فى بيت «السنانيرى» كان الاجتماع الأول لشيوخها، مطلع السبعينات من القرن الماضى، بعد أن مضى زمن «النكبة الناصرية».. كانت «الجماعة» منهكة وأصابها الكبر.. ألقى عمر التلمسانى السؤال الكبير على المجتمعين: وماذا علينا أن نفعل؟ فوجئ الرفقاء برجل النظام الخاص مصطفى مشهور يدعو لعودة «النظام الخاص»، فتعالت الهمهمات وزجره «التلمسانى» قائلاً: «هل تريد أن تعيدها جذعة يا مشهور؟»، فى إشارة منه لعودة «الجماعة» للصدام مع النظام مرة أخرى. تربى «مشهور» فى أحضان النظام الخاص القديم، وارتوى من إكسيره، فطار مهاجراً إلى أوروبا، عازماً على بناء تنظيم موازٍ بعد تمكن «التلمسانى» وطليعته من الشباب المتحمس الذى تخلى عن الجماعة الإسلامية التى انتشرت فى ساحات الجامعات حينذاك، ليجدد دم «الجماعة» المتجلط. لم يقنع هؤلاء الشباب «مشهور» يوماً، فلم يخضعوا لمناهج «الجماعة» التربوية حتى يصلوا لسُدَّة القيادة، فقرر إزاحتهم وغلّ أيديهم عن مفاصل التنظيم. وبدأت أفواج التنظيم «المشهورى» الآتية من الغرب تترى، تحمل رسائلها للعناصر «السبعينية» بأن تخلوا عن أماكنكم لإخوانكم، وعليكم السمع والطاعة.. كان من بين العائدين «الخمسة الكبار» الذين استطاعوا بمهاراتهم العالية البقاء وقهر المخالفين. رويداً رويداً سيطر «القطبيون» وحلوا بتنظيمهم الموازى بعد إزاحة التنظيم القديم ووفاة «التلمسانى»، وعممت مناهج «النظام الخاص» التربوية متمثلة فى «رسالة التعليم» التى خطها «البنا» للمجاهدين فى التنظيم السرى. ولم يبقَ فى «الإرشادية» سوى ال«الخمسة الكبار» الحاملين لتراث النظام القديم والحرّاس الأمناء على أفكار أستاذهم سيد قطب بعدما وجودا بغيتهم في ربيبهم خيرت الشاطر الذي لم يكن من جيلهم لكنه استطاع أن يحلق في سرب صقورهم بعدما استطاعوا إقصاء أبناء جيله «السبعيني» جميعاً وتهميش ما تبقي منهم... وعسكرت «الجماعة» وسادت مفاهيم السمع والطاعة والثقة فى القيادة، واندلعت ثورة يناير، ليجدوا مصر فى قبضة يدهم. فى هذا الملف نضرب فى عمق تاريخهم، معتمدين على روايات ثقات من رفقاء دربهم، ومن المتمردين عليهم، لنرسم معالم وجوههم، لنتعرف على من يحكمون مصر من داخل «قلعة المقطم» غير مكتفين ببعض كلمات سطرها عنهم موقع «الجماعة» المعتمد. أخبار متعلقة: محمود عزت..الحارس الأمين محمود حسين"الغزاوى"المنكوب رشاد البيومى..الرجل"الصامت" سمات النظام الخاص محمد بديع..مرشد التمكين"من الإنشاد إلى الإرشاد" جمعة أمين..صانع العقل الإخوانى