يظل الستر ومنذ قديم الأزل هو حلم المصرى وأمنيته المنشودة. حينما تسأله «نفسك فى إيه؟» يجيبك ببساطة متناهية وبلا تردد حتى لو لم يكن يملك من حطام الدنيا سوى رغيف عيش حاف: «الستر والصحة». ولا يقتصر الستر المنشود لدى المصرى على الدنيا، بل يمتد إلى الآخرة أيضاً، فيطلب أن يستره الله يوم العرض عليه. وهكذا يبقى الستر مبتغاه دنيا وآخرة. ومن هنا كان حق عم حمادة صابر الذى سحلته الداخلية وعرّته من ملابسه أمام قصر الاتحادية أن يبكى وهو فى طريقه إلى المستشفى فى سيارة الأمن، لا لأنه فقد حقه المكفول له وفقاً لدستور ساقط، ينص على الحفاظ على كرامته وحياته وعدم ازدرائه بأى شكل من الأشكال، لا.. بل بكى لأنه فقد الستر الذى تربى على أنه غاية المُنى والمراد من رب العباد. تعرّى أمام مخلوقات فقدت الرحمة والنخوة وباتت سوطاً فى يد جلاد لا يعرف معانى الرجولة والكرامة وخشية الله. وحتى لا يبدأ الأفاضل من الجماعة المحظورة قانوناً، ومؤيدوها من السائرين خلفها نياماً، حملة الهجوم من قبل أن يقرأوا أو يعوا كالعادة، أقول إن حديثى ليس دفاعاً عن مواطن قد يكون شارك بالهجوم على «الاتحادية» كما أعلنوا، لكننى فقط أدافع عن حقه فى أن يُعامل معاملة كريمة حتى لو كان متهماً قُبض عليه متلبساً بجُرم.. هكذا يقول الدستور «الساقط» الذى سارعتم بكتابته وإقراره وإعلانه علينا دستوراً للبلاد. هكذا يقول دستوركم يا سادة يا من تتحدثون عنه ليل نهار، باعتباره أروع ما كُتب من دساتير تحمى الحريات والحقوق الإنسانية لأى مواطن أياً كان دينه أو فكره، ولا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه. هكذا يقول دستوركم الذى أقسم تابعكم فى «الرئاسة» والمُسمى «رئيس»، بالحفاظ عليه وأقسم على أن يرعى مصالح الشعب وفقاً له، وأن يتخذ كل الإجراءات اللازمة لحمايته والدفاع عنه وعن وطنه ويكفيه شر الفوضى، ولكنه لم يفعل ولن يفعل، ولذا فقدَ تابعكم، المحسوب علينا رئيساً، ظله وستره وسقطت شرعيته التى تدافعون عنها. بينما هو يحتمى بأموال قطر ويستعين بخبرة الحرس الثورى فى إيران، ويواصل غيّه بدعم أمريكى يخطط منذ سنوات لتلك الحالة فى مصر. فاهنأ أيها الرئيس التابع بما يجرى، نم قرير العين واترك ما يحدث خلف ظهرك، صلِّ فرضك على دماء المصريين المسفوك كل يوم، قُل ما يملونه عليك وأعلن ما شئت، فقد بات وجودك مثل عدمه، طالب بنبذ العنف المُمَارس وتناسى أنك من بدأته. ولكن اعلم أيها التابع أنك أنت الذى فقدت الستر لا عم حمادة، سقطت عنك كل أوراق التوت التى يمكن أن توارى بها سوءاتك وذنوبك وعارك أنت ومن تتبعهم. فقدت ظلك وهيبتك ووجودك. بات بيننا وبينك دم وثأر وحق لن يضيع حتى لو رفعت كل أصابع يدك وهددتنا بما لديك من قوة غاشمة تحتمى خلفها. أما أنت يا عم حمادة، فلا تبتئس، فلم تفقد سترك، فقد غطتك عيون المصريين وسترت جسدك العارى وهى تدعو الله وتتضرع له أن ينتقم ممن فعل بك فعلته تلك. لا تحزن يا عم حمادة فقد عريت بجسدك المسحول الجالسين فى مكاتبهم يتحدثون عن نبذ العنف، والمجتمعين فى المكاتب يفكرون فيما سيفعلون، والمتحلقين أمام الميكروفونات والكاميرات يعلنون رفض الحوار واستمرار النضال فى مقار أحزابهم. واعلم أنهم نخبة باهتة ضعيفة لا تعرف من النضال سوى اسمه. لا تحزن يا أخى المواطن الكريم ولا تظن أن الستر فارقك وذهب وقد أخذ معه كرامتك. لقد عرّيتهم جميعاً يا عم حمادة وأفقدتهم الستر الذى عشت تبتغيه.