رسميًا.. موقع نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 علمي وأدبي (رابط مباشر الآن)    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    احتفالية كبرى بمرور 100سنة على تأسيس مدرسة (سنودس) النيل بأسيوط    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 22 سبتمبر بعد الانخفاض بالبنوك    الدفاعات الإسرائيلية تتصدى ل 15 صاروخا أطلقها حزب الله (فيديو)    الدفاعات الإسرائيلية تحاول التصدي لرشقات صاروخية أطلقها حزب الله (فيديو)    الرجاء يفوز على سمارتكس 0/2 ويصعد لمجموعات دوري أبطال أفريقيا    حسين الشحات: الأهلي في أتم الاستعداد لتحقيق السوبر الأفريقي بعد الدوري ال 44    وسام أبو علي: نسعى للتتويج بكأس السوبر الإفريقي    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري الجديد    تراجع الحرارة وأمطار.. الأرصاد تُعلن تفاصيل طقس أول أيام الخريف    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    تطورات الحالة الصحية للفنانة آثار الحكيم بعد نقلها للمستشفى    إسماعيل الليثى يتلقى عزاء نجله بإمبابة اليوم بعد دفن الجثمان بمقابر العائلة    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    نشأت الديهي: الاقتصاد المصري في المرتبة ال7 عالميًا في 2075    عيار 21 الآن واسعار الذهب اليوم في السعودية الأحد 22 سبتمبر 2024    الموزب 22 جنيهًا.. سعر الفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    عاجل.. بدء حجز وحدات سكنية بمشروع «صبا» للإسكان فوق المتوسط بمدينة 6 أكتوبر    أحمد شكري: كفة الأهلي أرجح من الزمالك في السوبر الإفريقي    خالد جلال: الأهلي يتفوق بدنيًا على الزمالك والقمة لا تحكمها الحسابات    مواجهة محتملة بين الأهلي وبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا    وزير الشباب والرياضة يشيد بحرص القيادة السياسية على تطوير المنظومة الرياضية    صيادلة المنوفية تُكرم أبنائها من حفظة القرآن الكريم    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    وزير الخارجية يلتقي مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة    الخارجية الأمريكية تطالب رعاياها بمغادرة لبنان    لقاء مع صديق قديم يوقظ مشاعر رومانسية.. تعرف على حظ برج القوس اليوم 22 سبتمبر 2024    مختارات من أشهر المؤلفات الموسيقى العالمية في حفل لتنمية المواهب بالمسرح الصغير بالأوبرا    بسمة وهبة تكشف عن سرقة "عُقد وساعات ثمينة" من الفنان أحمد سعد بعد حفل زفاف نجلها    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    «موجود في كل بيت».. علاج سحري لعلاج الإمساك في دقائق    شاهد عيان يكشف تفاصيل صادمة عن سقوط ابن المطرب إسماعيل الليثي من الطابق العاشر    أخبار × 24 ساعة.. طرح لحوم مجمدة ب195 جنيها للكيلو بالمجمعات الاستهلاكية    جثة أمام دار أيتام بمنشأة القناطر    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    أحمد موسى يوجه رسالة إلى حزب الله: «يا سيدي اضرب من أي حتة» (فيديو)    حزب الله يعلن استهداف مواقع إسرائيلية بصواريخ الكاتيوشا    "الصحة العالمية": نقص 70% من المستلزمات الطبية للمنشآت الصحية في غزة    الصين وتركيا تبحثان سبل تعزيز العلاقات    محافظ الإسماعيلية يناقش تطوير الطرق بالقنطرة غرب وفايد    رئيس شعبة بيض المائدة: بيان حماية المنافسة متسرع.. ولم يتم إحالة أحد للنيابة    خبير يكشف عن فكرة عمل توربينات سد النهضة وتأثير توقفها على المياه القادمة لمصر    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    د.حماد عبدالله يكتب: "مال اليتامى" فى مصر !!    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    مصرع طفل صدمته سيارة نقل في قنا    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 رسائل أساسية وراء إقالة وزير الداخلية
«الجماعة» أعدت تقريراً خطيراً يحذر من التنسيق المشترك بين وزارتى الدفاع والداخلية
نشر في الوطن يوم 07 - 01 - 2013

أثار قرار إقالة وزير الداخلية أحمد جمال الدين ردود أفعال غاضبة داخل جهاز الشرطة وخارجه. الأسباب معروفة والحقائق تكشف عن وجهها سافرة.. أربعة أشهر فقط هى عمر الوزير وترتيبه هو الرابع فى فترة لا تزيد على 18 شهراً منذ تعيين اللواء محمود وجدى خلفاً للعادلى مع نهاية يناير من عام 2011، وهو أيضاً الوزير الثانى الذى يجرى تغييره منذ تولى الرئيس محمد مرسى منصبه فى 30 يونيو الماضى!
سيناريو واحد وآليات مختلفة
تبدأ الحكاية بالإخوان المسلمين وتنتهى عندهم. لقد توعدوا قبل ذلك الوزير محمد إبراهيم بالويل والثبور وعظائم الأمور. هددوه داخل البرلمان، وطالبوا بعزله، حملوه مسئولية حادث بورسعيد، لكن القضية كانت أكبر من ذلك. أدرك المشير طنطاوى أن الأمر قد يفضى إلى أزمة عنيفة، وجّه الدعوة إلى رئيس مجلس الشعب د. سعد الكتاتنى، ضم الوفد نحو ثمانية أشخاص، التقينا المشير ورئيس الأركان وبعض أعضاء المجلس العسكرى فى وقت مبكر من الصباح. بدأ المشير بكلمة موجزة كان عنوانها «أوصيكم بالوزير محمد إبراهيم، إنه من أفضل وزراء الداخلية، ويبذل كل الجهد لإعادة الأمن والاستقرار. لقد واجهتموه بعنف داخل البرلمان، أتمنى أن تعيدوا النظر وأن تعطوه فرصة»!!
حاول الإخوان كثيراً، إلا أن المجلس العسكرى تمسك بالوزير، خاب ظنهم فى التعديل الوزارى الذى أجراه الجنزورى بعد إلحاح شديد، قبيل الانتخابات الرئاسية بقليل. لقد استمر اللواء محمد إبراهيم فى منصبه، ولكن بعد وصول الرئيس وتكليف هشام قنديل بمنصب رئيس الوزراء كان السؤال: كيف يتم إبعاد اللواء محمد إبراهيم الذى يدرك الإخوان مدى قوته فى الشارع وبين رجاله، فقد حقق إنجازات مهمة كوّنت له رصيداً، وسعى إلى حماية جهاز الشرطة من أى تدخل باسم التطهير تارة وإعادة الهيكلة تارة أخرى، كان يعرف الهدف، ويعرف المقصد.. ولكن: كيف السبيل لإبعاده؟! كانت الإجابة هى «استفزازه»!
عقب تكليف د. هشام قنديل بمنصب رئيس الوزراء فى الرابع والعشرين من يوليو من العام الماضى كانت جميع المعلومات تشير إلى استمرار اللواء محمد إبراهيم فى منصبه، غير أن جماعة الإخوان كان لها رأى آخر.. كان لا بد من البحث عن مبرر لإقصائه!
عندما صدر خطاب التكليف لرئيس الوزراء الجديد الذى خلف د. كمال الجنزورى راح يطلق التصريحات عن رؤيته المستقبلية، وبين هذه التصريحات اتهامه لوزارة الداخلية بالتقصير فى أداء دورها الأمنى.. !!
ساعتها لم يستطع وزير الداخلية أن يكتم غيظه، وفى أول لقاء مع رئيس الوزراء المكلف قال له أمام جمع من أعضاء حكومة د. الجنزورى التى كانت تعقد اجتماعها الأخير: كيف تتهم الأمن بالتقصير؟ هذا فيه إجحاف لدور الرجال الذين قدموا كل ما يملكون. أنت لم تكن منصفاً فى اتهامك، هذا أمر غير مقبول!
وكانت تلك هى الحجة، وتم اتخاذ القرار المنتظر بإبعاد اللواء محمد إبراهيم عن منصبه رغم مطالبة الرئيس له فى وقت سابق بضرورة الاستمرار.
كان مطلب الإقالة تلبية لرغبة جماعة الإخوان، ولكن الحجة التى استُخدمت كانت رد فعل الوزير على تصريح د. هشام قنديل.
استوعبنا الدرس
عندما تم اختيار اللواء أحمد جمال الدين مساعد الوزير ومدير الأمن العام فى هذا الوقت لقى اختياره استحساناً كبيراً داخل الوزارة وخارجها، فقد حقق نجاحات كبرى فى الأمن العام منذ اختياره، كما أنه كان يتابع ملف الأوضاع الأمنية فى سيناء، وسافر إلى هناك أكثر من مرة..!!
جاء الوزير وأمامه تجارب متعددة. قال إنه سيمضى فى استكمال الطريق الذى بدأه اللواء محمد إبراهيم، وقال كلمة نالت رضى واسعاً داخل أوساط الضباط والجنود: «لقد استوعبت الشرطة الدرس ولا عداوة بينها وبين أى فرد من المجتمع، سأكون فى ظهر كل ضابط وفرد يعمل ما دام يؤدى عمله بضمير».
ومنذ اليوم الأول ترك الوزير مكتبه، انطلق إلى الشوارع وأقسام الشرطة يتابع على الطبيعة ويتخذ القرارات الحاسمة، واجه بؤر الجريمة فى المنزلة وغيرها، راح يطارد البلطجية ويحاصر قطّاع الطرق ويقبض على تجار الأسلحة والمهربين، حقق معدلات عالية فى مواجهة الجريمة، سقط المئات من الشهداء والمصابين من رجال الشرطة لكنه كان دوماً يبث فيهم الحماس ويسابق الزمن لإعادة الأمن والاستقرار فى البلاد، كان يؤمن أنه فى تحد مع الوقت لأنه كان يعلم بحقائق الوضع الاقتصادى ويعرف أن عودة الأمن ستفتح الطريق لإنهاء الأزمة وعودة السياحة والاستثمارات.
غير أن التطورات لم تكن فى صالح خطته، فبعد أحداث السفارة الأمريكية فى سبتمبر الماضى التى جاءت على خلفية صدور فيلم يسىء للرسول «صلى الله عليه وسلم» بدأت حالة الاحتقان تعود من جديد، رفض الوزير إطلاق الرصاص وتكرار الأزمة من جديد، حاول رجاله المواجهة بقنابل الغاز المسيلة للدموع، لم يتمكنوا من الردع، مما تسبب فى وصول أعداد من المتظاهرين إلى مبنى السفارة واعتلاء أسوارها ورفع علم القاعدة على مبناها.
لقد أثار هذا الحادث ردود أفعال سلبية داخل أوساط الإدارة الأمريكية، مما دفع أوباما إلى وصف مصر بأنها دولة ليست بصديق وليست بعدو، إلا أن المهندس خيرت الشاطر، مهندس العلاقة مع الأمريكان، راح يتهم وزارة الداخلية المصرية ويحملها مسئولية وصول المتظاهرين إلى مبنى السفارة الأمريكية، وقال إن هذا الأمر لن يمر دون تحقيق!!
كان التصريح صادماً، يومها تساءل الكثيرون عن الصلاحيات الحقيقية لخيرت الشاطر التى تدفعه إلى إصدار هذا التصريح، إلا أن الأمر كان رسالة أطلقها باسم الجميع داخل الجماعة ومؤسسة الرئاسة أيضاً، بدليل أنها لم يعلَّق عليها سلباً أو إيجاباً.
بين الحلال والحرام
منذ هذا الوقت جرت محاولات التربص بالوزير أحمد جمال الدين، وتتابعت الأحداث سريعاً، بعد تفاقم الأزمة التى نجمت جراء صدور الإعلان الدستورى الرئاسى فى 21 نوفمبر الماضى. لقد تصاعدت حدة الأحداث والمظاهرات والاحتجاجات.
أدرك الوزير أن البلاد مقبلة على صدام عنيف، كان قراره منذ البداية: سوف نتحاشى الصدام قدر ما نستطيع. مع بداية التهديدات بحرق مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة بالمحافظات أرسل الوزير بوفد أمنى عالٍ إلى مكتب الإرشاد بمقر المقطم لبحث كيفية حماية المقرات. تم الاتفاق، إلا أن القوات لم تتمكن من التصدى لعمليات الاعتداء على العديد من المقرات. لم يكن باستطاعة القوات إطلاق الرصاص غير أنها بذلت الجهود على قدر المستطاع. نفس الأمر الذى تكرر مع الهجوم الحاصل على مقر حزب الوفد من أنصار الشيخ حازم أبوإسماعيل، بل إن قوات الأمن عجزت عن فض حصار المحكمة الدستورية، وتمكين قضاتها من الدخول إلى ساحة المحكمة، وهو أيضاً أمر تكرر أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وفى حصار مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
ورغم كل ذلك اعتبر الإخوان أن الشرطة تآمرت ضد مقراتها وأن الوزير طلب من رجاله عدم الصدام مع المهاجمين والتزام سياسة الحياد.. وتم تجاهل بقية المواقف!!
كان الوزير يقول لرجاله: نحن نلتزم بالحياد مع الجميع، لو اصطدمنا مع المهاجمين لمقرات الإخوان سيكون ذلك حلالاً لدى الجماعة نكافأ عليه، ولو حاولنا فض حصار المحكمة الدستورية أو مدينة الإنتاج أو تصدينا للمهاجمين لحزب الوفد فسيكون ذلك حراماً يستوجب العقاب. سياستنا هى الحياد مع الجميع!!
أحداث الاتحادية
كانت أحداث قصر الاتحادية وما بعدها هى النقطة الفاصلة. لقد ثار الرئيس وثارت الجماعة بعد قرار وزير الداخلية بسحب رجال الشرطة بعيداً عن المواجهة مع الجمهور الذى زحف ليحاصر قصر الرئاسة احتجاجاً على الإعلان الدستورى الجديد. مارس الرئيس جميع ضغوطه على الوزير للتصدى للمظاهرة السلمية، إلا أن الوزير طلب أمراً مكتوباً من الرئيس حتى لا يتحمل هو ورجاله مسئولية ما يمكن أن ينجم عن ذلك من نتائج!
مضت الأحداث إلى نهايتها، شهدت تطورات خطيرة سقط فيها نحو عشرة شهداء وأكثر من 700 جريح، رفض رجال الشرطة تلفيق الاتهامات للأبرياء، كتبوا تحرياتهم بأمانة وإخلاص، فقررت النيابة العامة الإفراج عن معظم المقبوض عليهم بوساطة المتظاهرين من جماعة الإخوان الذين بدأوا عمليات الاعتداء على مخيمات شباب الثورة أمام قصر الاتحادية!
فى هذا الوقت طالب عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة بتسليح عدد من شباب الإخوان لحماية المقرات، قُدمت طلبات بأسماء أكثر من 700 شخص للحصول على رخص أسلحة من وزارة الداخلية، إلا أن الوزير رفض مطلب الحصول الجماعى على ترخيص الأسلحة.
أدرك أن الأمر يمكن أن يمثل خطورة على أمن البلاد فطلب دراسة الحالات الواحدة تلو الأخرى، إلا أن ذلك لم يعجب قيادة الجماعة، بالضبط كما لا يعجبهم رفض الوزير لمصطلح تطهير الوزارة من الداخل، وقال لخيرت الشاطر الذى التقاه لعدة ساعات: إن إعادة الهيكلة للوزارة أمر يخص قيادة الوزارة وليس أحداً آخر.
وفى المؤتمر الصحفى الذى عقده المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فى 8 ديسمبر الماضى حرض د. محمد بديع ضد الداخلية ووزيرها بالقول إنهم تركوا المقرات فى حماية وزارة الداخلية فتم الاعتداء عليها وحُرقت فى وجودها، وقال: «طلبنا من وزير الداخلية تبريراً»!!
أما الأمين العام لجماعة الإخوان د. محمود حسين فقد حمّل هو الآخر وزارة الداخلية مسئولية اقتحام المقر الرئيسى للجماعة بالمقطم وسرقة محتوياته وتحطيمه بالكامل. وقال إن الجماعة أبلغت الوزير أنهم سيغادرون المقر وأن على الداخلية تحمل مسئوليتها فى تأمين المقر وحمايته بالكامل.
إن الأخطر من ذلك أن جماعة الإخوان اتهمت وزارة الداخلية بالاشتراك فى اعتداء المعارضين على المقرات بالمحافظات من خلال تقصيرها فى التأمين والتصدى للمتظاهرين الذين اقتحموها وعدم الدفع بقوات أمن مركزى كافية أمام المقر العام وبقية المقرات التى تم الاعتداء عليها.
أما عبدالمنعم عبدالمقصود المستشار القانونى للجماعة فقد قال إنه كلف محامين لإعداد ملفات قانونية وتقديم بلاغات لقسم المقطم ضد وزير الداخلية لاتهامه هو وجهاز الشرطة بالتقصير فى حماية المقر وتأمينه من اقتحام المعارضين.. كان ذلك إنذاراً واضحاً..!
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل كانت الطامة الكبرى فى سيناريو الهجوم على مقر الوفد الذى ستكشف الأيام عن أسماء المحرضين من خلف ستار وأسباب ذلك فى هذا الوقت تحديداً..!
أياً كان الأمر، فبعد هذا الهجوم بلحظات معدودة، كان اللواء كمال الدالى مدير مباحث الجيزة يطارد المهاجمين، وبجوار مقر الشيخ حازم أبوإسماعيل بالدقى تمكن من سحب البطاقات الشخصية لأربعة من المهاجمين، إلا أن الشيخ حازم وجّه سباباً عنيفاً للمشاركين واتهم رجال الشرطة بأنهم حثالة وماتربّوش.
وقال فى الفيديو الذى تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى: «أنا اللى ماقولتش قبل كده هاقوله دلوقت.. أنا لسه قايل لأحمد جمال فى مكتبه إنت متواطئ وبتاع الأمن الوطنى.. ده خائن هو واللى معاه». بعد ذلك وجّه الشيخ حازم الدعوة لأنصاره لمحاصرة قسم الدقى فى السابعة من مساء الأحد لإجبار وزير الداخلية على الاستقالة. وعندما أجرت الداخلية اتصالاً بالشيخ حازم للتوقف عن دعوة أنصاره لمحاصرة قسم الدقى خوفاً من وقوع الصدام قال لمحدثه: موافق ولكن لدىّ شرطين:
الأول: هو تسليمى البطاقات الشخصية للأربعة التى سحبها اللواء كمال الدالى من بعض أنصارى.
الثانى: أن تصدر الداخلية بياناً تعلن فيه أن الشيخ حازم لم يكن مقصوداً من وراء الهجوم على مكتبه. وبالفعل تم تسليم الشيخ حازم البطاقات الأربعة وصدر بيان من الداخلية صباح الأحد يقول: أكد مصدر أمنى مسئول بوزارة الداخلية أنه فى إطار جهود الوزارة بملاحقة وضبط القائمين على الاعتداء على مقر حزب الوفد بمحافظة الجيزة مساء أمس السبت فقد تم تتبع خطوط سير هروب المعتدين بمنطقة الدقى، وأثناء ذلك اشتبهت مجموعات العمل فى بعض الشباب، وأثناء فحصهم تبين أن موقع الاشتباه فيهم بالقرب من مكتب الشيخ حازم أبوإسماعيل، وهو ما أدى إلى تسريب بعض الشائعات حول استهداف شخص الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أو مكتبه على خلاف الحقيقة.
بعد هذا البيان مباشرة أعلن الشيخ حازم أن الداخلية برأته وأنه لم يطلب من أنصاره محاصرة قسم الدقى وإنما التجمع بالمسجد وفقط.. غير أن هذا البيان أصاب العديد من الضباط والجنود بحسرة شديدة.
فى السابعة من مساء ذات اليوم تجمعت عناصر محدودة من أنصار الشيخ حازم بالقرب من قسم الدقى، وسرعان ما انصرفت، بينما اتخذت الداخلية إجراءات مشددة حول القسم، كما أن وزير الداخلية أحمد جمال الدين حضر بنفسه إلى القسم لمتابعة الأحداث.
ظل الشيخ حازم على رأيه وتهديداته ورفض الاعتذار عن الشتائم الموجهة للوزير ولرجال الشرطة والتى تناولها الفيديو الذى أثار سخطاً عارماً لدى رجال الشرطة، بينما راح الشيخ حازم يتهم الداخلية بالتواطؤ فى حصار الشيخ أحمد المحلاوى إمام مسجد القائد إبراهيم وهو نفس مضمون البيان الذى أصدره حزب الحرية والعدالة بالإسكندرية متهماً فيه قيادات الأمن بالتواطؤ.. !!
كانت القضية التى أثارت جدلاً داخل أوساط الجماعة هى تلك المتعلقة بالقبض على الحارس الشخصى للمهندس خيرت الشاطر بتهمة حيازة سلاح بدون ترخيص وتقديمه للنيابة العامة التى كشفت عن حقائق خطيرة تضمنتها رسائل وصور على الموبايل الخاص للحارس فتم حبسه وجددت المحكمة حبسه ولا تزال.
لقد سعت عناصر نافذة داخل الجماعة للإفراج عن الحارس الخاص بالشاطر إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً، فراحت تحمل المسئولية لوزير الداخلية واعتبرت أن الضربة موجهة ضد خيرت الشاطر وبهدف التشهير بالجماعة واتهامها بتدريب عناصرها تحت إشراف حركة حماس فى غزة والتورط فى تهريب الأسلحة!!
عند هذا الحد، كان القرار قد اتخذ، إقالة الوزير أصبحت مطلباً ضرورياً غير أن تقريراً تم تدارسه على أعلى المستويات عجل بإبعاد الوزير فوراً.. كخطوة أولى قد تتلوها خطوات!!
الجيش والشرطة إيد واحدة
فى شهر نوفمبر الماضى وقعت حادثة فى قسم ثان القاهرة الجديدة، حيث قام عدد من ضباط وجنود بالجيش بمحاصرة قسم ثان القاهرة الجديدة على خلفية حادث شهده أحد الأكمنة وقيل إن الكمين تعرض لضابط جيش وتم الاعتداء عليه من قبل رجال الشرطة.
بعد هذا الحادث كان هناك حادث آخر بالإسكندرية عندما ترددت معلومات عن احتجاز أحد أقسام الشرطة لضابط من ضباط القوات البحرية حيث قام عدد من ضباط وجنود القوات البحرية بتفتيش القسم للإفراج عن الضابط.
كان طبيعياً فى ظل هذه الأجواء المتوترة أن يجرى وأد الفتنة فى مهدها، فدعا الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام وزير الدفاع إلى عقد لقاء بمقر القرية الأولمبية للدفاع الجوى بالتجمع الخامس يحضره وزير الداخلية وعدد من الضباط من كلا الجانبين.
وبالفعل عقد اللقاء يوم الخميس 21 نوفمبر وحضره حوالى 1500 من ضباط الجيش والشرطة.
فى هذا اللقاء تحدث الفريق السيسى وقال «علينا أن نعرف أن ما يراد بمصر لن يتحقق إلا لو استطاع الأعداء هزيمتنا نحن الجيش والشرطة وقال هناك مخططات لإيذاء الجيش على حدة، وأخرى لإيذاء الشرطة على حدة والجيش والشرطة معاً ولابد أن يكون الحرص على البلد أكبر منا جميعاً».
وخاطب الحاضرين بالقول: «أنتم تحملتم من أجل بلدكم الكثير ويجب أن ننظر إلى مصر أولاً قبل أى شىء لأننا لو انكسرنا لن تقوم لمصر قائمة»!!
أما أحمد جمال الدين وزير الداخلية، فقد قال هو الآخر «لن نسمح بأى محاولات للوقيعة بين الجيش والشرطة، البلد مستهدف وهناك من يريد إحداث الشقاق بين أهل البيت الواحد، ويعمل جاهداً على تحقيق ذلك إلا أنهم لن يفلحوا فى ذلك على الإطلاق»!!
بعد هذا اللقاء تم إزالة حالة الاحتقان التى تولدت بين الجانبين بسبب ما جرى غير أن اللقاءات تكررت، فجرى عقد لقاء يوم الاثنين 3 ديسمبر لبحث الاستعداد للاستفتاء بحضور الوزيرين وفى 11 ديسمبر، وجه وزير الداخلية الدعوة للفريق أول عبدالفتاح السيسى ولعدد من ضباط الجيش والشرطة فى النادى العام لضباط الشرطة رداً على حفل الاستقبال الذى أقامه وزير الدفاع فى وقت سابق.
وأكد اللواء أحمد جمال الدين فى كلمة أن القوات المسلحة ووزارة الداخلية هما درعا الوطن لصون أمنه والحفاظ على مقدراته وأنهما الأمل فى العبور بمصر إلى مرحلة الازدهار.
وقال الفريق أول عبدالفتاح السيسى «إن مصر تحتاج إلى الشرطة والقوات المسلحة يداً واحدة ليضربوا المثل والقدوة للجميع فى خدمة الوطن وأمنه واستقراره».
وفى 18 ديسمبر، عقد لقاء آخر بحضور الوزيرين وعدد كبير من الضباط والجنود فى قاعة المؤتمرات الكبرى بأكاديمية الشرطة وتكررت ذات المعانى والمقولات.
قلق فى الجماعة
لقد أثارت هذه اللقاءات المكثفة قلق جماعة الإخوان المسلمين ورموزها فى الحكم، فلأول مرة منذ زمن طويل يلتقى قادة الجيش والشرطة بعيداً عن رئيس الجمهورية ويتبادلون الرؤى والمواقف والكلمات التى تؤكد القواسم المشتركة ووحدة الموقف بهذا الشكل.
وقد ارتأت الجماعة:
1- أن هذه اللقاءات من شأنها إحداث تكتل موجه بين القوتين الأساسيتين فى المجتمع وهذا من شأنه أن يضعف من موقف الرئيس وقدرته على اتخاذ قرارات حاسمة فى بعض المواقف كما تزعم.
2- أن تعدد اللقاءات، ثلاثة لقاءات فى أقل من شهر واحد، قد تعدى حدود إنهاء الأزمة التى جاءت فى أعقاب حادث القاهرة الجديدة إلى تنسيق مشترك بين الجانبين فى غياب رئيس الجمهورية وهو أمر قد لا يخلو من دلالات.
3- إن اللقاءات لم تقتصر على الوزيرين بل شارك فيها مئات الضباط من الجانبين بما يخلق قوة ضغط تمتد من قمة الوزارتين إلى الضباط بمختلف مستوياتهم فى مواجهة أى أحداث.
4- إن الخطاب السياسى الصادر عن وزيرى الدفاع والداخلية فى اللقاءات التى عقدت، قدمت الجيش والشرطة على أنهما صمام الأمان فى هذا البلد دون إشارات واضحة إلى دور الرئيس فى تحقيق الأهداف التى تم طرحها وهو أمر يثير الريبة والشك لدى الجماعة ورموزها!!
وفى 19 ديسمبر نشرت صحيفة «الجريدة الكويتية» نقلاً عن مصدر مقرب يقول إن شكوكاً تزايدت لدى جماعة الإخوان بعد تكرار اللقاءات الثنائية بين وزيرى الدفاع والداخلية وتزايد التصريحات الصادرة عن المؤسسة العسكرية التى تؤكد ولاء القوات المسلحة للشعب ومطالبه المشروعة.
وقال المصدر: «إن الأزمة المكتومة خرجت للعلن بعد دعوة السيسى إلى حوار بين القوى السياسية وما تلاها من ردود أفعال مرحبة من جانب المعارضة مما دفع الرئاسة إلى ممارسة ضغوط عنيفة لإجهاض هذا الحوار».
كانت المعلومات تتردد وكانت علامات الاستفهام تطرح عن معنى هذه اللقاءات داخل صفوف الجماعة ولذلك بدأ التفكير فى كيفية إنهاء هذا التحالف والحيلولة دون الدور الذى يقوم به الفريق أول عبدالفتاح السيسى مع الشرطة وكذلك الدور الذى يسعى إلى القيام به فى جمع القوى السياسية على مائدة واحدة للحوار.
وقد نجح الإخوان فى إفشال عقد هذا الحوار رغم إفراغه من هدفه ومضمونه وقد سبب ذلك إحراجاً كبيراً لوزير الدفاع وللقوات المسلحة ثم وجه المرشد رسالة تحمل تهديداً للقوات المسلحة «عن الجنود المطيعين والذين هم بحاجة إلى قيادات رشيدة بدلاً من القيادات الفاسدة» وبدا الأمر وكأنه مطلوب خلق أزمة مع قيادة الجيش واستفزازها إلا أن وزير الدفاع فوت الفرصة وإن كان قد رد بعد ذلك بشكل غير مباشر مشيداً بالقيادات السابقة التى تحملت عبء المسئولية وصدقت فى عهدها ووعدها.. !!
أدركت قيادة الجماعة أن إبعاد وزير الدفاع عن منصبه فى هذا الوقت تحديداً أمر صعب للغاية وربما يجر مشاكل عديدة، خاصة أن الفريق السيسى لديه قبول واسع داخل أوساط الجيش ولذلك كان القرار بإبعاد اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية. فهذا يعنى ثأراً للجماعة وعقاباً لكل من لا يلتزم بتنفيذ التعليمات، وهو ثانياً يعنى إرضاء للشيخ حازم أبوإسماعيل الذى ساند الجماعة ووقف إلى جوارها كثيراً ونسق فى العديد من المواقف ومن بينها حصار مدينة الإنتاج الإعلامى والهجوم على مقر حزب الوفد وهو ثالثاً يعنى وقف وإنهاء التنسيق المشترك بين وزيرى الدفاع والداخلية اللذين ربطتهما علاقة وثيقة خلال الأسابيع الماضية تراها الجماعة خطراً عليها وعلى مخططاتها.
لكل ذلك، لم يكن هناك مناص من إقالة اللواء أحمد جمال الدين الذى جرى التمهيد له ثم نفيه ثم مفاجأة الوزير والرأى العام به وبعد القرار عمت حالة من الاستياء الشديد فى أوساط الضباط والأفراد داخل قطاع الشرطة فبدأت الدعوة لدراسة الأمر لبحث كيفية مواجهة القرار.
بقى القول أخيراً: إن القرار ستكون له تداعياته ليس فقط لأنه يرسخ لمعايير جديدة تتصادم مع مصلحة الوطن ومؤسساته لحساب الجماعة ورموزها ولكن أيضاً لأن الكيدية وتفسير الأمور بمنطق المؤامرة أصبحت تجد آذاناً صاغية لدى صناع القرار من الوزير إلى الرئيس!! وتلك هى الكارثة التى تهدد استقرار المؤسسات وأمن الوطن!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.