لم يستبعد خبراء سياسيون وأمنيون تورُّط تنظيم الإخوان فى تصفية أدمن الصفحات الثورية المناهضة لهم، التى فضحت سياستهم القمعية، والاستبدادية خلال الشهور التى تمكّنوا فيها من السيطرة على مقاليد الأمور فى كل مؤسسات الدولة، وأجمع الخبراء على أن تاريخ الإخوان حافل بالاغتيالات السياسية. وقال اللواء حسام سويلم الخبير الأمنى والاستراتيجى، إن نهج التصفية الجسدية متجذر فى فكر الإخوان المسلمين، وإنهم يلجأون إليه حينما يشعرون بالخطر أو للحفاظ على المكاسب التى حققوها. وأضاف أن التصفية الجسدية وغيرها من وسائل الردع والترهيب التى استخدمها الإخوان على مدار ال80 عاماً، هى عمر التنظيم، وإن الإخوان صفّوا العشرات من خصومهم السياسيين الذين فشلوا فى إزاحتهم بالطرق السلمية، وإنهم لا يفرِّقون فى تنفيذ عمليات التصفية الجسدية مع خصومهم أياً كانت مواقعهم السياسية أو التنفيذية، موضحاً أن قائمة الاغتيالات السياسية التى نفّذها الجناح العسكرى بتنظيم الإخوان المسلمين، كانت بداية للأحداث الدامية التى عاشتها مصر، والتى بدأت بمقتل أحمد ماهر فى فبراير 1945، ثم وقع حادث اغتيال أحمد الخازندار وكيل محكمة استئناف مصر، فى نهاية مارس عام 1948، وقبل أن ينتهى العام نفسه قُتل «النقراشى» بعد صدور قراره بحل جماعة الإخوان وغلق مقراتها، كذلك اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق. ويتابع «سويلم»: «هناك العديد من محاولات الاغتيال الفاشلة التى اتُهم فيها تنظيم الإخوان، وشارك فيها بعض عناصرها، منها محاولة الاغتيال التى تعرّض لها النحاس باشا، وأيضاً محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر». ويوضح الخبير الأمنى أن أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين ينفذون كلام «سيد قطب» الذى أكد فيه أن المال، والدم، والعرض حلال من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، وهو ما فعله الإخوان قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة، بتهديدهم بأنهم سيشعلون مصر كلها إذا سقط الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات. ويتوقع «سويلم» أن يلجأ الإخوان خلال الفترة المقبلة إلى تنفيذ اغتيالات وتصفية جسدية، حتى يحافظ الإخوان على مناصبهم التى لن يتركوها بسهولة، وكذلك المناصب السياسية التى تمكنوا من الاستيلاء عليها بعد الثورة. ويرى اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى، أن سياسة الاغتيالات والعنف اللذين تشهدهما البلاد ومحاولات الاعتداء على الآخر بهدف الردع أو التخويف، لن تجدى فى قضاء طرف على الآخر، قائلاً: «لن يستطيع الإخوان تصفية المعارضة مهما تصاعد الصراع بينهم، وكذلك لن تستطيع المعارضة القضاء على الإخوان»، موضحاً أن هذه حقائق يؤكدها التاريخ ولا يمكن تجاهُلها، وأن الحل الوحيد لوقف نزيف الدم والتدمى الذى تشهده البلاد هو الحوار، وأن أى شى غير ذلك سيؤدى إلى كوارث، سواء فى تدمير الاقتصاد أو استمرار نزيف الدم. «له تاريخ من الاغتيالات»، بهذه الكلمات وصف الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية وعضو جبهة الإنقاذ، تنظيم الإخوان المسلمين، موضحاً أن الاغتيالات السياسية رافقت ظهور تنظيم الإخوان منذ نشأته عام 28، وأن جناح التنظيم العسكرى وميليشياته شاركوا فى تصفية معارضيهم، وأن عمليات التصفية الجسدية التى تورّط فيها الإخوان ليست سراً، وموثّقة فى الكتب، وأن الثوار علقوا لافتات فى ميدان التحرير، تروى هذا التاريخ الدموى الأسود -على حد تعبيره- تحت عنوان «تاريخ من الاغتيالات على يد الإخوان»، وتضم قائمة الأسماء التى تورّط الإخوان فى تصفيتها جسدياً. ويضيف زهران أن القتل ممنهج عند الإخوان مثل الاعتداء على المتظاهرين، موضحاً أن أحداث التحرُّش التى شهدها ميدان التحرير ممنهجة، تنفذها ميليشيات منظمة، خصوصاً أن الميدان منذ قيام الثورة وحتى وصول «مرسى» إلى الرئاسة لم يشهد أى وقائع تحرُّش، بهذه الصورة الفاجعة، موضحاً أن الهدف من ذلك هو تشويه الميدان، ومنع نساء مصر من نزول المظاهرات. وأعرب «زهران» عن اندهاشه قائلاً: «منذ اعتلاء (مرسى) كرسى الرئاسة وهو يتجاهل الإجابة عن عدة تساؤلات مهمة أو الكشف عن هوية مرتكبى الجرائم، خصوصاً أنه أصبح المسئول الأول فى مصر بعد رحيل المجلس العسكرى، من هذه التساؤلات التى ما زال يحيط بها الغموض، مَن الذى حرق أقسام الشرطة؟ ومَن نفّذ اقتحام السجون يوم 28 يناير؟ ولماذا لم يُعلن عن المتهم الحقيقى فى موقعة الجمل، ولماذا لم يُحاكَم قتلة الشهداء منذ قيام الثورة حتى الآن». وأضاف: «إذا لم يقدِّم رئيس الجمهورية إجابة عن هذه الأسئلة، ستكون دماء الشهداء فى رقبته، ويصبح النظام الإخوانى الحاكم متورط فى عملية القتل، لأن صمتهم يعنى التواطؤ معهم ومشاركتهم المسئولية الجنائية والقانونية، إضافة إلى أن النظام الحالى مسئول مسئولية كاملة عن مقتل 100 من الشباب المصرى خلال الفترة التى تولى فيها الرئيس مرسى المسئولية». ويتوقع «زهران» أن تشهد الفترة المقبلة تقليماً لأظافر الثورة من شبابها، حسب خطورتهم على الإخوان، ولذلك كانت البداية من أدمن الصفحات المناهضة لهم، مثل «جيكا» و«الجندى» و«كريستى»، مضيفاً أن عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية من أدبيات الإخوان، مؤكداً أن الإخوان لا يحترمون القانون، ولديهم أنانية سياسية مفرطة، ولا يفكرون إلا فى مصالحهم الشخصية، ومن الطبيعى جداً أن يتعاملوا مع خصومهم بهذا الأسلوب الدموى.