أهم ما كشفت عنه المحكمة الدستورية العليا فى تقريرها عن قانونى الانتخابات البرلمانية والحقوق السياسية، أن القائمين على صياغة الدستور والتشريعيين أقل بكثير من استحقاق لقب «ترزى قوانين» وربما هم أحق بلقب «صبية ترزى قوانين». لا يمكن أن يقوم مشرع أصيل على صياغة دستور وهو لا يعرف معنى ما صاغه أو إلى ماذا تؤشر المادة، فيحظر فى النص الدستورى على نواب البرلمانين الأخيرين قبل الثورة الترشح للبرلمان المقبل، ثم يأتى فى القانون لينص على أن الحظر يشتمل على «نواب أى من البرلمانين السابقين» فيمنح معنى مختلفاً للحظر، وتنبهه المحكمة العليا إلى أن النص الدستورى يحظر فقط من كان عضواً فى البرلمانين المتتاليين وهؤلاء عددهم أقل فى تأثيره من التكلفة المالية لصياغة المادة. لقد دخل د. جمال جبريل ود. رمضان بطيخ مجلس الشورى كونهما صانعى ألعاب الدستور والعارفين ببواطنه ومراميه والأقدر على صياغة التشريعات وفقاً لنصوصه، فجاءت النتائج مخيبة لكل ما قيل، ومؤكدة أن المستوى التشريعى منحدر جداً والصياغات والمفاهيم سطحية، وإلا ما أخرجت المحكمة العليا 12 نقطة غير دستورية بالقانون. المؤسف أن يعترف د. جبريل بتوقع إبطال ما يتعلق بالدوائر الانتخابية لكونها متعارضة مع المادة 113 من الدستور، وكأن غيره هو الذى أقرها وقام بإرسالها للمحكمة العليا، وهو ما يدعونا للتساؤل هل هناك مشرع يسن قانوناً ولا يعلم ضرورة مراجعته بالقوانين ذات الصلة، وهل فعلاً تمت صياغة التشريع دون مراجعته مع بقية التشريعات ذات الصلة؟ أو دون مراجعته مع الدستور؟ أم كان مطلوباً وأكرر مطلوباً من المشرعين الاستعجال فى سلق القانون وإحالته دون التأكد من صحته؟ الشاهد أن المحكمة الدستورية العليا لم تكشف وفقط سطحية وتخلف المستوى التشريعى، وإنما أماطت اللثام عن كل أهداف ومؤامرات جماعة الإخوان ومن لف لفها حين أبطلت المحكمة حق النائب فى تغيير انتمائه الحزبى بعد انتخابه، التى كانت الجماعة تأمل فى أن يعوضها ذلك بزيادة نوابها للأغلبية والانفراد بتشكيل الحكومة دون اللجوء للآخرين. وبتأكيد المحكمة على معانى عدم أداء الخدمة العسكرية فشلت مؤامرة منح حق الترشيح للمدانين فى قضايا عنف وقتل وإرهاب، بحجة أنهم لم يتمكنوا اضطراراً من أداء الخدمة العسكرية، كما فشلت مؤامرة منح المحكومين بقضايا تمس الشرف حق الترشح، حينما أكدت المحكمة العليا أن يتمتع المرشح بالجنسية المصرية ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية. مأزق مجلس الشورى الآن يتمثل فى الإجابة عن سؤال واضح هل ستعيدون إرسال التشريع بعد الانتهاء منه إلى المحكمة العليا بعد أن ظهرت كل تلك العيوب؟ أم ستتمسكون بحقكم الدستورى فى صياغته المرة الثانية وإقراره دون مراجعة؟ المأزق الثانى لرئاسة الجمهورية هل ستعلن دعوة الناخبين بنهاية هذا الشهر كما نص الدستور خلال 60 يوماً من إعلان نتيجة الاستفتاء؟ أم ستتعامل مع التوقيت باعتباره إرشادياً وليس إلزامياً؟ بالمناسبة الرئيس ومعاونوه رفضوا تأجيل الاستفتاء على الدستور بحجة أن التوقيتات الواردة فى الدستور إلزامية ويجب احترامها وإلا طرحنا الدستور للتصويت مجدداً!! على الهامش: أصبح عندنا دستور لكن عجلة الاستقرار لم تدر.. ده أسرع درس فى عيوب سلق الدساتير والقوانين..