سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محمد بديع..مرشد التمكين"من الإنشاد إلى الإرشاد" جنده تاجر الغلال عبدالفتاح إسماعيل لينضم إلى تنظيم «قطب».. ولم يجعل له السجن أنياباً حادة.. ودفع للإرشادية إنقاذاً للجماعة
بعد أن قرر حرّاس الجماعة اختياره مرشداً لهم، بعد قرار «عاكف» المتصلب بعدم الاستمرار لفترة أخرى على مقعد الإرشادية، كتب جمعة أمين منشوراً موجهاً لأسر الجماعة، وشعبها واصفاً المرشد الجديد بأنه ورع تقى صفى نقى صابر محتسب.. ولد ونشأ فى المحلة الكبرى عام 1943 لأب متدين ربّاه على حب العلم والاجتهاد، فالتحق بكلية طب بيطرى القاهرة سنة 1960 ثم تخرج فيها معيداً لكن بكلية طب بيطرى أسيوط عام 1965.. لكن هذه الأعوام شهدت تحولاً فى حياة ومصير ومسار محمد بديع. فى عام 1959 تعرف «بديع» على أحد أعضاء «الإخوان المسلمين» السوريين الحمويين، وهو الدكتور محمد سليمان النجار الذى دعاه إلى الانضمام إلى جماعة الإخوان فاقتنع الشاب الصغير وتحمّس للفكرة رغم أجواء الخوف التى كانت تثار عند ذكر كلمة «الإخوان» وقتئذ، وترك «النجار» أثره على «بديع» فى إخلاصه لدعوته وبذله الجهد والوقت من أجلها، وقد قال «بديع» عنه إنه هو الذى تابعه بالتربية والتنشئة وعلاج الثغرات وسدّ النقائص. وفى العام ذاته بدأ الشاب الصغير فى حفظ الجزء الأخير من القرآن، وبعد إتمامه رتبت له تصاريف القدر موعداً مع سيد قطب، حيث أهداه داعيته سليمان النجار الجزء الأخير من «فى ظلال القرآن» فشعر «بديع» كما يقول أن جسده قد دبّت فيه الروح، وأنه لم يذُقْ حلاوة القرآن قبل ذلك. لكن اللقاء الأهم والأخطر فى حياة «بديع» مع عبدالفتاح إسماعيل تاجر الغلال الدمياطى الذى كان يطوف الجمهورية بحكم عمله وتعرف على الطالب الطيب المتدين الذى تأثر بدعوة الإخوان والذى كان يوشك على التخرج ثم ضمه «إسماعيل» إلى التنظيم الذى أسسه وعرف بعد ذلك بتنظيم (65). سرعان ما استجاب «بديع» لدعوة عبدالفتاح إسماعيل ومحمود عبدالفتاح الشريف فقد كان عاشقاً مغرماً بكتابات «قطب» التى انهالت عليه كفتوحات ربانية عبر حميدة قطب ثم زينب الغزالى ثم هو وباقى مجموعته ليشعر بعد وأثناء قراءتها ببركان الحماسة للإسلام ينفجر داخله معلناً بجسارة استعداده لأن يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله. وسرعان ما انكشف أمر التنظيم وقبض على «بديع» وألقى فى السجن ليرى بنفسه ما كان يسمعه من إخوانه عن جحيم سجون «عبدالناصر» وليحاول أن يثبت فى مواجهة الفتنة ولا يكون من الذين فتنوا وارتدوا على أعقابهم خاسرين واجتر من وعيه ووجدانه المخزون والمتراكم من الصبر والتضحية والفداء. لم ينسَ «بديع» مرارة التعذيب وسياط الجلاد فهم «بديع» معنى مقولة قطب «هذا القرآن نزل فى جو ساخن، ولا يُفهم إلا فى الجو الساخن الذى نزل فيه». جعل السجن من «بديع» شخصاً روحانياً مع أن السجن يخلق للأفكار أنياباً حادة ويشحن الوجدان كراهية لمن وضعه خلف القضبان إلا أن «بديع» انقطع إلى الله وزادت صِلته به توهجاً وعاش مع عالم من الملائكة. قضى «بديع» 9 سنوات خلف قضبان السجون وخرج فى عام 1974 وسرعان ما اندمج فى حياته العلمية حتى حصل على ماجستير الطب البيطرى جامعة الزقازيق عام 77 وأصبح مدرساً مساعداً بها وتزوج من ابنة الحاج محمد الشناوى الذى سجن معه فى نفس القضية، وكان «الشناوى» الضابط الطيار عضواً فى النظام الخاص القديم للإخوان ورفيقاً لمصطفى مشهور. ولم يعرف ل«بديع» نشاط فى أواخر السبعينات حتى أواخر الثمانينات وهى الفترة التى شهدت بناء تنظيم الإخوان فى مصر، وهى أيضاً الفترة التى تولى فيها المرشد الثالث عمر التلمسانى الرجل الذى لم يذكره «بديع» يوماً بكلمة واحدة، لكن البعض روى لنا أن «بديع» ومعظم مجموعته لم تكُن ترضى عن أداء «التلمسانى» ولا أفكاره وكانت ترى منه رجلاً لا يفهم الدين فهماً صحيحاً، ومن المفرطين فيه وقيل أيضاً إن «بديع» كان من المقربين إلى مشهور وإلى الحاج الشناوى، وكان يعمل ضمن دائرتهم بعيداً عن «التلمسانى» لأن «التلمسانى» لم يكُن محبوباً إلى الاثنين ف«التلمسانى» كان أحد أعضاء اللجنة التى حاكمت أعضاء النظام الخاص بعد مقتل الخازندار وخرجت بإدانة ل«مشهور» ومن معه. انتقل من المحلة الكبرى إلى بنى سويف، قيل إنه دفع دفعاً مرتباً ومغرضاً إلى بنى سويف من قِبل مصطفى مشهور ورجالاته، لأن بها شخصاً كان غير خاضع لسيطرتهم وهو الحاج حسن جودة مسئول بنى سويف فى هذا الوقت، بدا أنه سيحقق فائدتين؛ الأولى: وضع المكتب الإدارى فى بنى سويف تحت أعين وسيطرة رجل يتبع «مشهور» مباشرة، والفائدة الثانية: هى الإتيان ب«بديع» ممثلاً لبنى سويف فى مكتب الإرشاد ليزيد من تكتل فريق «مشهور» ورجالاته، وهو الأمر الذى لن يتمكن «مشهور» من تحقيقه، و«بديع» ما زال فى المحلة الكبرى، وقد كان فقد مثل «بديع» فى مكتب الإرشاد بناء على تمثيله الدائرة الإدارية لبنى سويف ثم توليه مسئولية الصعيد كله، وهو أمر كان يخالف العرف الإخوانى الذى لا يحبذ أن يهبط رجل بمظلة على بلد ليس من أبنائه ثم يتولى مسئوليته وهو ليس خبيراً بعائلاته ولا تقاليده وعاداته. أخبار متعلقة: محمود عزت..الحارس الأمين محمود حسين"الغزاوى"المنكوب رشاد البيومى..الرجل"الصامت" سمات النظام الخاص مصر فى قبضة"النظام الخاص"للإخوان جمعة أمين..صانع العقل الإخوانى