"هل سيقدم الإخوان المسلمون مرشحا للرئاسة إذا مات مبارك غدا؟ لا.. لأن مجتمعنا ليس مستعدا للدفاع عما يستحقه، فإذا استعجلنا الأمور لا أعتقد أن يؤدي ذلك إلى استقرار حقيقي".. كان ذلك رد الرئيس مرسي على سؤال الباحث الأمريكي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "إريك تراجر" في لقائه معه منذ عامين. وفي مقال مطول نشره الباحث الأمريكي على موقع "مركز أبحاث فورين بوليسي" أشار إلى أن جماعة الإخوان شاركت في الانتخابات وفازت بالسلطة بسبب استعدادهم للقتال عند الخسارة، فهي لم تكن تنوي الالتزام بالديمقراطية عند الخسارة، وأشار "تراجر" إلى أن الإخوان انتقلت من كونها جماعة محظورة حتى أصبحت الحزب الحاكم، بسبب ثلاثة عوامل: أولا، التزام الأعضاء، ثانيا، القاعدة الشعبية الشبيهة بالميليشيات، ثالثا، القيادة المركزية التي توزع أعضاءها على الهيئات والنقابات التي يفوز فيها الإخوان. وأضاف "تراجر" أن الإخوان يزعمون الفصل بين مكتب الإرشاد والحزب والرئاسة، لكنه عندما سأل قياديا إخوانيا "هل تعتقد أن الرئيس مرسي سيلتقي نتنياهو؟" فأجاب: "لا تسألني فأنا لا أعمل في الرئاسة، ولكن عند سؤاله عن موقفه إذا حدث ذلك أجاب "سندعو إلى إضرابات عمالية وسينضم إلينا كل المصريين"، "وأكد "تريجر" أن هذه الكيانات ليست منفصلة، فجماعة الإخوان المسلمين تمتلك سبل كبح جماح مرسي إذا فعل شيئا لا يرضون عنه. وأوضح الباحث، أن قدرة الإخوان التنظيمية هي عامل آخر يجعلها بعيدة عن الوسطية، فإذا كنت أنت القوة السياسية الوحيدة المنظمة الموجودة على الساحة حاليا، وإذا كنت تفوز في الانتخابات بسبب قدرتك التنظيمية هذه، فلماذا سوف تتنازل عن أي شيء من أيديولوجياتك؟ طالما أن جماعة الإخوان المسلمين القوة السياسية الواحدة المنظمة في مصر فبكل بساطة لن يكون لديها أي دافع للتنازل، وأضاف الباحث أن هناك تداخلا كبيرا عند الإخوان بين المفاهيم، فمكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة والرئاسة متداخلين وبهم نفس الأعضاء ومعظم أعضاء مكتب الإرشاد هم أعضاء في مجلس الشورى. وأكد "تراجر" أن قرارات مكتب الإرشاد ملزمة لجميع أعضاء الإخوان فإذا كان كل هؤلاء يجتمعون وراء أبواب مغلقة ويتوصلون لقرارات هامة ورئيسية، فهذا يعني أن مجلس الشورى يمثل المحرك الرئيسي لتحركات الإخوان في البرلمان، كما أن الإخوان سبق واستخدموا نظرية "التنظيم الهرمي" لحشد الناس في ميدان التحرير قبل إعلان نتائج انتخابات حيث وجه الإخوان "الناس عن طريق مسؤولين إداريين يتلقون الأوامر من مكتب الإرشاد بشأن ما ينبغي أن يفعلوه أو يقولوه"، وأصر الكاتب على أن قدرة الإخوان التنظيمية هي عامل آخر يجعلها بعيدة عن الوسطية، فإذا كنت أنت القوة السياسية الوحيدة المنظمة الموجودة على الساحة حاليا، وتفوز في الانتخابات بسبب قدرتك التنظيمية، فلماذا تتنازل عن أي شيء من أيديولوجياتك؟. وتابع "تراجر" أن الولاياتالمتحدة يجب أن تغير من الطريقة التي تتحدث بها عن مصر موضحا أن الإدارة الأمريكية وصفت كثيرا جماعة الإخوان بال «ديمقراطية» رغم أنها جماعة ترغب في تأسيس دولة دينية، وقال "تريجر" إن واشنطن يجب أن تدعم أكثر أجل حقوق الأقليات، فالمسيحيين في مصر يشعرون بأنهم مهمشون، في ظل استمرار سلسلة الاعتداءات على الكنائس ودهس مدرعات الجيش لمعتصمين أقباط قتل خلاله 25 شخصا ولم تحرك واشنطن ساكنا. واستطرد "تراجر" أن سيناء هي المشكلة بالنسبة الولاياتالمتحدة، فصعود الإخوان والسلفيين في مصر يحتم على الإدارة الأمريكية محاولة الحد من الأيدولوجية الدينية المعادية لها وبخاصة في سيناء التي من المرجح أن يحدث فيها بعض الأزمات، حيث تم تحييد بعض القبائل البدوية لصالح الجهاديين، وسيكون مصدر القلق هو تحول سيناء إلى قاعدة جهادية لضرب إسرائيل، ورسم الباحث الأمريكي سيناريو مفزع تخيل فيه ضرب إسرائيل من عمق سيناء، ورد إسرائيل ومن ثم مقتل مواطنين مصريين بطريق الخطأ، وربما يلي ذلك هجوم على السفارة الإسرائيلية وإلغاء اتفاقات كامب ديفيد، وأشار إلى أنه تلقى تأكيدات من الإخوان عدة مرات أنهم - في ظل ظروف كهذه- لن يسعون لتهدئة الشارع وإنما للتخلص من معاهدة السلام، ولذلك تعمل الإدارة الأمريكية على الحد من هذا النوع من الأزمات وتعزيز قنوات اتصال بين الإخوان وإسرائيل تسمح لهم بنزع فتيل أي أزمة قبل حدوثها.