الصدفة وحدها جعلتها تُصنف من أبرز المهندسين المعمارين ليس في العراق فقط بل في العالم بأسره، حين اصطحبها والداها وعمرها لا يتعدى السادسة إلى معرض خاص ب "فرانك لويد رايت" في دار الأوبرا في بغداد، لتنبهر الطفلة الصغيرة حينها زها حديد بالأشكال والأشياء التي شاهدتها، حيث كان والداها شغوفين بالمعمار. زها، التي رحلت عن عالمنا منذ قليل، سيتذكرها التاريخ بأنها تلك المرأة قوية الشخصية التي لا تعترف بالحدود، حيث جابت العالم بعزيمتها، فككت المصاعب لتصبح من رواد مدرسة معمارية قائمة بذاتها. ولدت زها محمد حديد في بغداد في 31 أكتوبر 1950، وكان والدها أحد كبار القادة السياسيين ورجال الحركة والوطنية في العراق، تلقت دراستها الابتدائية والثانوية في مدرسة الراهبات الأهلية ثم في مدرسة خاصة في سويسرا، قبل أن تنتقل إلى بيروت للدراسة في الجامعة الأمريكية، وحصلت على بكالوريوس في الرياضيات، بعد ذلك درست في الفترة ما بين 1972 و 1975 فن الهندسة المعمارية. بعد التخرج خطت خطواتها الاولى في مكتب كولهاس، أستاذها السابق الذي وصفها بأنها "كوكب يدور في مداره الخاص"، لم تظل في مكتبه طويلا، قبل أن تقوم برحلتها الخاصة عبر سلسلة من أعمالها في فن العمارة. أقامت زها حديد العديد من المعارض الدولية لأعمالها الفنية تشمل التصاميم المعمارية والرسومات واللوحات الفنية. وتميزت أعمال زها حديد باتجاهها المعماري المعروف باسم "التفكيكية" أو "التهديمية"، وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها تستخدم الحديد في تصاميمها والذي يمكنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة. وفي عام 2002 فازت بمسابقة التصميم الأساسي لمشروع "ون نورث" في سنغافورة، وفي عام 2005 فازت بمسابقة تصميم كازينو مدينة بازل في سويسرا. وتوالت إنجازاتها التي أبهرت العالم، إذ حصلت على درجة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2006. كما حصلت على جائزة "بريتزكر" المشهورة في مجال التصميم المعماري، حيث تعادل في قيمتها جائزة نوبل، وبذلك تصبح زها أول امرأة تفوز بها منذ بدايتها التي يرجع تاريخها لنحو 25 عاما، كما أنها أصغر من فاز بها سنا وكان ذلك عام 2004، لتتمكن من ولوج فن الهندسة المعمارية من أبوابها الواسعة، إضافة إلى نيلها وسام التقدير من ملكة بريطانيا. ومن أهم أعمال زها حديد محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، متحف الفن الحديث في مدينة سينسيناتي بأمريكا، مركز الفنون الحديثة في روما، معرض منطقة العقل في الألفية بلندن، جسر في أبوظبي، محطة لقطار الأنفاق في ستراسبورج، المركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، مركز للتزحلق على الجليد في انسبروك، المركز الرئيسي لشركة بي إم دابليو بألمانيا . واليوم الخميس 31 مارس 2016، قال مكتبها في بيان "بحزن كبير تؤكد شركة زها حديد للهندسة المعمارية إن زها حديد توفيت بشكل مفاجئ في ميامي هذا الصباح، حيث كانت تعاني من التهاب رئوي أصيبت به مطلع الأسبوع، وتعرضت لأزمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى".