احتفلت كوسوفو بمرور خمس سنوات على استقلالها عن صربيا، اليوم، في وقت تتحسن فيه العلاقات بين العدوين السابقين بفضل وساطة الاتحاد الأوروبي، لكن الدولة الفتية تواجه واقعا قاتما مع اقتصاد منكوب ومجتمع ينخره الفساد. وقالت رئيسة كوسوفو عاطفيتي جاهجاجا في رسالة متلفزة ان "جمهورية كوسوفو حقيقة لا يمكن دحضها"، كما جرى عرض عسكري لقوات الأمن الكوسوفية على وقع تصفيق الآلاف في إطار الاحتفالات التي أقيمت في وسط بريشتينا، التي ازدانت بأعلام كوسوفو والولاياتالمتحدة، أبرز حليف لها. وفي رسالة، بهذه المناسبة، شجع وزير الخارجية الأميركي جون كيري السلطات على العمل لبناء "مؤسسات ديموقراطية صلبة"، و"تعزيز دولة القانون ومسيرة كوسوفو نحو اندماج أوروبي". واعترف نحو مائة بلد بينها الولاياتالمتحدة وغالبية دول الاتحاد الأوروبي بدولة كوسوفو، التي أعلنت استقلالها عام 2008، بعد نحو تسع سنوات من عمليات قصف حلف شمال الأطلسي لصربيا في ربيع العام 1999. وأدت تلك الحملة العسكرية إلى إخراج القوات الصربية من هذا الإقليم، حيث كانت تقوم بعمليات قمع للمتمردين الانفصاليين من الكوسوفيين الألبان. ورغم أن صربيا لا تزال تعتبر كوسوفو إقليمها الجنوبي، فقد انتزعت اتفاقات عدة بين بلجراد وبريشتينا تحت ضغط بروكسل، التي تربط اي تقدم نحو دخولها إلى الاتحاد الأوروبي بتطبيع العلاقات الثنائية في إطار حوار بدأ في العام 2011. وتهدف هذه الاتفاقات إلى تحسين الحياة اليومية لسكان كوسوفو، المقدر عددهم بنحو 1.8 مليون نسمة، ويعانون من المعضلة الإدارية المتعلقة بوضع هذه المنطقة المثير للجدل، كسجل الأحوال الشخصية والسجل العقاري والجمارك. واتفق رئيسا الوزراء الصربي والكوسوفي، إيفيتشا داسيتش وهاشم تاجي، اللذان التقيان أربع مرات منذ أكتوبر برعاية وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، بين الأمور الأخرى على إدارة مشتركة للمراكز الحدودية بين صربيا وكوسوفو وتبادل "ضباط ارتباط" سيكون مقرهما قريبا لدى بعثتي الاتحاد الأوروبي في العاصمتين. لكن المسألة التي يعتبر حلها أكثر صعوبة وتعقيدا هي تلك المتعلقة بالدعم الذي تمنحه بلجراد للصرب في شمال كوسوفو، حيث يشكلون الغالبية، مع إبقاء مؤسساتها مثل المدارس والمحاكم في هذه المنطقة الخارجة عمليا عن سيطرة بريشتينا. وترغب صربيا في الحصول على استقلالية أوسع للصرب، البالغ عددهم 40 ألفا وأيضا بالنسبة ل 80 ألفا آخرين يقيمون في جيوب مختلفة في جنوب المنطقة. وعبر وزير الخارجية الكوسوفي أنور خوجا، في تصريح للإذاعة الألمانية السبت، عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى اتفاق بشأن تفكيك "المؤسسات الصربية الموازية" في أثناء المحادثات التي من المقرر مواصلتها قريبا في بروكسل. لكن جميع هذه الخطوات التي تم تحقيقها تحجبها الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها كوسوفو، حيث يعيش ثلث السكان بأقل من دولار واحد في اليوم، وحيث تطال البطالة 40% من السكان، ولا يتجاوز إجمالي دخل الفرد 3520 دولارا، مقابل 7610 دولارا في أوروبا، بحسب البنك الدولي. ويعتبر الفساد المتفشي في أوساط الطبقة السياسية من بواعث القلق الرئيسية لدى الاتحاد الأوروبي، وهو موضع انتقادات حادة داخل المجتمع.