شهدت فترة انعقاد مجلس النواب، منذ 10 يناير الماضى، اشتعال عدد من المعارك الساخنة بين البرلمان والحكومة، كان أبرزها «قانون الخدمة المدنية» و«البيانات العاجلة ضد الوزارات»، و«الدولار» و«الموازنة العامة للدولة»، إضافة إلى المطالبة بإقالة عدد من الوزراء قبل إجراء التعديل الوزارى الأخير، والانتقادات الموجهة ضد «برنامج الحكومة» المقرر أن ينتهى النقاش البرلمانى حوله الثلاثاء فى نهاية المائة يوم الأولى للبرلمان الحالى. ويعتبر قانون الخدمة المدنية أولى المعارك المعلنة التى خاضها مجلس النواب ضد الحكومة، وذلك أثناء الأيام الأولى من انعقاده فى شهر يناير الماضى، بالتزامن مع نظر القوانين التى تم إصدارها منذ إصدار دستور 2014، حيث رفض البرلمان تمرير القانون بأغلبية 332 نائباً، بينما وافق 150 نائباً، وذلك بعد محاولات مستميتة من الحكومة لتمريره. واقترحت الحكومة، على لسان المستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، والدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، الاستجابة لتعديلات النواب على القانون ولكن بعد تمريره، إلا أن النواب أصروا على موقفهم ورفضوا القانون. البرلمان يتحدى الحكومة ب«رفض الخدمة المدنية».. ومطالبات بإقالة الوزراء قبل عرض برنامجها.. والنواب يحملّون الحكومة أزمة «الدولار» وتجددت أزمة قانون الخدمة المدنية بين الحكومة والبرلمان، مرة أخرى بعد رفضه بأسابيع قليلة، وذلك بعد أن اكتشف النواب استمرار العمل به حتى هذه اللحظة، وهو ما أثار غضبهم، حيث شهدت إحدى الجلسات العامة التى تم تخصيصها للبيانات العاجلة المقدمة من النواب ضد الحكومة، هجوماً حاداً من الأعضاء على الحكومة، بسبب استمرار العمل بقانون الخدمة المدنية رغم إلغائه، وتقدم النائب عمر حسانين، حينها، بسؤال لرئيس الوزراء، قائلاً: «أنا بوجه سؤال إلى رئيس الوزراء إزاى لسه الحكومة شغالة بقانون الخدمة المدنية، على الرغم من إلغائه؟، ما يعنى أن العمل به غير دستورى». وشهدت مناقشات برنامج الحكومة هجوماً آخر ضد قانون الخدمة المدنية، حيث اشتعلت مشادة كلامية حادة بلجنة النزاهة والشفافية، التى تم تشكيلها لمناقشة برنامج الحكومة، بين الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، وعدد من أعضاء اللجنة، بسبب استمرار العمل بالقانون، فضلاً عن استثناء بعض الجهات من الخضوع للقانون. «التأشيرات الوهمية» تثير غضب النواب.. و250 بياناً عاجلاً ضد الوزراء.. ومعركة مرتقبة بسبب «الموازنة العامة».. وإزالة «الحزام الأخضر» بالإسكندرية تخلق أزمة بين النواب والحكومة ومن المنتظر أن تشهد «لجنة القوى العاملة» بمجرد تشكيلها، معركة جديدة بين الحكومة والنواب بسبب «الخدمة المدنية»، وذلك أثناء مناقشة التعديلات الجديدة التى أجرتها الحكومة على القانون، تمهيداً للتصويت عليه من جديد. أما القانون الآخر الذى أشعل معركة ساخنة بين النواب والحكومة، فكان «قانون الثروة المعدنية»، الذى تمت مناقشته ضمن القوانين التى صدرت بعد دستور 2014، حيث شهد اجتماع «لجنة الاقتراحات والشكاوى» المؤقتة بمجلس النواب، فى شهر يناير الماضى، مشادة كلامية حادة بين النواب وممثلى الحكومة، خلال مناقشة «الثروة المعدنية»، الذى رفضه الأعضاء فى الجلسة العامة للبرلمان، وبدأت تفاصيل الأزمة عندما اتهم أحد ممثلى الحكومة نائباً بأنه صاحب مصلحة لرفض القانون بامتلاكه تصريح محاجر، فيما رد الأخير قائلاً: «سياستكم أدت لتفشى الفساد وتتحركون لصالح مصانع الأسمنت»، وهو ما أثار حفيظة باقى النواب، الذين وجّهوا حديثهم لممثل الحكومة قائلين: «انت حتة موظف إزاى تتكلم معانا كده؟!»، واتهموه بالعمل ضد الشعب، وإثارة المواطنين ضد النظام، إلا أن النواب فى النهاية وافقوا على تمرير القانون مع إجراء تعديلات عليه بعد إحالته للجنة المختصة بعد إقرار اللائحة الداخلية. وانتهى مجلس النواب من نظر القوانين التى تم إصدارها بعد دستور 2014، وبدأ فى مناقشة لائحته الداخلية، التى بمجرد أن انتهى منها دخل فى معركة جديدة مع الحكومة، حيث شهدت الجلسات التالية لمناقشة اللائحة هجوماً عنيفاً من جانب عدد كبير من النواب ضد الوزراء، سواء بسبب الخدمات السيئة بالمجالات المختلفة، أو حتى بسبب «التأشيرات الوهمية» التى يحصل عليها النواب أثناء الطلبات التى يتقدمون بها للوزراء، حيث اعتبر النائبان «هانى أباظة» عن حزب الوفد، و«أسامة أبوالمجد» رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، أنها تدل على عدم احترام الحكومة للنواب، وهو ما رد عليه «عبدالعال»، قائلاً: «على الحكومة أن تتعامل بجدية مع كل ما يجرى داخل هذه القاعة»، وتحدث مع رئيس الوزراء عن مشكلة التأشيرات، وأنها ستكون قابلة للتنفيذ، فرئيس الحكومة أبلغ وزراءه بذلك. واضطر الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إلى تخصيص عدد من الجلسات لمناقشة البيانات العاجلة المقدمة من النواب ضد الحكومة، التى وصل عددها إلى 250 بياناً عاجلاً، وأوضح رئيس المجلس أن «هذه البيانات العاجلة غير مستوفاة للشروط، ولكن نظراً لوجود بيانات عاجلة تتعلق بمشكلات ملحَّة للمواطنين، قرر المجلس تخصيص الجلسة لمناقشتها فى حضور ممثل الحكومة المستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، تمهيداً لإحالتها إلى الحكومة». وشهدت جلسات البيانات العاجلة تصاعد حدة الهجوم ضد الحكومة، حيث حصلت وزارة الصحة على أكبر عدد بيانات عاجلة تقدم بها النواب، ووصل الأمر إلى اندلاع مشادة كلامية حادة بين عدد من النواب، والمستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، وذلك بعد أن شن النواب هجوماً حاداً ضد وزير الصحة بسبب سوء الخدمات الطبية، حيث وصفه النائب عمرو أبواليزيد بقوله «وزير الصحة فاشل»، وهو ما اعترض عليه «العجاتى» قائلاً: «أحتج على هذا الكلام ووزير الصحة مش فاشل»، وتدخل رئيس مجلس النواب لإنهاء الأزمة بتأكيده على القيمة العلمية لوزير الصحة، وطلب حذف الكلمة الهجومية من مضبطة الجلسة. لم تتوقف المعارك بين البرلمان والحكومة على مستوى الوزراء فقط، وإنما امتدت أيضاً إلى أجهزة المدن، حيث شهدت الأيام الماضية اشتعال أزمة بين نواب الإسكندرية والحكومة، وذلك بعد إزالة الحكومة «الحزام الأخضر» بمدينة برج العرب بالإسكندرية، حيث تقدم النواب بمذكرة عاجلة إلى رئيس مجلس النواب للتدخل، خصوصاً بعد تعدى رئيس جهاز برج العرب لفظياً على النائب رزق ضيف الله، وهو ما دفع «عبدالعال» لتشكيل لجنة لإعداد تقرير عن الوضع فى برج العرب، عقد أعضاؤها اجتماعاً مع لجنة استرداد الأراضى للوصول إلى حل للأزمة. وقبل عرض برنامج الحكومة طالب النواب بإجراء تعديل وزارى يضم عدداً من الوزراء على رأسهم وزيرا «المالية والاستثمار» إضافة إلى وزيرى «الصحة والتعليم» كشرط لتجديد الثقة فى الحكومة، وهو ما تمت الاستجابة له جزئياً من جانب المهندس شريف إسماعيل، بعد إجرائه تعديلاً وزارياً يضم 10 حقائب وزارية. وعلى المستوى الاقتصادى، تسببت أزمة ارتفاع الدولار فى انتقادات واسعة من جانب النواب، خصوصاً رجال الأعمال، ضد سياسات الحكومة التى تسببت فى هذه الأزمة، وقدم النواب بيانات عاجلة ضد الحكومة، حيث شن النائب فرج عامر هجوماً ضد الحكومة، قائلاً: إن الحكومة تتحمل مسئولية ارتفاع سعر الدولار بعد سياساتها الفاشلة. كما هاجم النواب الموازنة العامة للدولة، حيث قال السيد عبدالعال، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، خلال كلمة له بإحدى الجلسات العامة إن: «العجز الموجود فى الموازنة العامة للدولة مفزع، بالإضافة إلى أن الموازنة وما جاء فيها حول الديون يؤكد أنها مرشحة للزيادة»، وهو ما ينبئ بتسبب الموازنة العامة فى أزمة جديدة مع الحكومة، خلال مناقشتها بلجنة الخطة والموازنة. وأكد نائب «التجمع» أن برنامج الحكومة لم يتطرق لآليات تحسين الاقتصاد الوطنى، مشيراً إلى أن البرنامج تجاهل كذلك آليات تنفيذ كل ما جاء فى برنامج الحكومة، كما لم يحدد مواعيد دقيقة لتنفيذ كل ما جاء من وعود فى البرنامج. أما الحلقة الأحدث من المعارك المشتعلة بين البرلمان والحكومة، فكانت خلال مناقشة برنامج الحكومة، حيث أصدرت اللجان المختصة بمناقشته تقريراً تصف فيه برنامج الحكومة ب«الإنشائى الذى لم يرق لطموحات المواطن»، وأوصت الحكومة بأن تراجع نفسها فيما قدمته للنواب خلال البرنامج. ووصلت أزمة «برنامج الحكومة» إلى تهديد نواب النوبة والبحر الأحمر بالاستقالة من مجلس النواب، بسبب اعتراضهم على سياسات الحكومة التى جاءت بالبرنامج، وتجاهلها لمشاكل دوائرهم، كما شهدت الجلسات العامة المخصصة لمناقشة برنامج الحكومة، التى وصل عدد طالبى الكلمة فيها إلى 460 نائباً، انتقادات واسعة ضد برنامج الحكومة، الأمر الذى وصل إلى تعليق حزب الحركة الوطنية موافقته على البرنامج لحين إعلان التزام الحكومة بالتوصيات التى جاءت على لسان النواب، فضلاً على رفض عدد من النواب للبرنامج من بينهم النائب هيثم الحريرى.