أى توصيف عادل للحالة التى نواجهها الآن.. أنها كارثة وجريمة تم تدبيرها بإحكام فاحتشد الإسلاميون فى الجمعية التأسيسية ليتفقوا على الدستور الذى يناسبهم وبالشكل الذى يرضيهم ثم يطرح للاستفتاء، وهم يجيدون بالطبع لعبة الحشد الشعبى للتأييد بنعم، ليصدر دستور لدولة كما يريدون وكما يحلمون وفى أحضان الإسلاميين بصرف النظر عن التوافق؛ لأنهم يتصورون أنفسهم وكلاء للشعب المصرى بأحكام الشريعة الإسلامية، وأعتقد أن ما يبدو على السطح وما هو قادم أخطر وأسوأ، وأن هناك الكثير من الأزمات التى تستحق أن نهيئ أنفسنا لها من الآن، وكلنا نعلم علم اليقين أن التيار السياسى المتأسلم بقيادة الإخوان يلعب لعبته بإتقان بالاتجار بالدين واللعب على الوتر الحساس لدى كتلة الأغلبية الصامتة التى أرهقها الفقر وأضناها الجهل. كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقاً ورفيقاً لنا، ولكنى لم أكن أتصور أن يصبح الحزن وطناً نسكنه ويسكننا.. كنت أتصور أن القهر ينتابنا أحياناً كنوبات الصرع، ولكن ما حسبت أبداً أن يفترش أرضنا وسماءنا.. لقد كتبت من قبل فى مقال لى عن الغربة أن أقصى أنواع الغربة هى أن تكون غريباً فى وطنك، هكذا شعرت وأنا أتجول فى شوارع القاهرة بعد مشاهدتى لفيلم الرعب الذى تابعته من خلال شاشة التلفاز وكان البطل هو السيد الرئيس محمد مرسى، البطل العنيف الجبار الذى يتلاعب بدماء أبناء مصر ويرش على وجوهنا الماء بعد الإغماءات التى تنتابنا من شدة الصدمة.. وكأنك يا سيدى الرئيس أمسكت بسكين حاد وفصلت رأس الوطن عن جسده.. كيف تكون القسوة حلاً حين نرى الأخ يقاتل أخاه. كيف تكون أنت يا سيدى مصدراً لاندلاع حرب أهلية بين شعبك وأهلك وعشيرتك كما تقول؟ لقد اتهمتم الحكم السابق بالقسوة والطغيان والاستبداد، وحين تحررتم منه وأمسكتم بزمام الحكم أصبحتم أشد عنفاً وأشد قسوة وأكثر طغياناً.. كيف يصبح الوطن وطنين والشعب شعبين فإن ماتت مصر متم معها وكل من قتلها كان هو القتيل، وكل قبح فيها قبح فيكم وبقلبى الجريح يا أبناء ورجال مصر أشق الثوب عن جسدى وأشكركم شكراً جزيلاً، فكل ما يطلبه الوطن منكم أن تحبوه ولو قليل القليل فهذه المرة لم يغدر بنا عدونا وإنما الغدر يأتى من بعضنا.. فأين المفر وأين السبيل.. نحن ضالعون فى الإرهاب والتنكيل واغتيال الحلم الجميل.. مشوهون نحن من الداخل ونحتاج لأزمان حتى نستعيد توازننا ونسلك سلوك الآدميين.. الكذب الرسمى يبث فى كل الموجات ولا أحد فينا ينجو من وصفات الحكم وأدوية السلطة فالحكم هو الحق دائماً.. هو الصادق دائماً.. هو الأول والأعدل وما علينا إلا أن نخضع لإرادته شاكرين رب السماء أننا ما زلنا أحياء.. والآن يا شعبى الجريح ويا وطنى الحزين خلاصة القضية أننا ما زلنا نعيش فى جلباب أبى وبروح الجاهلية وصوت الخنساء وسقيفة بنى سعدة وأبى لهب ومريم المجدلية، وعلينا أن نمشى إلى الخلف فى صفوف مستقيمة غير ملتوية، فما رأيته فى مليونية الإخوان فى الجيزة جعلنى فى حالة من الحسرة الشديدة على شعب يساق كالقطيع، يؤمر فيطيع فالطريق إلى الجنة هى إطاعة الحاكم دون تفكير ومن ليس معنا هو عدونا وعدو الله.. أيعقل هذا يا عباد الله؟ أود أن أدعو على الطغيان بالنقمة لكنى أخاف أن يقبل ربى دعوتى فتهلك أمتى.. أرى القدر على الموقد يغلى يا سيدى وبين الأخ وأخيه تترصد الأعين وتمتلئ القلوب بالحقد والضغينة.. تعبنا يا أنتم.. والله أتعبتمونا واستنفدتم كل طاقتنا وأهلكتمونا.. لم يبق فى أفواهنا كلام وقلوبنا مات فيها الإحساس وأرواحنا أصبحت تشكو من الإفلاس، فإذا ما أصبح العيش قريباً للمنايا أصبح الشعب لغماً والحكام شظايا.