أ. د. عزالدين الدنشارى، أستاذ الفارماكولوجى والسموم بكلية الصيدلة جامعة القاهرة يعتبر الأسبرين من أقدم الأدوية المصنعة وأشهرها وأكثرها استعمالاً على مستوى العالم، حيث دلت الإحصاءات على أن عشرات الملايين من المرضى يستخدمون الأسبرين لعلاج الألم والحمى والتهابات المفاصل، كما بينت المتابعات الصيدلية أن قرابة ثلثين من مبيعات الأسبرين فى إنجلترا تستخدم فى الوقاية من أمراض القلب والشرايين، وتمتد جذور شجرة الأسبرين إلى عصر قدماء المصريين؛ حيث أوضحت البرديات التى اكتشفت فى الأقصر عام 1862 أن الفراعنة كانوا يستخدمون أوراق ولحاء شجرة الصفصاف فى تسكين الآلام وذلك منذ 1550 سنة قبل الميلاد، ولقد انتقل هذا التراث الطبى إلى روما، حيث أوصى أبوالطب (أبقراط) باستخدام أوراق ولحاء شجرة الصفصاف لتسكين الآلام وعلاج التهابات المفاصل والنقرس، وفى العصر اليونانى استخدم منقوع أوراق الصفصاف ولحائه فى علاج النقرس وتسكين آلام الأذن وآلام الدورة الشهرية. وعبر العصور الوسطى استخدمت مستحضرات من نبات الصفصاف فى علاج الروماتيزم وآلام الدورة الشهرية والصداع النصفى، وخلال القرن التاسع عشر استخدمت مستحضرات من شجرة الصفصاف فى علاج الحمى والحمى الروماتيزمية والألم والروماتويد والنقرس فى بعض من الدول الأوروبية، وفى بداية القرن التاسع عشر وبداية منتصف هذا القرن تمكن بعض الباحثين فى ألمانيا من فصل مادتين من نبات الصفصاف وهما حمض الساليسليك ومادة ساليسين، حيث مهد هذا الكشف لتصنيع المادة الفعالة فى الأسبرين وهى أسيتايل حمض الساليسليك. وفى يونية 1899 كانت بداية طرح مستحضرات الأسبرين فى أسواق الدواء، ولقد اشتق اسم الأسبرين من شجرة أسبيرا التى تنمو فى ألمانيا وهى تشبه شجرة الصفصاف الفرعونية من حيث احتوائها على ذات العناصر الفعالة. ويعتبر الأسبرين من أوائل الأدوية المصنعة التى استخدمت فى علاج الألم والحمى والتهابات المفاصل والأمراض الروماتيزمية والروماتويد، ولما كان علاج بعض هذه الأمراض يتطلب تناول جرعات كبيرة من الأسبرين ولمدة طويلة، فإنه كان يسبب متاعب وآلاماً فى المعدة واحتمال إصابة المعدة بالقرحة أو النزف وبخاصة فى الأفراد الذين يتناولون المشروبات الكحولية، ولتقليل هذه الأعراض الجانبية استحدثت مستحضرات من الأسبرين تحتوى على مضادات الحموضة، وفى أربعينات القرن الماضى أجريت بحوث للكشف عن تأثير الأسبرين ضد تكوين الجلطة تمهيداً لاستخدامه فى علاج أمراض الجلطة والشريان التاجى والوقاية منها. ولقد دلت بعض البحوث أن الأسبرين يحدث تغيرات فى نشاط ميكروب الدرن، وكان هذا الاكتشاف سبباً فى استحداث أحد الأدوية المستخدمة فى علاج مرض السل وهو دواء بارا امينوساليسليك أسيد وهو من مجموعة الساليسلات التى ينتمى إليها الأسبرين. ولقد كان الأسبرين -سليل شجرة الصفصاف الفرعونية- سبباً فى حصول السيرجون فان على جائزة نوبل فى سبعينات القرن الماضى حيث اكتشف آلية مفعول الأسبرين كمضاد للألم والحمى والالتهابات. ويتميز الأسبرين وغيره من مسكنات الألم المضادة للالتهابات عن المسكنات الأفيونية فى أنه لا يسبب حدوث الإدمان لمن يتناوله، ومن أعراض الأسبرين الجانبية أنه قد يسبب حدوث إصابات فى المعدة إذا استخدم لمدة طويلة وبخاصة فى المرضى الذين يتعاطون المشروبات الكحولية، ولتقليل فرصة الإصابة بمتاعب المعدة ينصح الطبيب بتناول الأسبرين والأدوية المشابهة له بعد الأكل، وقد يمثل تعاطى هذه الأدوية خطراً على مرضى قرحة المعدة وقرحة الإثنى عشر، وربما يشكل تناول الأسبرين وشبيهاته خطراً على الحوامل والأجنة، حيث دلت بعض الدراسات على أنه قد يسبب الإجهاض والنزف وإطالة مدة الحمل والولادة، وقد يؤدى إلى ولادة أطفال ناقصى الوزن وأطفال مصابين بفقر الدم.