في يوم 28 يناير 2011، وفي ميدان التحرير، انطلقت أول تظاهرة مليونية تكونت من مسيرات من جميع انحاء القاهرة تحت مسمى "جمعة الغضب"، ساندتها مثيلاتها في مختلف محافظات مصر، على أثر دعوات أطلقت من أجل إسقاط النظام، عقب إدراك الجميع أن التجمع الشعبي الكبير في الميدان هو السبيل الوحيد للخلاص من جبروت مبارك. ومنذ ذلك اليوم، أصبحت المليونيات وسيلة تعبير لغالب المتظاهرين، حين يرغبون في المطالبة بشيء ما. وبين دعوات لمليونيات أصابها النجاح، عشرات المليونيات، التي لاقت الفشل، لأسباب مختلفة بين فرقة ومطالب غير واضحة، ونستعرض فيما يلي أهم تلك المليونيات. 8 أبريل 2011، جمعة "المحاكمة والتطهير": خرجت فيها الجموع تطالب بعزل الفلول، ونشب خلاف شديد في آخر اليوم، بين القوى الثورية والسلفيين، حيث رفض السلفيون الاعتصام في الميدان، بينما أصر عليه الشباب الثوري. وحدثت في هذه الجمعة، مشكلة تختص ببعض ضباط الجيش، الذين انضموا إلى صفوف المتظاهرين منشقين عن الجيش. 27 مايو 2011، جمعة "حنزل التحرير مش حاسس بالتغيير": هبط الآلاف إلى الميدان، بعد جمعة فاشلة كانت في 20 مايو، ولم يشارك الإخوان في هذه الجمعة. وكانت أهم مطالب الداعين للتظاهرات: تعديل بعض الوزرات ممن ينتمي وزراؤها للنظام السابق، وإقالة النائب العام، وتطهير القضاء. 3 يونيو 2011، جمعة "الدستور أولاً": شاركت بها مجموعة من الائتلافات والأحزاب المنتمية للثورة، لكن العدد لم يزد عن بضعة آلاف، وانتهت إلى دعاوى البعض بالتركيز على العمل والبعد عن التظاهرات التي لا طائل منها. 1 يوليو 2011، جمعة "القصاص": كان هو العنوان الأبرز لذلك اليوم، لاسيما أن اشتباكات كانت قد وقعت مع أهالي الشهداء عند مسرح البالون، ووقتذاك أعلن حزب الوفد، وجماعة الإخوان المسلمين عدم مشاركتهما في المليونية، بدعوى أن المليونيات المتعاقبة "غير فعالة". ومن مطالب هذه الجمعة، حد أدنى للأجور، وقصاص عاجل وسريع لأهالي الشهداء، لكن العدد كان هزيلاً. 8 يوليو 2011، جمعة "مصر أولا": بعد صراعات بين الانتخابات أولاً، والدستور أولاً، ومطالبات بتطهير جهاز الشرطة، وإلغاء الأمن الوطنى، وحل المجالس المحلية، ووضع حد أدنى للأجور. ورغم نجاح الجمعة في البداية، بمشاركة غالب الأطياف السياسية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن اعتصاما قد تقرر واستمر حتى جمعة 22 يوليو، لكن تيارات كثيرة على رأسها الإخوان المسلمين، رفضوا المشاركة بالاعتصام وبدأ فيها العدد والوحدة في حالة ذوبان. 29 يوليو 2011، جمعة "لم الشمل": أفضت النتيجة إلى تفريق الشمل، وأطلق عليها "جمعة قندهار"، حيث رفع الإسلاميون، الذين خرجوا في هذا اليوم، شعارات تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، وهو ما كان بعيدا عن المطلب الأساسي، وكان من لافتات ذلك اليوم "احكمونا بالشريعة الإسلامية.. احكمونا بالقرآن". 9 سبتمبر 2011، لم تحمل اسما مسبقا: بعد غياب لميدان التحرير طوال شهر الصوم، وفض الاعتصام الموجود في أول أيام رمضان، جاءت هذه الجمعة كانت مطالبها الأساسية: الإلغاء الفوري للمحاكمات العسكرية للمدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتنفيذ الحكم القضائي بوضع حدين أدنى وأقصى للأجور. وغاب الإخوان المسلمون عن هذه الجمعة، بدعوى أن المليونيات فقدت دورها. 30 ديسمبر 2011، جمعة "لم الشمل" كانت في الواقع جمعة للباعة الجائلين، إذ لم يوجد في الميدان سوى عشرات فقط، استجابوا إلى الدعوة بالنزول للميدان. وكان الغرض الأساسي من التظاهر سرعة تسليم السلطة للمدنيين بأقرب وقت. 25 يناير 2012، "الذكرى الأولى للثورة المصرية": بين ثوار نزلوا إلى ميدان التحرير من أجل استعادة مطالب الثورة، وتيارات إسلامية نزلت من أجل الاحتفال بالذكرى الأولى، تم الاصطدام، ولم يفض اليوم إلى شيء، على الرغم من أن اعتصاماً كان مفترضاً بدؤه، لكن بعدها خيمت أجواء من الهدوء على الميدان لفترة. 9 مارس 2012، جمعة "فرض الإرادة": كانت دعوة قد انطلقت، للاعتصام أمام وزارة الدفاع، من أجل إسقاط المجلس العسكري، وجاء يوم الدعوة موافقاً لما حدث في عام 2011، من حوادث كشف عذرية للفتيات، حين تم فض الاعتصام بالقوة. ولم تؤد هذه الدعوة إلى شيء. 13 أبريل 2012، جمعة "حماية الثورة": كان العنوان الذي من أجله هبطت التيارات الإسلامية، وشارك في هذه الجمعة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، كما شاركت الجماعة الإسلامية، لكن التوافق لم يحدث، إذ إن بقية القوى الثورية لم توافق على الدعوة لهذه المليونية، ولم تشارك بوجودها. 20 أبريل 2012، جمعة "تقرير المصير": دعت 6 أبريل، وبقية القوى الثورية التي لم توافق على المشاركة مع الإخوان في الجمعة السابقة، إلى هذه الجمعة، وكان العدد باهتا في ذلك اليوم، ولم يشارك أي فصيل ينتمي إلى التيار الإسلامي. 27 أبريل 2012، جمعة "حماية الثورة": مرة أخرى تدعو جماعة الإخوان المسلمين إلى مليونية بالاسم نفسه، بعد صدام وقع بينهم وبين المجلس العسكري، على خلفية عدم الاستجابة لمطالب برلمان الإخوان، ورفضت الائتلافات والجهات الثورية المشاركة، في وقائع هذا اليوم قائلين، إنهم لن ينجروا إلى استدراجات الإخوان لمطالبهم الخاصة. 4 مايو 2012، أسماء عديدة أطلقت عليها، فبين "حقن الدماء" و"الحفاظ على الثورة" و"الخلاص": انتقلت بين التظاهر في العباسية وميدان التحرير. ولم ترتق المليونية إلى العدد المأمول. ومرت في هدوء كأن لم تكن.