أتذكر عزيزي القارىء فترة جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق عندما كنا نقول أننا أمام خيارين كلاهما مر؟! أتذكر عزيزي القارىء تصريحات الدكتور محمد مرسي آنذاك عندما وعدنا بأنه سيتقي الله فينا وأنه سيكون رئيس لكل المصريين وأنه سيحقق مطالب أبناء مصر كافة دون تمييز؟ أتذكر عزيزي القارىء عندما وعدنا الرئيس مرسي بأنه في أول مائة يوم سيحقق لنا الأمن والنظافة؟ أتذكر عندما قال أنه سيعيد محاكمات قتلة المتظاهرين وأنه سيستجيب لمطالب أهالى الشهداء؟ أتذكر كل هذه الوعود؟ حسنا بما أننا تذكرنا دعنا نركز فيما حدث بعد هذه الوعود، في الأول : مماطلة، ثانيا: شو إعلامي كلف الدولة ملايين مهدرة ، ثالثا : تكريم لقتلة المتظاهرين ورموز النظام السابق، رابعا : إغراق مصر بالديون ،خامسا : تنصل من الوعود ، سادسا : " تظبيط الحبايب "، سابعا : تجاهل الشعب، ثامنا:...مهلا دعنا ننتظر قليلا عزيزي القارىء قبل أن أكمل ودعني أعتذر لك اذا كنت سببت لك دوار ودعني أفسر "واحدة واحدة" ، ماذا أعني " بالمماطلة " وهذه أولا ، أعني أنه عندما تسلم الدكتور محمد مرسي الرئاسة بدلا من أن ينجز في العمل ليحقق وعوده التي وعد بتحقيقها في أول مائة يوم ماطل وكل ما كان يفعله هو إلقاء الخطب ، وفرح الناس به وهو يشتري " البقسماط " بنفسه، وفرحنا به عندما كانوا يقولون أنه صلى صلاة التراويح في مسجد كذا أو أنه ألقى خطبة في مسجد كذا ولم ينتبه أحد أن الصلاة الواحدة يتم تأمينها وتكلف الدولة حوالي اثنان مليون جنيه من تأمين وحراسات وخلافه " شوفوا بقى الاتنين مليون جنيه دي تأكل وتحل مشاكل كام أسرة مصرية؟!"، وأقول أنه من العيب أن يستخدم انسان الصلاة والتي هي عبادة بين العبد وربه ليقنع الناس بأنه متدين أو ليكسب ثقتهم أو رياء والعياذ بالله، عندما رأيت صورة للرئيس مرسي التي نشرتها الصحف وهو يصلي بمسجد بروما وحوله عدد من الحرس الجمهوري الخاص الملتفين حوله لحمايته ويلتفون هنا وهناك والرئيس مرسي لم يكن ينظر في الأرض بل كان ناظرا للكاميرا التي التقطت الصورة وهو يصلي ومن المؤكد أن الذي التقط الصورة استأذن منه ليصوره وهو يصلي والرئيس مرسي وافق شعرت بالضيق الشديد وتذكرت الحديث القدسي " انما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، وقطع النهار في ذكري ، ولم يصر على معصيتي، ورحم المسكين وابن السبيل ، ورحم الأرملة " وهنا جعل الله تعالى شروطا لقبول الصلاة من الأخلاق والمعاملات وهي : التواضع والرحمة والتعاون ، فهل تذكرت ذلك وأنت تصلي أمام عدسات الكاميرات يا سيادة الرئيس؟؟؟. المهم أننا انشغلنا بكل ذلك وانتظرنا لنرى ماذا بعد ثم فوجئنا بتشكيل حكومة رئيسها كان مديرا لمكتب وزير الري في عهد النظام السابق ، وفوجئنا بعدد من الوزراء لا نعلم على أي أساس تم اختيارهم مثال وزير الصحة الذي كان ومازال شريكا لحاتم الجبلي وزير الصحة الأسبق والذي مات بسببه مئات المصريين عندما منع عنهم قرارات العلاج على نفقة الدولة ، وباقي الحكومة أو معظمها على هذه الشاكلة وكانت هذه الصدمة الأولى. أما الصدمة الثانية فتمثلت في كلام سيادة الرئيس مرسي الذي اختلف تماما بعد توليه كرسي الرئاسة فمثلا فوجئت بأنه في إحدى خطبه في المسجد قام سيادته بدعوة الشعب إلى الصبر وذكرهم بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم استمر 13 سنة في بداية دعوته للإسلام لأهل مكة وآمن معه نفر قليل وصبر النبي ، وهنا أريد أن أقول للرئيس مرسي أن هذا التشبيه ليس في محله بالمرة لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان مكلف من قبل الله عز وجل لدعوة الناس إلى الإسلام أما أنت يا ريس فعبد الله الذي انتخبناه ليحقق مطالبنا في عيش حرية عدالة اجتماعية وليس لتخطب فينا، ثم أن سيدنا محمد بدأ في تكوين الدولة الاسلامية عندما هاجر إلى المدينة وخلال عشر سنوات قضاها النبي في المدينة بنى الحضارة الاسلامية وكانوا مجموعة نفر قليل من البدو ثم أصبحوا أكبر أمة في ذلك العصر ولن نجد حضارة من لدن آدم إلى وقتنا هذا بنيت في عشر سنوات. واذا كان الدكتور "مرسي" يريد التشبيه فالأصح أن يشبه نفسه بفترة ولاية عمر بن عبد العزيز الذي استمر لمدة سنتين ونصف فقط وكان في نهاية عهده لم يوجد فقير واحد في بلاد المسلمين وكان لا يوجد في هذا العصر بترول ولا غاز ، عمر بن عبد العزيز كان رجل دولة استشعر الأمانة وراقب الله فيما أوكل إليه ، كان يختار ولاته بعد تدقيق شديد ومعرفة كاملة بأخلاقهم وقدراتهم أما في عهد الدكتور "مرسي" قام هو بتعيين العديد من الوزراء ورجال الدولة ممن ينتمون للنظام السابق وممن أفسدوا حياتنا السياسية والاقتصادية والصحية. وبما أننا بدأنا المقارنة فدعني عزيزي القارىء أستمر في المقارنة بين عمر بن عبد العزيز ومرسي العياط مع حفظ الألقاب للاثنين، أهم أعمال عمر بن عبد العزيز أنه بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل وأعطى الأموال والأراضي التي وهبت له ولزوجته وأولاده إلى بيت المال وطلب من بني أمية إرجاع ما أخذوه من بيت مال المسلمين بدون وجه حق ، أما عن "مرسي" فترك رجال الأعمال المستوليين على أراضي الدولة بدون وجه حق بلا حساب كما هم ومنهم من هو متهم في موقعة الجمل ومع ذلك تركهم دون حساب والأدهى من ذلك على أنه قيل كلام على أنه تمت شراكة بين أحد رجال الأعمال المتهمين في موقعة الجمل وأحد قيادات جماعة الاخوان ولم يكذّب القيادي بالجماعة هذا الخبر ولا هذه الشراكة الاقتصادية. نعود للمقارنة عمر بن عبد العزيز عزل الولاة الظالمين وعيّن بدلا منهم ولاة عرفوا بالتقوى والصلاح وحسن السيرة ، أما "مرسي" فترك الفلول في مواقعهم وعلى رأسهم صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والذي كان مديرا لمكتب عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق وكلنا نعرف أين هو الآن، ترك مرسي صفوت النحاس يظلم المصريين وسيستمر في ظلمه لهم حيث كان قد أصدر قرارا بعدم تعيين أوائل خريجي الجامعات الخاصة أسوة بزملائهم خريجي الجامعات الحكومية واستثنى أكاديمية السادات وأكاديمية الفنون " كوسة " وعندما ذهب هؤلاء الشباب إلى ديوان المظالم فوجئوا بأن ديوان المظالم ما هو إلا " سكاتة بينضحك بيها على الشعب " ولا يحلون المشاكل ولا ينظرون بها أصلا عادة قديمة المصري يشكوا والمسؤول يلقي الشكوى في الزبالة وقيل لأحدهم بالنص "هو الرئيس فاضي لمشاكلكم " وأريد أن أساله " أومال فاضي يخطب بس ؟! " وهؤلاء الشباب طلبوا طلب مشروع، طلبوا القضاء على التمييز والقضاء على الفتنة التي يريد زرعها صفوت النحاس بين شباب مصر ومرسي الذي قال أن برنامجه الانتخابي يتضمن القضاء على التمييز ترك صفوت النحاس الذي ميز بين المصريين ليتنعم في منصبه رغم الشكاوى والآلام . في عهد عمر بن عبد العزيز فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة فغلبهم بأخلاقه وعلمه حتى انصاع كثير منهم للحق، أما في عهد مرسي حزب الحرية والعدالة كل هدفه هو الاستحواذ على كل شىء ولا يرغب في أن يشاركه أحد في الحياة السياسية رغم أن شعارهم في الحملة الانتخابية كان " قوتنا في وحدتنا " ولكن قدرتهم على الإنغلاق على أنفسهم وعلى جماعتهم دلت على أن الإخوان لا يعرفون إلا الإخوان فقط. عمر بن عبد العزيز اهتم بالنواحي الاقتصادية كاستصلاح الأراضي الزراعية ، وحفر الآبار ، وشق الطرق ،وتوحيد المكاييل والموازين في جميع أنحاء الدولة الأموية ، أما في عهد "مرسي" فلم نلمس الآن أي شىء بل بالعكس تم عرض العديد من المشروعات ومنها مشروع استصلاح 8 مليون فدان ويحل المشروع مشكلة البطالة ولن يكلف الدولة شىء وقمت بإرسال رسالة مكتوبة على تليفون الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية وتجاهل الرد حتى أنني كلفت صديقا لي صحفي بالرئاسة ليبلغه الرسالة فأبلغه ولم يهتم، فأوصلت المشروع بنفسي للمهندس أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وهو الرئيس الفعلي للديوان فحولني لرئيس ديوان المظالم منصور العادلي وأخذ مني المشروع ودراسة الجدوى ولم يحدث أي شىء ولم أتلق أي رد على الإطلاق وكأن المشروع كان مصيره الحفظ بالدرج أو ممكن في سلة المهملات الله أعلم، وعودة إلى الدكتور "مرسي" أقول أن الدكتور "مرسي" أكد قبل ذلك في برنامج تليفزيوني مع الإعلامي وائل الإبراشي أثناء حملته الانتخابية أن باستطاعته توفير 200 مليار جنيه خلال أربع سنوات ثم فوجئنا به وبالحكومة يهرولون إلى البنك الدولي ليقرض مصر 4.8 مليار دولار وطبعا أكيد بشروط قد تجعل البنك الدولي يستولى على ممتلكات مهمة في مصر ناهيك عزيزي القارىء عن فوائد هذا القرض وإلى الآن لا نعرف أين أو على ماذا سينفق هذا القرض ؟! ولم نسمح للبنك الدولي بالتدخل في شأننا الاقتصادي ؟! ولم نقترض أصلا ونثقل كاهلنا بالديون ولدينا أموال طائلة مهربة للخارج ولدينا دخل من بترولنا ومن قناة السويس ؟؟ أين تذهب أموال مصر ؟! وأريد أن أسأل الرئيس محمد مرسي هل ال200 مليار التي وعدت بها شعب مصر أثناء حملتك الانتخابية كانت مجرد وعد انتخابي أم كنت تنوي جمعهم من القروض ؟!!. وأخيرا في عهد عمربن عبدالعزيز تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي وانعدمت طبقة الفقراء، وقد روى عن يحيى بن سعيد قوله " بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية فاقتضيتها وطلبت فقراء نعطيهم إياها فلم نجد فيها فقيرا ولم نجد من يأخذها منا وقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس " ،وفي عهد مرسي وأثناء مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وتصدير السولار لغزة والطاقة الكهربية للخارج طلب رئيس وزراءه من الناس ارتداء الملابس القطنية والتجمع في حجرة واحدة، وعاد بنا الزمن لأيام مبارك وحكومته عندما كان يتهم الشعب بأنه شعب مستهلك وأننا السبب في أن مصر ليست فيها موارد كافية، إنها نفس العقلية ونفس الردود حيث يدينون الفرد لكي تبدو السلطة مظلومة بحكمها لهذا الشعب، عزيزي القارىء أعدك أنني أن شاء الله سأكمل لك حديثي عن الرئيس وكتائب إبليس في حلقات قادمة إن شاء الله لأنني أشعر أنه يكفينا أن نمعن التفكير أنا وأنت فيما ورد في هذه الحلقة ثم نستكمل على خير باذن الله.