبات    صالون «التنسيقية» يناقش «الدعم النقدي أفضل أم العيني».. الأحد    شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر.. بث مباشر    باحث سياسي: إسرائيل تكرر جرائم غزة في قصف لبنان    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    «أعمال السنة أمر أساسي والبرمجة ستصبح لغة العالم».. تصريحات جديدة لوزير التعليم    طارق السعيد: عمر جابر الأفضل لمركز الظهير الأيسر أمام الأهلي    وزير الإسكان: حريصون على تعميق التعاون المشترك مع الشركات اليابانية في مجالات البنية الأساسية والمدن الذكية    مصرع طفلة صدمتها سيارة «ميكروباص» أمام منزلها في المنيا    غرق طفلين في مياه النيل بمنطقة أطفيح    مقتل ضابط شاب في اشتباكات مع عنصر اجرامى شديد الخطورة بأسوان    ظاهرة خطيرة.. «النقل» تناشد المواطنين المشاركة في التوعية من مخاطر «رشق القطارات»    محافظ كفر الشيخ يعلن إزالة 534 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    عالم أزهري: العديد من الآيات القرآنية تدل على أهمية العلم    علي الحجار نجم حفل وزارة الثقافة بمناسبة العيد ال51 لنصر أكتوبر المجيد    1.3 مليون جنيه إيرادات 7 أفلام في 24 ساعة.. مفاجأة غير سارة للمركز الأخير    إشراقة الإيمان: قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة    الأنبا مكاريوس يترأس حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الإكليريكية    الكشف على 1873 حالة في قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    وزير التموين يوجه ببدء طرح الخضر والفاكهة بالمجمعات الاستهلاكية بالشراكة مع القطاع الخاص    "الفيديو جاهز".. جوميز يحفز لاعبي الزمالك بسخرية "نجمي الأهلي"    3 أطعمة رئيسية تهيج القولون العصبي.. استشاري تغذية علاجية يحذر منها    مساعد وزير الصحة يتفقد مستشفى منفلوط المركزي الجديد    وزير الخارجية اللبناني يدعو لتدخل دولي ووقف إطلاق النار    كرة اليد، الزمالك يواجه تاوباتي البرازيلي في افتتاح مونديال الأندية    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    استقرار سعر اليورو اليوم الجمعة 27-9-2024 في البنوك    تفاصيل لقاء رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية للتنمية    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة.. «اللهم أبدلهما دارًا خيرًا من دارهما»    أسعار حفل أنغام في المتحف المصري الكبير الشهر المقبل    ختام فعاليات مسابقات جمال الخيل بالشرقية وتوزيع جوائز المهرجان على الفائزين    "حقوق الإنسان": اقترحنا عدم وجود حبس في جرائم النشر وحرية التعبير    وزير خارجية الأردن: إسرائيل أطلقت حملة لاغتيال وكالة «أونروا» سياسيًا    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    تسكين طلاب جامعة الأقصر بالمدن الجامعية    حسام حسن: من الصعب توقع مباراة القمة.. وصفقات الأهلي والزمالك قوية    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 23 - 08 - 2016

كثيرًا ما كان يقول الفيلسوف بيتر ميليكان: «حتى إذا ظهر أن الفكرة فارغة، فإن مجرد تعوُّدِك على إبداع أفكار جنونية سيجعلك تصل، في نقطة ما، إلى أن تفكر بشيء، في البداية قد يبدو بلا قيمة، ولكن بعد فترة سيظهر أنه ليس جنونًا على الإطلاق».
كان إيلون ماسك يبدو معتوهًا تمامًا، وهو يشرح نظريته في مؤتمر «Recode's annual code» أمام لفيف من العلماء والمفكرين، تنحنح قليلًا، ثم قال: «إن الاحتمال الأكبر هو أننا لا نعيش في عالم حقيقي على الإطلاق!!!»
وكأنما ألقى قنبلة؛ تزايدت الهمهمات في أرجاء القاعة، فأكمل دون توقف: «أكاد أجزم بأننا مجرد كيانات حاسوبية تعيش ضمن لعبة فيديو لدى حضارة أكثر تقدمًا». نظر إلى تعبيرات الوجوه الساخرة من حوله قائلًا: «ألا تصدقون؟ إن أقوى برهان على أننا نعيش ضمن محاكاة حاسوبية هو أننا قبل أربعين سنة كنا نلعب لعبة (Pong) مع نقطة ومستطيلين.
هكذا كانت ألعاب الفيديو آنذاك. أما الآن، أصبحت لدينا ألعاب واقعية ومحاكاة ثلاثية الأبعاد وملايين الأشخاص يلعبون في آن معًا، وتزداد المحاكاة تطورًا عامًا بعد آخر، وقريبًا سيكون لدينا واقع افتراضي؛ واقع معزز حاسوبيًا، أي ألعاب يتماهى فيها الخيال مع الواقع إلى الحد الذي يجعلهما شيئًا واحدًا (هذا ما يتفق معه تمامًا علماء الذكاء الاصطناعي)، فما يدرينا أننا الآن لسنا شخصيات افتراضية في لعبة مُصممة بدقة كبيرة»؟! وكانت تلك بداية الأزمة!!
في منتدى عُقد بعد المؤتمر بعدة أسابيع طرحت زهرة دافودي "العالمة الكبيرة في معهد ماستشوستس للتقنية"، فكرة مفادها أنه يمكننا الاستدلال على طبيعة الكون الذي نعيشه من خلال اختبار الطاقات بين الأشعة الكونية التي تضرب الأرض، ومن دراستها نستطيع أن نرصد حركة الزمكان؛ إن كان مستمرًا أم ثابتًا، وبناء عليه نستطيع أن نفرِّق بين كوننا جزءًا من لعبة أو أننا نشأنا هكذا.. وتوصلت في نهاية بحثها العميق إلى أنه لا يمكن بحال إثبات أننا لسنا جزءًا من لعبة محاكاة!.
بعدها قال بيل جيتس فيما يُشبِه حسم الموضوع: «لن نحصل على دليل على أننا لسنا في محاكاة، ببساطة لأن أي دليل نصل إليه قد يكون جزءًا من هذه المحاكاة».
يجعل هذا من الصورة التي رسمها مُخْرِجا «ماتريكس»، و«أفاتار»، خيالاً علميًّا غير فانتازي، بمعنى أنه قادر على التطابق مع ما يُفترض أنه الواقع المعيش.. وربما تكون الصورة الأقرب في فيلم «The Truman show» الذي أُنتج 1998، بطولة جيم كاري، الفتى المدلل الذي يشعر بأن حياته تسير في إطار غير طبيعي، ويكتشف في النهاية أنه جزء من برنامج واقعي يشاهده الملايين في أميركا، وأن حياته التي اعتادها عبارة عن استوديو لمسلسل تلفزيوني لا أكثر!.
لذلك كان رأي إيلون دائمًا أن «هنالك فرصة ضئيلة تُقَدَّر بواحد على عدة مليارات بأننا نعيش في واقع حقيقي!!».
في إجابته تلك، يذكّرنا إيلون بفكرة الفيلسوف «نيك بوستروم» (Nick Bostrom) التي جاءت في ورقة بحثية بعنوان «هل أنت في محاكاة حاسوبية؟»، وفيها جاء: «قد تقوم الأجيال المقبلة باستخدام حواسيبها الخارقة لإجراء عمليات محاكاة تفصيلية لأسلافها أو أشخاص شبيهين بهم. لأن تلك الحواسيب سوف تكون خارقة لدرجة تمكّنهم من إجراء عدد ضخم من مثل هذه المحاكيات.
الآن، لنفترض أن هؤلاء الأشخاص الذين تمت محاكاتهم يتمتعون بالوعي، عندها سوف تكون الغالبية الساحقة من العقول شبيهة بعقولنا ولا تنتمي للسلالة الأصلية بل تنتمي لأشخاص جدد عندها سيكون ممكنًا أن نبرهن، في حال صح ذلك، أنه من المنطقي افتراض أننا على الأرجح من ضمن العقول التي تمت محاكاتها، ولسنا من ضمن العقول البيولوجية الأصلية (التي اخترعت البرنامج).
فإذا لم نتقبّل فكرة أننا نعيش حاليًا ضمن محاكاة حاسوبية، فكيف إذًا نرجّح بأننا سننتج أحفادًا قادرين على إجراء محاكيات لأسلافهم (كما يتوقع جميع العلماء)! تلك هي الفكرة الأساسية.
طرح بعض العلماء أسبابًا أخرى تدفعنا للاعتقاد بأننا افتراضيون، فعلى سبيل المثال، كلما ازدادت معرفتنا عن الكون، بدا لنا استناده إلى قوانين رياضية دقيقة جدًا.
يقول ماكس تيجمارك (عالم الكونيات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا): «إذا كنتُ شخصية في لعبة كمبيوتر، كنتُ سأكتشف في نهاية المطاف أن القواعد تبدو صارمة ورياضية للغاية»، وأضاف: «وأن هذا يعكس كود الكمبيوتر الذي صُنعت به اللعبة».
أما تايسون، "نيل ديغراس تايسون عالم أمريكي مختص بالفيزياء الفلكية، كاتب ومقدم للعديد من البرامج التلفزيونية"، يقول في هذا الصدد: «نحن لا نعتبر أنفسنا آلهة عندما نبرمج لعبة (ماريو)، رغم أننا نتحكم في مدى ارتفاع قفزاته».
ويضيف: «لا سبب للاعتقاد أن هذه الكائنات في غاية القوة لمجرد أنها تتحكم في كل ما نفعل». بالإضافة إلى ذلك، تستدعي فكرة محاكاة الكمبيوتر للكون فكرة أخرى مُقلقة. فكما يقول تايسون: «ماذا يحدث إذا ظهر خطأ برمجي أدى إلى انهيار البرنامج بأكمله؟».
عقل في وعاء
يأتي دور الفلسفة التي سبقت هذه التخيلات ببعض الوقت، حين عَرَضَتْ ما سَمَّتْه «عقل في وعاء»، وهي متناقضة للفيلسوف الأمريكي هيلاري بوتنام قدّمها في كتابه «السبب والحقيقة والتاريخ» (Reason, Truth, and History) سنة 1981.
تخيَّلْ أنك تعرضت لعملية جراحية، لعالِم شرير قرَّر أن يَفْصِلَ مُخَّك عن جسمك ويخزِّنه في وعاء طافٍ على سوائل مغذية لخلايا المخ وفيتامينات للحفاظ عليه. وتصوَّرْ أن أطراف الخلايا العصبية في مخك تتصل بكمبيوتر عملاق Super Computer يمد المخ بموجات كهربائية ونبضات إلكترونية مشابهة للموجات الطبيعية التي يفرزها جهازك العصبي في الأحوال الطبيعية.
الكمبيوتر العملاق وظيفته تكوين عالم افتراضي محاكٍ للواقع، يوهم مخك في الوعاء بأن كل شيء طبيعي في العالم الافتراضي مثل الواقع بالضبط.. فهناك ناس، وطرق، وتاريخ، ومشاعر، وأفكار! لكن في الحقيقة التجربة التي يعيشها مخك مجرد موجات إلكترونية الكمبيوتر يرسلها عن طريق الأعصاب الموصَّلة به!.
ضع يدك على رأسك، وانظر لنفسك في المرآة، السؤال: هل أنت فعلا نفسك؟ أم مخُّك فعلًا في رأسك؟ أم أنت مجرد «مخ في وعاء»؟
هل يمكنك أن تجزم بذلك؟ ولماذا؟!
لا خير في فكرة إن لم تكن في البدء جنونًا خالصًا، تصور عالمًا يجلس في القرن الرابع عشر وهو يشرح للمجتمعين، أن ثمة قنبلة قادرة على محو المدن، وأن الطائرات الأثقل من الهواء سيجري السفر عبرها بيسر، وأننا سنصعد إلى القمر، ونبني ناطحات سحاب، وتصل إلينا المياه في أنابيب، ونشاهد بثًّا تلفزيونيًّا طيلة اليوم، ونتواصل مع أي شخص في الكون متى شئنا.. ألن يبدو ذلك ضربًا من الجنون؟!
- أتقول إن فكرة كوننا جزءًا من آلة صحيحة؟!
* لم أقل ذلك؟!
- ألا تعرف أن ذلك يتعارض مع...
* لم أقل ذلك، فقف عند هذه المحطة!
- ماذا تريد أن تقول إذًا؟!
* أريد أن أقول: وسَّعوا أدمغتكم، وتقبلوا الطروحات الغريبة والشاذة، لا تؤمنوا بها، لا أطالبكم بذلك.. أنا نفسي أتخير وانتقى.. لكن دعوا عقولكم مفتوحة على تحمُّلها والسماع لها دون تخطئتها أو تصويبها، عَوِّدُوا أنفسكم أن لا تتعجبوا من غريب، وألا تنبهروا انبهارًا زائدًا بأي شيء، وأن تجعلوا مجال احتمالاتكم أوسع.
هكذا نتقبل آراءنا جميعًا، ونتعايش رغم الاختلاف الذي سيحدث لا محالة!!.
(ماشي)؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.