البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية اليونان    صعود جماعى لمؤشرات البورصة بجلسة الأحد بتداولات 4.3 مليار جنيه    انقطاع المياه غدا عن بعض قرى مركز الواسطى ببنى سويف    نائب رئيس جامعة عين شمس تستقبل وفدا من إكستر البريطانية لبحث سبل التعاون    الطيران الحربى الإسرائيلى يواصل شن غاراته المعادية على قرى وبلدات جنوبى لبنان    أمين "حماة الوطن": موقف مصر تجاة القضايا العربية ثابت وراسخ ولا يتغير    ارتفاع حصيلة الشهداء فى قطاع غزة إلى 41.595 منذ بدء العدوان الإسرائيلى    جوميز ومعاونوه يغادرون القاهرة بعد تتويج الزمالك بالسوبر الأفريقي    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر 7 أكتوبر استعدادا لمباراتي موريتانيا    تقرير بريطاني: صندوق الاستثمار السعودي يجهز عرضا فلكيا لضم صلاح    الحبس 6 أشهر وغرامة 50 ألف لصديقين بتهمة تعاطى المخدرات فى بنى سويف    غدا.. طقس حار واضطراب الملاحة بالبحر المتوسط والعظمى بالقاهرة 32 درجة    قوافل للأحوال المدنية لتسهيل الحصول على الخدمات الشرطية بالمحافظات    عرض فيلم "آخر المعجزات" للمخرج عبد الوهاب شوقي في افتتاح مهرجان الجونة    أفلام وثائقية طويلة تتسابق على جوائز مهرجان الجونة السينمائى    عادل السنهوري ل شريف مدكور: عبقرية سيد درويش أن ألحانه تعيش منذ 100 عام    زيارة مفاجئة.. "الطب الوقائى" يتفقد إداراتى بلقاس وجمصة    اليوم العالمي للقلب 2024 .. إطلاق حملة من أجل صحة القلب والأوعية الدموية    انتخابات اللجان الأربعاء.. ننشر تفاصيل أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب    "التضامن للتمويل الأصغر" توقع عقدًا مع البنك الزراعي ب 100 مليون جنيه    إسناد ملف المتطوعين للتحالف الوطني بالمنتدى الحضري يكشف محورية دوره    «تورم وإشاعة جديدة».. تطورات إصابة محمد هاني وموقفه من تدريبات الأهلي (خاص)    الرقابة المالية تنتهي من برنامج لتطوير قدرات كوادر أردنية    الإسكان: بدء طرح كراسات شروط حجز 1645 وحدة ب8 مدن جديدة    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي في إدارة الزرقا    مصرع مسن في حادث سير بسوهاج    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    دستور المواطن المرفوض    إعلام إسرائيلى: السلطات اللبنانية تنتشل جثمان حسن نصر الله من تحت الدمار    انطلاق فعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية وملتقى "أفلام المحاولة" بقصر السينما وفعاليات مكثفة بمبادرة "بداية"    بعد واقعة اكتشاف سحر مؤمن زكريا داخل المقابر.. ما رأي الدين في السحر والسحرة؟    بعد أحداث لبنان.. المصريين الأحرار: مصر داعية دومًا لسلام واستقرار المنطقة    ميقاتي: يجب وقف إطلاق النار على جميع الجبهات ومن ضمنها غزة حتى نتمكن من تطبيق القرار 1701    هل اقترب موعد العمل العسكري؟.. تصريح قوي من وزير الخارجية بشأن سد النهضة    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في منشأة عبد الله بالفيوم    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    4 أطعمة تقلل من الإصابة بسرطان الأمعاء    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    أخبار الأهلي: جهات التحقيق تدخلت.. شوبير يكشف تطورات جديدة بشأن سحر مؤمن زكريا    خلال شهر سبتمبر.. تحرير 72 محضرا خلال حملات تموينية وبيطرية بالغربية    تحرير 1675 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    الأول من أكتوبر.. عرض حصري لمسلسل أزمة منتصف العمر على mbc مصر    موعد مباراة ديربي مدريد بين الريال و أتلتيكو في الدوري الإسباني    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    الإحصاء: 266 ألف حالة طلاق في 2023    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    طارق سامي حكما لمباراة أوكرانيا وفنزويلا فى ربع نهائي مونديال الصالات.. اليوم    إعادة تشغيل صيدلية عيادة السلام بالتأمين الصحى فى بنى سويف    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    "الجارديان" تسلط الضوء على تحذير لافروف للغرب ألا يتورطوا في حرب مع "قوة نووية"    اللواء هاني أبو المكارم: تخريج 48 طالبا فلسطينيا ضمن دفعة 2024 بنسبة نجاح 99.1%    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    إجابات علي جمعة على أسئلة الأطفال الصعبة.. «فين ربنا؟»    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 07 - 05 - 2016

شفت بعيني ماحدش قالي.. ظللت أراقبه في صمت، وكنت قد أوقفت "ميكروباص" للذهاب إلى مكان عملي ذات صباح، ذلك الرجل الذي تصادف جلوسي خلفه على أحد كراسي العربة، بحيث أرى توجهات رأسه وإلام تتجه نظراته بالتحديد بالتأكيد دون تعمد مني بالطبع لمراقبته في ذلك.
لحظة اندهاش وصمت مشوبة بصدمة وقتية أصابتني في أثناء مرور الميكروباص من أمام أحد محال الملابس الذي كانت به جميع "مانيكانات" المحل مجردة من كل ما "يستر" هذا الكائن البلاستيكي، في إجراء طبيعي يكلف به أصحاب المحال العاملات والعاملين بالمحل للتجديد والتنويع في الملابس المعروضة.
ويمر الميكروباص من أمام المحل، على الفور تتجه أعين ذلك الرجل إلى "مانيكانات" المحل" "العاريات" يرمقهن في لحظة عابرة لا تتعدى ثوانٍ معدودة هي مدة مرور الميكروباص من أمام المحل، صدفة تلمحه عيناي في دهشة واستنكار ليتفجر بعدها في رأسي، وينهمر سيل متدفق من الأسئلة: لماذا؟، لماذا نظر الرجل لهذه المانيكانات؟.. هذه "التماثيل" التي لا دماء لها ولا روح، وبماذا شعر؟، هل أشبعت عنده نقصًا ما، حرمانًا ما، رغبة ما، أو كبتًا جنسيًّا ما؟، وهل هذه النظرة على صغر حجم الموقف - إذا ما قسناه بالمدة الزمنية وليس المعنوية - يحمل في طياته وينبه إلى قضية مجتمعية أخطر وأعمق وهي أن يكون هذا الفعل تجسيدًا واختزالًا لنظرة الرجل للمرأة في مجتمعنا، وخاصة في المجتمعات العربية بشكل عام.. الذي يرى فيها جسدًا بلا روح أو عقل، ومخلوقًا وجد لمجرد المتعة والخدمة والإنجاب والسمع والطاعة؟.. هكذا أخذني الموقف بعيدًا في أقل من خمس دقائق.
للدرجة دي الحرمان وصل للمانيكان؟.. مما لا شك فيه أن البعض في المجتمعات العربية ومجتمعنا بوجه أخص يعانون من حرمان حقيقي، وهو ما يتجسد في ممارسات شاذة غير أخلاقية نلمسها يوميًّا في حياتنا اليومية وبالأحرى المرأة، أبرزها التحرش والاغتصاب وزنا المحارم، ولعل أحدث واقعة تداولتها المواقع الإخبارية وما زالت أصداؤها تتردد إلى الآن، واقعة التحرش بإعلامية إيرانية شهيرة والتي وصفتها بمرارة قائلة: "عيونهم كانت تخترق جسدي"، رغم أنها التزمت بزي "صارم" فرضته القناة "الإيرانية" عليها قبل بدء العمل معهم، إلا أن هذا لم يجعلها في مأمن بعيدًا عن ذئبين يعملان بالقناة حاولا التحرش بها.
نعود لحديثنا مرة أخرى، هذا بالطبع غير المعاكسات اللفظية التي تتعرض لها أي مرأة أو فتاة بشكل يومي يصل بعضها للتلفظ بألفاظ بذيئة خادشة للحياء، وصولًا للنظرات الجارحة لجسد المرأة في الشارع أو الأماكن العامة أو حتى داخل أروقة العمل، وماحدش يقولي هي اللي بتجيبوا لنفسها - اتلهوا - المنقبة لم تسلم، المحجبة لم تسلم، من تطلق شعرها لم تسلم، وللأسف أحيانًا البنات الصغيرات لا يسلمن.. حتى المانيكان لم تسلم من تلك النظرات المريضة، حجّبوهم بقى أيها "المبرراتية"! ما علينا.
أخذ بي عقلي لعقد مقارنة بين زمننا هذا وما مضى من أزمنة لم تكن بها كل هذه العقد والكلاكيع، قد ترسبت داخل الكثير منا، نعم هناك ضغوط ومن ينكرها فلا يفقه شيئًا، الضغوط المادية والاقتصادية وظروف المعيشة ومغالاة الأسر في طلبات الزواج والانغلاق والكبت، كلها أسباب ساهمت في تفشي بعض هذه الممارسات المريضة، ولكن علينا أيضًا ألا تكون هذه الشماعة التي دائمًا ما نعلق عليها أخطاءنا، وإلا أبحنا للسارق أن يستولي على أموال لا يستحقها بدافع الفقر والعازة، فكل نفس بما كسبت رهينة، والله عز وجل منحنا إرادة وخلق لنا عقلًا يميز جيدًا كل ما هو خاطئ، هذا إذا وجد الوازع الديني والأخلاقي من الأساس.
القضية لا تتعلق بملبس وإن كنا لا ننفى على الإطلاق بعض "الأفورة" في أداء بعض الفتيات، إلا أن هذا أيضًا لا يبيح للرجل أن يطلق العنان لشهواته وكأنه مسلوب الإرادة والعقل، وكأن الله لم يميزه عن أي دابة.
ولكن ما يحزنني بالفعل أن الدنيا كانت بسيطة جدًا، لم تكن تكونت كل هذه العقد بعد، هذه الأيام الجميلة التي يحكي أباؤنا وأمهاتنا عنها، أيام الميني جيب وإطلاق الشعر على عواهله دون إيذاء أو تجريح، أيام رقصة ال"تويست"، ولا أعلم لماذا انتباني هذا الشعور بالتحديد حينما كنت أشاهد صدفة فيلم "الحقيقة العارية" لماجدة وإيهاب نافع، وفي حفل راقص بالفيلم داخل أحد اليخوت أخذ كل رجل امرأة أمامه ليتبادلا الرقص سويًا على أنغام الموسيقى في أريحية وانسجام تام دون أن تشعر حينها أنها فريسة له أو يشعر هو بأن شيئًا ما "أوفر" يحدث.
هذه الرقصة تقريبًا لم يخل منها أي فيلم عربي قديم، وتساءلت حينها في شيء من الاستغراب لماذا اختفت الآن؟، وهمست لنفسي ساخرة: "من ساعة ما بطل المصريين يرقصوا الرقصة دي اتكلكعنا، فتفتكروا الحل ممكن يكون في الرقص إذا كان سيجعلنا أكثر بساطة وأقل عقدًا و"كلكعة"؟، وإذا ما طرحنا حلًا خياليًا فانتازيًا بعيدًا عن الحلول النظرية التي تلوكها الأفواه يومًا بعد يوم في الفضائيات والصحف ومن خلال تصريحات المسؤولين عن ضرورة اعتدال البنت في ملابسها وإفراغ طاقات الشباب في عمل مفيد وإيجاد حلول لمشاكل الإسكان والغلاء والنصائح الراكدة بالتساهل في أمور الزواج، إلخ إلخ، طب وليه لأ مش جايز؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.