من الواضح أن صواعق تفجير المواقف واستمرار التوتر وخلق الأزمات واستمرار الصراع بهذا المستوى العالى من الجودة ستقود حتماً إلى اتساع دائرة العنف والفوضى والدمار المهلك للدولة بصورة متزايدة ومحزنة وقاسية؛ فلقد أصبحنا الآن على يقين بأن ثورات الربيع العربى مشكوك فى أمرها وأنها حقاً ابنة سفاح، كما يقول البعض، شارك فى تلقيحها أكثر من أب.. منظومة دولية تشكلت من أمريكا وإسرائيل وفرنسا وجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وباركها الراعى الفاسد الأكبر أوباما بتمويل نفطى طاش على سطح براميله شيخ قطر وزوجته المصون موزة بعد أن زحلقتنا بقشرها.. وانقلب الربيع العربى إلى شتاء قارس البرودة تهب زوابعه المدمرة من التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المهيمنة التى خرجت بفضل الربيع العربى من الظلمات إلى النور.. ولا أخفى عليك أيها القارئ العزيز أنه لا يوجد حولنا أى بشارات تدخل الطمأنينة إلى قلوب المصريين؛ لأن كل ما حولنا أصبح مزعجا وبائسا؛ فالوضع يدعو إلى اليأس رغم كل ما يقال من أن مثل هذا أمر طبيعى فى حياة الأمم وبعد الثورات، لكننا أمام أزمة ليست ككل الأزمات الطارئة وإنما هى أزمة تخص الهاوية المصرية ومستقبل الدولة؛ فمصر الآن مدفوعة إلى العنف الدموى والحرب الطائفية المهلكة التى ستمتد إلى سنوات طويلة، ولا أتصور أن ما يحدث الآن فى مصر كان غير متوقَّع، بل كانت الشواهد قائمة وتنبئ وتحذر إلى أن وجدنا أنفسنا أمام وضع قابل للتفجير.. ومفتاح الموقف، رغم سواده وشدة تأزمه، لا يزال فى يد الشعب المصرى إذا تدارك، وبسرعة، خطورة ما يحدث وأشعل ثورة جديدة حاسمة للتصحيح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. والواضح أن الشعب المصرى يعانى فائضا فى الفكر النظرى إلى حد أن الناس لا يجدون وقتاً للعمل من كثرة انشغالهم بالتنظير.. فلندع التنظير جانباً ونبدأ بالعمل.. لقد شبعنا تنظيرا، والسياسيون وأهل الفكر تركوا الميدان وأصبحوا نجوما فى برامج ال«توك شو».. استعراض كلامى مذهل وبدلات و«كرافتات».. ينبغى أن يُحسم الأمر سريعاً؛ فمصر العظيمة فى مهب الريح.. نريد إصلاحا وطنيا شاملا بطريقة سلمية حضارية بعيدة عن العنف والتطرف وبعيدة عن إحلال الفوضى واختلال الأمن ومن دون دماء وأشلاء وإحداث انقسام مجتمعى وشرخ وطنى؛ فنحن جميعاً معنيون بتقليل منسوب التوتر ومعنيون أيضا بالإقدام على خطوات حكيمة بعيدة عن التهور والانفعال تسهم فى إيجاد جو سياسى صحى مفعم بالروح الوطنية والانتماء العميق لهذا الوطن. نحن جميعاً يجب أن نلتزم بسلامة الوطن ومواطنيه، سواء كانوا إخوانا أو سلفية أو معارضة أو حتى فلولا، فمن الأعراف المستقرة أنه لا يفرط بحياة أى مواطن مصرى مهما كان معارضا.. نحن فى حاجة إلى هزة عنيفة وصرخة مدوية لعلها تفلح فى إيقاظ العقول المخدرة من جميع أطراف الشعب المصرى ودون استثناء.. لا بد من الحفاظ على الوطن وكبح سيل الدم المصرى بأى حال.. لا بد من إيقاظ الهمم النائمة والإرادة المكبلة قبل الانزلاق نحو الهاوية، أيها المصريون.. أفيقوا، فنحن على أبواب النفق المظلم والجوع قادم والموت سيكون حتمياً لا اختبارياً إذا لم ندرك الأمر ونبدأ فى إنقاذ الوطن من التهلكة.. ونحن فى حاجة ماسة إلى حماية أبنائنا وأجيالنا القادمة من وباء الحقد الذى يفتك بالقلوب ويغلق نوافذ العقل ويلوث البيئة الفكرية والسياسية ويؤدى إلى وجود كائنات مريضة تنشر الحقد الأسود، ويلطخ الأشياء الجميلة ويودى بمنجزات الوطن ويحجب شمس المعرفة بضباب الجهل وغبار الضغينة وسوء الطبع.